في أوقات الأزمات عندما يكون الاستثمار منخفض والبطالة مرتفعة، ينبغي على البنك المركزي أن يوفر الأموال ويتبادلها في مقابل الأصول المالية.
فإذا كان شراء السندات الحكومية لا يحقق ذلك، فيمكن للبنك شراء جميع أنواع الأصول الأخرى مثل السندات المدعومة بالرهن العقاري والأسهم والعقارات، حتى ينتعش الاقتصاد مجدداً.
وتسمى هذه الفكرة "بالنظرية النقدية" التي طبقها "ميلتون فريدمان"، وترتبط أيضاً مع المدرسة الفكرية "الكينزية الجديدة"، وهذا ما يوضحه تقرير لـ "بلومبرج".
من أين بدأت الفكرة؟
- عندما كانت اليابان في حالة ركود طويل في التسعينيات، دعا "فريدمان" لتطبيق هذا البرنامج واسع النطاق لشراء الأصول.
- دخل الاقتصاد الياباني في حالة ركود مع انخفاض النمو النقدي بشكل كبير، حتى وصل سعر الفائدة في البنك المركزي الياباني إلى صفر.
- لذا كان ما على البنك المركزي فعله هو شراء أوراق مالية حكومية طويلة الأجل، والاستمرار في شرائها مع توافر سيولة نقدية إلى أن يصل إلى مرحلة النمو الاقتصادي المستهدفة.
- هكذا ولدت فكرة التسهيل الكمي لفترة قصيرة، أو "كيو إي".
- استخدمت اليابان هذه السياسة في العقد الأول من القرن الماضي، واعتمدها الكثير من دول العالم المتقدم خلال فترة الركود الكبير في عام 2009 وما بعدها، واعتبر ذلك انتصار عظيم لـ "النظرية النقدية".
- الآن ينهي مجلس الاحتياطي الفيدرالي رسمياً تلك السياسة وقالت الرئيسة "جانيت يلين" إن البنك سيبدأ في التخلص من كم الأصول المالية الضخمة التي اشتراها خلال العقد الماضي.
- على الرغم من أن "التيسر الكمي" مستمرًا في اليابان وأوروبا، فإن التجربة النقدية الكبرى قد انتهت - على الأقل حتى الآن - في بيت الاقتصاديين الذين تصوروا ذلك.
ما الذي يستفيده صناع السياسات مستقبلاً من التجربة؟
- يصعب معرفة مدى سرعة نمو الاقتصاد في حال لم تطبق سياسات التيسير الكمي.
- لا وجه لمقارنة الركود الكبير في الولايات المتحدة بالكساد الكبير في الثلاثينيات، ويرجع ذلك إلى أسباب أخرى منها انخفاض حالات تعثر البنوك، أو زيادة الإنفاق الحكومي أو لكونه اقتصاد حديث أكثر قوة.
- رغم تعافي الولايات المتحدة من الصدمة بشكل أسرع من أوروبا، إلا أنه قد يكون ذلك بسبب الاختلافات في السياسة المالية، أو الظروف الاقتصادية بشكل عام.
- قد يميل البعض إلى استنتاج أن التيسير الكمي لم يكن له أي تأثير على الاقتصاد.
- حيث وسعت الجولات المتعاقبة من عمليات شراء الأصول من أواخر 2008 إلى 2013 الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بشكل كبير، ولكن لم تبدأ العمالة الأمريكية في التعافي بشكل جدي حتى عام 2014، بعد أن بدأت مشتريات الأصول بالفعل في التناقص.
هذا جانب واحد من الميزانية العمومية
نسبة أعمار السكان العاملين تتراوح بين 25-54 سنة
- لكن بدون التيسير الكمي كان من الممكن أن يستغرق التعافي وقتاً أطول.
أثر التيسير الكمي على الاقتصاد
- لتقييم أثر التيسير الكمي على الاقتصاد، لابد من وجود نموذج، والمشكلة هي أن نماذج الاقتصاد الكلي لا يمكن الاعتماد عليها فجميعها تحتوي على افتراضات منمقة للغاية وغير واقعية.
- فلا يمكن معرفة حجم إسهامها في تعزيز الاقتصاد الحقيقي، ولكنه في جميع الأحوال قادر على منع ارتفاع معدلات التضخم.
- عندما ظهر "التيسير الكمي"، كانت هناك توقعات واسعة بمستويات مرتفعة من التضخم، وهذا منطقي مع الاعتقاد بأن المال شيء أنشأته الحكومة.
- فالتضخم يعني انخفاض في قيمة المال، فمن المنطقي أن طباعة المزيد من المال من شأنه أن يقلل من قيمتها، ولكن على الرغم من جميع التحذيرات إلا أنه لم يرتفع.
التغير الشهري في الرقم القياسي لأسعار المستهلك منذ العام الماضي
- في اليابان على الرغم من أن برنامج شراء الأسهم الأكثر دراماتيكية الذي اشترى فيه البنك المركزى الكثير من سوق الأسهم في البلاد لم يتمكن البنك المركزي من تحقيق هدفه الضئيل للتضخم وهو 2% بشكل مستدام.
- في الوقت نفسه، فإن المخاطر المتوقعة الأخرى من التيسير الكمي مثل فقاعات الأصول وعدم الاستقرار المالي، قد فشلت أيضاً بشكل واضح تماماً في تحقيقها.
- لذلك، برغم أنه لا يمكن معرفة حجم مساعدة الاقتصاد الكمي في الاقتصاد الحقيقي، ولكن المؤكد هو أنه لا يحمل كم المخاطر التي اعتقدها الكثيرين فـ "المونيتاريزم" قد لا تساعد ولكنها لن تضر.
- هذا درس هام لصناع السياسات في المستقبل على الرغم من نهاية تنفيذ برنامج "كيو إي"، إلا أنه يبدو كأداة قيمة يجب أن تبقى في مجموعة أدوات البنك المركزي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}