نبض أرقام
14:30
توقيت مكة المكرمة

2024/07/23

لماذا لم تغير الكهرباء القطاع الصناعي بشكل فوري؟ وما الشبه بينها وبين الإنترنت والحواسيب؟

2017/08/22 أرقام

تمكنت شركات مثل "Boo.com" و"WebVan" و"eToys" خلال فقاعة دوت كوم، من جمع مبالغ طائلة على خلفية التعهد بأن الشبكة العالمية للإنترنت ستغير كل شيء وطبعًا كل ذلك تلاشى مع انهيار الأسواق في ربيع عام 2000.

 

من ناحية أخرى، شكك اقتصاديون لفترة طويلة بشأن الوعود حيال صناعة الحواسيب، ففي عام 1987 وقبل ظهور شبكة الإنترنت كانت جداول وقواعد البيانات تنتشر في الشركات وأماكن العمل بفضل الحواسيب، لكن دون تأثير يذكر.

 

وقال المفكر الاقتصادي البارز "روبرت سولو": يمكنك رؤية عصير الحواسيب في كل شيء إلا في إحصاءات الإنتاجية، ورغم أنه ليس من السهل تتبع الأثر الاقتصادي العام للابتكار لكن مقياس إجمالي عامل الإنتاجية كاف.

 

وعندما يتزايد نمو هذا العامل فإن ذلك يعني أن الاقتصاد يضغط بطريقة أو بأخرى لتحقيق إنتاج أكبر باستخدام المدخلات المتوافرة مثل الآلات والعمال والتعليم، بحسب تقرير لـ"بي بي سي".

 

مفارقة الإنتاجية



- كان نمو الإنتاجية في الثمانينيات بالتزامن مع كتابات "سولو" عند أبطأ وتيرة له منذ عقود، حتى أنه كان أبطأ من معدل النمو المسجل خلال الكساد العظيم، وظلت الإنتاجية راكدة بينما التكنولوجيا آخذة في الازدهار.

- لذلك وصفت هذه الحالة بـ"مفارقة الإنتاجية" من قبل الاقتصاديين، لكن للحصول على بعض الإشارات المساعدة في الإلمام بهذه الظاهرة، يجب العودة لنحو 100 عام سابقة، عند ظهور تقنية حديثة أخرى مخيبة للآمال مثل "الكهرباء".

- عند التوصل لهذا الابتكار، استثمرت بعض الشركات في مولدات الكهرباء والمحركات وعملت على تزويد أماكن العمل بها، مع ذلك لم ترتفع الإنتاجية كما كان متوقعًا.

- كانت إمكانات الكهرباء واضحة منذ البداية، حيث طور "توماس إديسون" و"جوزيف سوان" بشكل مستقل المصابيح القابلة للاستخدام في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وفي 1881 بنيت محطات لتوليد الكهرباء في لندن.

- وبعد عام بدأ بيع الكهرباء كسلعة، ثم بدأت المحركات الكهربائية في تدوير آلات الصناعة بعد عام آخر، لكن بحلول عام 1900، كان 5% فقط من طاقة المحركات الميكانيكية في المصانع الأمريكية مستمدة من الكهرباء.

بطء استيعاب المنافع



- في المصانع، اعتمدت الطاقة الميكانيكية على محرك واحد ضخم يعمل بالبخار والذي عادة ما كان بمقدوره تشغيل المصنع كاملًا، وفي بعض الأحيان يمكن أن يمد محيط المنشأة الرئيسية وحتى مبان أخرى بالطاقة.

- كان بإمكان هذا النمط أيضًا نقل الطاقة إلى الطوابق العليا بشكل عمودي، كما كان آمنًا بفضل عمليات التشحيم المستمر للمكونات المسؤولة عن نقل الطاقة مثل المطارق والمكابس الضخمة، والتي نادرًا ما تعطلت وأربكت الإنتاج.

