تكتظ مدينة حضرية مثل برلين في هذه الأيام بالسكان والمنازل التي تغيرت أنماطها عما كانت عليه قبل عقود، مع زيادة مطردة في أعداد الوافدين من أجل تدشين الأعمال لا سيما الشركات التكنولوجية والمطاعم النباتية.
وأصبحت برلين مثلًا يجسد التحول الذي طرأ على المدن الكبرى في العالم المتقدم خلال الربع قرن الماضي، وهي حقبة من التطور قد لا تنتهي قريبًا، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
وغدت مدن مثل نيويورك وطوكيو ليست فقط مكتظة بالسكان والزوار فحسب، وإنما فاق الازدحام بهما المعدلات الطبيعية والقدرة الاستيعابية الممكنة ربما، بينما من المرجح أن تكون المدينة الخاطفة للأنظار خلال الربع القرن المقبل أصغر بكثير.
نفور الشباب من المدن الكبرى
- البعض ادعى أن الأعداد الزائدة في المدن الكبرى ستتناقص، لكن ذلك قد يكون غير صحيح، فمثلًا مقابل كل شخص يغادر لندن قبل عمر الثانية والثلاثين لعدم قدرته على العيش بها هناك 1.1 وافد جديد.
- تواصل ارتفاع سعر سلعة ما، يدفع العملاء مباشرة للتوجه نحو مصدر آخر للحصول عليها، لذا أصبحت المدن الكبرى مكانًا مثاليًا لاستهلاك ثروات كبار السن، لكنها طبعا لا تمكن الشباب من تحقيق ثرواتهم الخاصة.
- أجرى الأكاديميان "جويل كوتكين" و"مايكل شايرز" مسحًا لمجلة "فوربس" وجدوا خلاله أن الأمريكيين المولوديين في الولايات المتحدة يغادرون المدن الكبيرة إلى أماكن أصغر يتراوح تعدادها السكاني بين 500 ألف نسمة إلى مليون نسمة.
- الوجهات المقصودة هي الأرخص طبعًا، والتي يقطنها عادة أعداد كبيرة من طلبة الجامعات وعادة يفضل تلك القريبة من المطارات الكبيرة مثل مدينة بروفو فييوتا.
- تعد هذه المدينة واحدة من المدن التي تحتوي على أفضل الوظائف بالولايات المتحدة خلال عام 2017، وبطبيعة الحال ارتفع متوسط سعر المنازل بها، لكنه لا يزال عند 258 ألف دولار فقط.
خفوت المدن الكبرى
- الاتجاه المرصود مؤخرًا في الولايات المتحدة يتكرر على المستوى العالمي بينما المدن الكبرى يبدو أنها أوشكت على بلوغ ذروتها السكانية، ومدن مثل بريستول وبوردو ولوكسمبورج هي نسخة أوروبية من تجربة بروفو.
- تتوقع حكومة نيويورك تباطؤ النمو السكاني للولاية إلى 9.5% خلال الفترة من عام 2010 حتى 2040، انخفاضًا من 16.6% خلال الفترة من 1980 حتى 2010.
- حذرت لجنة التخطيط التابعة لمجلس لندن من افتقار المدينة للمساحات الشاغرة للوافدين الجدد، بينما بلغت تكلفة الحصول على مكتب لشركة ناشئة في العاصمة البريطانية أعلى سعر على مستوى العالم.
- في طوكيو التي تعد أكبر مدينة في العالم إذ يقيم بها 38 مليون نسمة، من المتوقع أن يبدأ التعداد السكان في التناقص بدءًا من عام 2020.
- يتوقع بنك "مورجان ستانلي" نمو المدن الصينية الصغيرة بوتيرة أفضل من المدن الكبرى حتى عام 2030، وعلى الصعيد العالمي من المتوقع نمو أسرع للمدن الصغيرة والمتوسطة، وفقًا لمجالة "ناتشر".
أسباب النفور والضعف
- يرجع التغير المتوقع بشكل كبير إلى أن المدن الكبرى وقعت ضحية نجاحها والغيرة الداخلية، فمثلًا تصويت "بريكست" سواء كان عن عمد أم لا سيقوض مدينة لندن، بعدما كانت مركزًا ماليًا عالميًا لا مثيل له.
- في مثال آخر، تطارد إدارة "ترامب" المهاجرين غير الشرعيين الذين يشغلون وظائف بسيطة لكنها تحافظ على كمال المدن الكبرى في الولايات المتحدة، مثل عمال تنظيف الأواني في المطاعم والفنادق والمربيات.
- الإرهاب أيضًا أحد الأسباب التي تدفع الناس بعيدًا عن المدن الكبيرة، ليس خوفًا على سلامتهم، لكن بسبب الإجراءات الاحترازية التي تتخذ للتصدي للإرهاب مثل عمليات التفتيش المرهقة على مداخل أماكن الترفيه والمراكز التجارية.
- منذ الثمانينيات وهناك جدال حول انتقال العاملين بالصناعات الإبداعية إلى المدن الكبرى ولو جزئيًا ليتلاقوا، وقال عمدة نيويورك السابق "مايكل بلومبرج" إن المدينة التي ترغب في استقطاب المبدعين عليها توفير أرض خصبة للابتكارات.
- يرى الفيلسوف والأستاذ بجامعة ستانفورد "هانز أولريش غومبريشت" أن أفضل مكان الآن لترتيب الأفكار وتطويرها هو البلدات والمدن الصغيرة، والتي تتحلى بالهدوء الكافي للسماح بانطلاق العقل نحو الابتكار والإبداع.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}