بفضل التكنولوجيا الرقمية، سنستخدم في المستقبل طاقة أكثر ذكاء وأوسع انتشارا بل ويصعب التنبؤ بنتائجها، ومن بين التغيرات الكبيرة المتوقعة القدرة على تشغيل أصول الطاقة بأكبر قدر من المرونة.
ذلك ما تركز عليه أوتوجريد (AutoGrid) وهي شركة ناشئة استثمرت فيها شركة توتال في الآونة الأخيرة، وعرضت الشركة الفرنسية رؤيتها في تقرير نشره (سي.إن.بي.سي).
حصة توتال في الشركة الناشئة لا تتيح لها استخدام التكنولوجيا الرقمية في قطاع الطاقة الآن فحسب، بل تساعدها كذلك على إنتاج طاقة أفضل في المستقبل.
قد يحتاج الإنترنت إلى الطاقة، فهو الآن يستهلك ما يقدر 2 بالمائة من إجمالي الكهرباء المولدة عالميا، لكن الطاقة تحتاج إلى الإنترنت أيضا.
الضغوط الناجمة عن الاحتباس الحراري وشح موارد الوقود الأحفوري التي صارت أكثر ندرة من أي وقت مضى وشتى أنواع التلوث والانبعاثات، كلها عوامل ترسم حاليا ملامح الطاقة في المستقبل.
تلك الملامح أبرزها توفير الطاقة وكفاءة استهلاكها – استهلاك أكثر ذكاء واقتصادا إذا صح التعبير – واستمداد المزيد من الطاقة من مصادرها المتجددة.
كل ذلك مع الأخذ في الاعتبار أن تقرير "سيناريو 450" لوكالة الطاقة الدولية لا يزال يفترض مزيجا من الطاقة أغلبه من الوقود الأحفوري في 2050.
تحدي الطاقة يتطلب قاعدة بيانات ضخمة
- الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 100 بالمائة، على الأقل عالميا، لن يتحقق في وقت قريب، لكن التوقعات تشير إلى أن إدارة إمدادات الطاقة العالمية التي تتغيرسريعا ستتحسن بتحسين أدائها اليومي بطريقة لا يمكن أن يدعمها إلا التكنولوجيا الرقمية.
- أفضل مثال على ذلك الشبكات الذكية التي توازن بين العرض والطلب على الطاقة بكفاءة أكبر، بقدر ما تقتضي الحاجة، باستخدام الموارد الأنسب للغرض.
- زيادة الكفاءة سيتطلب أيضا قاعدة كبيرة للبيانات، وهو ما يعني جمع ومعالجة سيل من البيانات الفورية عبر الاتصال بين أدوات شديدة التباين في كثير من الأحيان واستخدامها في إدارة وتشغيل الشبكات بكفاءة أكبر.
طاقة أكثر ذكاء
- هذا هو اختصاص شركة (أوتوجريد)، وقد استثمرت توتال إنرجي فينتشرز، ذراع رؤوس الأموال المخاطرة للشركات التابعة للمجموعة، في الشركة الناشئة التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها في صيف 2016.
- تعتمد حلول الشركة الناشئة على ثلاثة محاور للخبرة والمعرفة الفنية، أولها جمع ومعالجة فيضان من البيانات عن أدوات شديدة التباين مثل وحدات الإنتاج والتخزين والاستهلاك.
- هذه الأدوات تشمل اللوحات الشمسية وتوربينات الرياح والمضخات والترموستات والبطاريات المستخدمة في أنواع مختلفة من السيارات الكهربائية، وتلك التكنولوجيا تنطبق على جميع أنواع الطاقة سواء المستمدة من الوقود الأحفوري أو المصادر المتجددة.
- المحور الثاني أنه عقب جمع البيانات الضخمة المتدفقة باستمرار وربطها عن طريق قاعدة بيانات، تطور أوتوجريد خوارزميات لمعالجتها، ووظيفتها النهائية هي التنبؤ بأداء الموارد ومواطن ضعفها وتقدير الاحتياجات والاستهلاك والقدر المتوافر.
- تأتي بعد ذلك مرحلة تحسين أصول الطاقة وإدارتها، أو بمعنى آخر استيعاب الخصائص الفنية والهيكلية لكل أداة من الأدوات المتصلة والتحكم في الأدوات إلى أبعد حد ممكن والاستفادة القصوى من مرونتها.
- أخيرا، يمكن لعملاء أوتوجريد اختيار إدارة أصولهم بناء على نشاطهم ونوع القاعدة التكنولوجية لديهم.
سوق قيمتها 26 مليار دولار سنويا
- لا شك أن إمكانات السوق ضخمة، فيقول أميت نارايان الرئيس التنفيذي لأوتوجريد: "هناك سوق قيمتها 26 مليار دولار سنويا على مستوى العالم لتحقيق التوازن بين العرض والطلب على شبكات الكهرباء المعقدة والديناميكية".
- غير أن الأسواق تختلف من واحدة لأخرى، والشركات المشغلة منها الشركات العامة المحتكرة للسوق وكثير منها شركات خاصة، وقد تسمح القواعد التنظيمية الوطنية أو لا تسمح بالتربح من أصول الطاقة مثل الألواح الكهروضوئية المملوكة ملكية خاصة.
- هذا الوضع يعني أن أوتوجريد تحتاج إلى حل مخصص لكل سوق أو عميل، ومن ثم يجب على الشركة الناشئة تحديد الاحتياجات والإلمام بالمناخ التقني والقانوني والتجاري للعميل.
- كما ينبغي لها أن توفر أفضل الحلول الممكنة التي تصلح للتطبيق على الصعيد العالمي لتجنب الاضطرار إلى تطوير نسخة جديدة كل مرة وتكبد تكاليف إضافية.
تحقيق التوازن بين العرض والطلب عبر الاستجابة الذكية للطلب
- عندما يكون العرض والطلب على الكهرباء على غير ما يرام، كما هو الحال في ساعات الذروة في موجات البرد أو الحر، فإن مديري الشبكات قد يطلبون من المستخدمين النهائيين سواء الأفراد أو الشركات أن يتطوعوا بخفض استهلاكهم، وهذا ما يطلق عليه اسم الاستجابة للطلب.
- تقلص الاستجابة للطلب الحاجة للجوء إلى محطات الكهرباء العاملة بالغاز أو زيت الوقود أو الفحم، التي تمتاز بسرعة التشغيل لكنها أكثر تلويثا للبيئة وإصدارا للانبعاثات الكربونية، أو تغني عنها تماما.
- الطريقة المعتادة في إدارة الاستجابة للطلب هي مطالبة المستخدمين بتقليص الاستهلاك وربما بإيقاف تشغيل بعض معدات الإنتاج على سبيل المثال أو حتى دعوتهم إلى استخدام المولدات.
- إلا أن هناك حلا آخر أتاحته تقنيات كتلك التي اقترحتها أوتوجريد يحقق التوازن في الاستهلاك من خلال الإدارة الذكية.
- على سبيل المثال يمكن إغلاق أجهزة التدفئة في المنازل لمدة 10 دقائق دون التأثير كثيرا على راحة المستخدم.
- في الصناعات، يمكن التحكم في المضخات أو أنظمة تكييف الهواء أو البطاريات – سواء بإيقافها أو إعادة تشغيلها – بنفس الطريقة دون التأثير على كفاءة الموقع أو سلامته.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}