- لكن هذه الآلات الميكانيكية لتوليد ونقل الطاقة كانت دومًا تخلف الغبار والشحوم الفائضة، وكثيرًا ما عرضت العمال لمخاطر الإصابة في الأذرع أو الأقدام أو حتى الانجراف بشكل كامل أسفل أجزائها الحادة والثقيلة.

- استبدل بعض أصحاب المصانع المحركات البخارية من خلال أخرى كهربائية للاستفادة من نظافتها في توليد الطاقة، لكن نظرًا للاستثمار الضخم اللازم لهذا التحول، فإنهم كثيرًا ما شعروا بخيبة أمل إزاء تحقيق الوفورات المالية.

- حتى العام 1910 تقريبًا، ظل رجال الأعمال يتأملون نظام المحرك الكهربائي الجديد بخجل وفضلوا بشكل كبير الاعتماد على الأنظمة البخارية القديمة.

الأثر الثوري



- بغية الاستفادة من الكهرباء توجب على أصحاب المصانع التفكير خارج الصندوق، فعلى سبيل المثال كان بمقدورهم استخدام المحركات الكهربائية بنفس الطريقة التي استخدموا بها محركات البخار، بما يتناسب مع هيئة وبنيان أعمالهم القائمة.

- لكن المحركات الكهربائية يمكن أن تفعل أكثر من ذلك بكثير، فكان بإمكانها تمرير الطاقة في الوقت وإلى الموضع المرغوب، وبينما كانت المحركات البخارية الأصغر أقل فاعلية، كانت نظيرتها الكهربائية أفضل كثيرًا.

- لذا احتوت المصانع على محركات كهربائية عديدة صغيرة الحجم، ليشغل كل منها أحد أجزاء خط الإنتاج، ومع التطور التكنولوجي أصبحت كل مرحلة في عملية الإنتاج مزودة بمحركها الكهربائي الخاص.

- في الوقت الذي كان ينبغي على المصانع التي تعمل بالبخار أن تكون قوية البنيان لتحمل القضبان الحديدية والمكابس الضخمة لتوليد ونقل الطاقة، وفرت الكهرباء ذلك دون حاجة سوى لبضعة أسلاك.

- كانت المصانع القديمة مظلمة ومعبأة بالغبار، لكن الكهرباء أفرزت مفهومًا جديدًا تنتشر فيه النوافذ التي تسمح بدخول ضوء الشمس والهواء، وبدلًا من تحكم قوة البخار في وتيرة الإنتاج أصبح العمال هم من يفعلون ذلك.

إنجاز متأخر



- ارتفع متوسط الأجور وأصبح توظيف الموظفين يدور حول الجودة بشكل أكبر، واستفاد العمال من قدرات التحكم الذاتي التي وفرتها الكهرباء، ونمت إنتاجية التصنيع في الولايات المتحدة بشكل غير مسبوق خلال العشرينيات.

- يعود الفضل بشكل رئيسي لهذه التقنية التي طورت قبل 50 عامًا ولم يعي المصنعون آنذاك كيفية تسخيرها لصالحهم، وهو ما يجعل نظرية "سولو" محط تقييم مرة أخرى.

- بحلول عام 2000، أي بعد 50 عامًا على إنتاج أول حاسوب، بدأت الإنتاجية في التزايد شيئا ما، وذلك عندما أظهرت الأبحاث أن الشركات استثمرت في الحواسيب ولم تكون العوائد ذات قيمة كبيرة في الماضي.

- يرجع هذا التأخر أيضًا لرغبة الشركات في إعادة تنظيم نفسها للاستفادة من الحواسيب والمزايا التي توفرها، وذلك يعني بشكل أساسي اعتماد أكبر على اللامركزية والاستعانة بأطراف خارجية، وتبسيط سلاسل التوريد.

- عندما انفجرت فقاعة "دوت كوم" كان عمر الإنترنت عقدا من الزمان، وتمامًا كما كان الحال عندما أتمت المحركات والمولدات الكهربائية عامها العاشر كان أصحاب المصانع لا يزالون متمسكين بالبخار بينما التغيرات الكبيرة كانت قادمة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة