نبض أرقام
05:18
توقيت مكة المكرمة

2024/08/09
2024/08/08

كيف تؤثر احتياطيات الدول من الذهب على اقتصاداتها؟

2017/05/02 أرقام

ربما يتساءل البعض عن السبب الذي قد يدفع أي حكومة إلى امتلاك الذهب، وما مدى أهمية ذلك بالنسبة لها.

وللوهلة الأولى قد يعتقد أحدهم أن جميع الحكومات تتسابق من أجل امتلاك الذهب بكل الوسائل، ولكن الحقيقة ربما تكون مختلفة بعض الشيء.

يعتبر الذهب واحداً من الأصول التاريخية المهمة بالنسبة للحكومات والأفراد، وذلك بسبب مواصفاته الكيميائية الفريدة التي جعلته غير قادر على التفاعل مع أي عنصر بما في ذلك الأحماض، وهو ما أهله ليصبح مخزناً للقيمة.



ومع ذلك تغير هذا النمط في القرن العشرين، حيث بدأت جميع الحكومات متمثلة في مصارفها المركزية في الاحتفاظ بقدر كبير من الاحتياطي في شكل محفظة متنوعة من العملات الأجنبية والسندات الحكومية الأجنبية، فضلاً عن المعادن النفيسة.

وفي مفارقة غريبة، تركز جميع البحوث والمقالات المنشورة بشكل كبير على كمية الذهب المملوكة من قبل الحكومات، بغض النظر عن ما تملثه تلك الكمية من إجمالي الاحتياطيات.

ويركز هذا البحث الذي نشره موقع "commodity trade mantra" على نسبة الذهب مقارنة مع الاحتياطيات الإجمالية لدى الدول، وهو الأمر الذي سيعكس إلى حد كبير المنظور السياسي والاقتصادي لصانعي السياسات في تلك البلدان.

ويقسم البحث علاقة الدول باحتياطياتها من الذهب إلى مجموعتين، الأولى هي بلدان ذات سياسات توسعية تجاه الذهب، والثانية هي دول تنتهج سياسات انكماشية تجاه المعدن النفيس.

عصر "معيار الذهب"

- دون خوض عميق في التاريخ، أنشأ بنك إنجلترا في عام 1694 نظاما يسمى "معيار الذهب"، وبناءً على هذا النظام يكون بمقدور أي شخص استبدال العملة النقدية بالذهب متى أراد ذلك، حيث إن العملة الورقية تكون قيمتها ذهبا.

 

- أسهم معدل التضخم المتصاعد في جعل المواطنين يشكون في قدرة البنوك المركزية على تغطية قيمة الأوراق النقدية ذهباً، ونتيجة لذلك بدأ المضاربون في بيع العملات ومبادلتها بالذهب.

 

- أدى هذا الشكل من أشكال المضاربة إلى استنزاف احتياطيات البنوك المركزية من الذهب، وفي مقدمتها بنك إنجلترا،  في حين اضطرت البلدان الصغيرة إلى رفع أسعار الفائدة بعد ارتفاع أسعارها في الخارج، وإلا وجدت نفسها عرضة لخسائر فادحة.

 

- أثناء الحرب العالمية الأولى، علقت جميع الدول العمل بـ"معيار الذهب" وذلك باستثناء الولايات المتحدة، وبحلول نهاية الحرب بذلت البنوك المركزية جهوداً واسعة لإعادة تشكيل النظام.

 

- بسبب افتقار "معيار الذهب" إلى الدعم السياسي والأيديولوجي، بدأت البنوك المركزية في إعادة تقييم سياساتها، وخاصة بعد الكساد العظيم في الثلاثينيات، وقد أدخل الرئيس الأمريكي "روزفلت" تعديلات مهمة على النظام.

بلدان تنتهج سياسات توسعية تجاه الذهب

الولايات المتحدة


- بعد أن تحطمت الأسواق في عام 1929، تركت المملكة المتحدة "معيار الذهب" عقب الهجمات المتكررة التي قام بها المضاربون، وبدأت في تعويم الإسترليني، محاولة تحديد قيمته من خلال قوى السوق، وهي الخطوة التي دفعت بلدانا أخرى إلى التشكك في كفاءة "معيار الذهب" لتبدأ في التخلي عنه الواحدة تلو الأخرى.

 

- مع انهيار الجنيه الإسترليني مقابل الذهب، بدأ المضاربون يركزون على الاحتياطيات الأمريكية من الذهب، حيث إن الولايات المتحدة رفضت في ذلك الوقت التخلي عن "معيار الذهب".

- استجابة لضغوط حكومية، قام الفيدرالي بتأسيس اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) بهدف زيادة المعروض من خلال خفض أسعار الفائدة على السندات الحكومية وسندات الشركات.



- في نهاية المطاف أدرك أعضاء الفيدرالي والحكومة الأمريكية أنهم ليسوا على الطريق الصحيح وأن عليهم تغيير شيء ما، أدركوا لاحقاً أنه معيار الذهب، والذي كان يعتبر النقطة المحورية بالنسبة للسياسة المالية، وأنه لا يمكنهم تغيير أي شيء دون مراجعة ذلك النظام.

 

- قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في عام 1944، وقعت حكومات الدول الكبرى اتفاق "بريتون وودز" الذي نص على أن أسعار العملات تكون ثابتة بالنسبة للدولار بدلاً من الذهب.

 

- منذ ذلك الحين أصبح الدولار الأمريكي هو العملة الوحيدة التي يمكن تحويلها للذهب بسعر ثابت قدره 38 دولاراً للأوقية.

 

- لكن في عام 1971 انتهى دور الذهب في السياسة المالية، بعد أن قرر الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" فك الارتباط بين الدولار والذهب، واعتمد نظام "البترودولار".

 

- بداية من ذلك التاريخ، حلت أسعار الفائدة محل الذهب، وأصبحت هي النقطة المحورية في السياسة المالية.

 

- تمتلك الولايات المتحدة أكبر احتياطي من الذهب في العالم، والذي يقدر بنحو 8133.5 طن، تشكل 74% من القيمة الإجمالية للاحتياطيات الأمريكية، وذلك وفقاً لبيانات "مجلس الذهب العالمي".

الدول الأوروبية باستخدام اليورو

- على غرار السياسة الأمريكية، يعتبر اليورو أحد أعمدة الاقتصاد العالمي، وعلى الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي يحتفظ بحوالي 504 أطنان من الذهب، وهو ما يمثل 26% من القيمة الإجمالية لاحتياطياته، إلا أن أعضاء الاتحاد الأوروبي يحتفظون باحتياطيات منفصلة من الذهب.

 

- تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية، مع احتياطي من الذهب يقدر بنحو 3377 طنا، تمثل 68% من قيمة احتياطياتها، تليها إيطاليا مع 2451 طن تمثل 67.8% من الاحتياطيات.

 

- قبرص لا تحتفظ سوى بـ33 طناً من الذهب ولكنها على الرغم من ذلك تمثل 64.1% من إجمالي احتياطياتها، في حين أن فرنسا تحتفظ بحوالي 2435 طنا تمثل 63.8% من الاحتياطيات.

 

- احتفاظ البلدان الأوروبية بكميات كبيرة من الذهب تشكل الجزء الأكبر من القيمة الإجمالية لاحتياطياتها، هو انعكاس لإدراكها حقيقة أن أي بلد في العالم يجب أن يمتلك احتياطيات من المعدن الأصفر تمكنه من السيطرة على عملته واقتصاده.

دول تتقلص احتياطياتها من الذهب

المملكة المتحدة:


- على الوجه الآخر من العملة، يبدو أن بعض الاقتصادات المتقدمة لديها وجهة نظر أخرى مختلفة عن بقية أوروبا حول الذهب.

 

- في 7 مايو/أيار عام 1999 قررت المملكة المتحدة بيع جزء كبير من احتياطي الذهب لديها خلال فترة قصيرة، واستبدال قيمته بسلة من العملات شملت العملة الجديدة في ذلك الوقت "اليورو".

 

- انخفض احتياطي المملكة المتحدة من الذهب من 590 طنا في عام 1999 إلى 310 أطنان اليوم، وهو ما يمثل 8.6% من القيمة الإجمالية للاحتياطيات البريطانية.

- على خطى المملكة المتحدة، بدأت نيوزيلندا في التخلي عن احتياطياتها من الذهب، بينما قررت كندا التي اعتمدت "معيار الذهب" في عام 1853 بيع احتياطي الذهب لديها في عام 1999.

 

- الأسباب الاقتصادية التي دفعت كلا من نيوزيلندا وكندا إلى التخلص من احتياطياتهما من الذهب لتصل نسبتها الحالية إلى القيمة الإجمالية للاحتياطي لـ 0% لا تزال غير واضحة.

الصين وروسيا

- كانت الصين هي آخر بلد انضم إلى نظام "معيار الذهب"، وذلك في السنوات الأولى من القرن العشرين، لتتخلى في ذلك الوقت عن قاعدة الفضة.

 

- تحتل الصين المرتبة الخامسة في ترتيب الدول صاحبة أكبر احتياطيات من الذهب في العالم، مع 1842 طنا تمثل 2.6% فقط من احتياطياتها الإجمالية.

 

- روسيا أيضاً تعتبر واحدة من البلدان التي تقلل اعتمادها على الذهب بشكل تدريجي، حيث تحتفظ بحوالي 1645 طنا تمثل 16% من إجمالي احتياطياتها، وذلك على الرغم من الشكوك المحيطة حول تلك الأرقام، حيث إن المركزي الروسي يُظهر أرقاما مختلفة عن تلك التي ينشرها مجلس الذهب العالمي.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة