غنية بالنفط والذهب والماس وغيرها من الموارد الطبيعية الأخرى، غير أنها لم تستطع الاستفادة من ثرواتها: فبنيتها التحتية مهترئة واقتصاداتها صغيرة وغير مطورة ويعيش غالبية شعبها في فقر .. هذه هي أفريقيا.
على الرغم من أن القارة السمراء يقطن بها ما يقرب من 15% من سكان العالم إلا أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي لا تتجاوز الـ3%. وضمن مؤشرات الأمم المتحدة للتنمية البشرية التي تشمل تقييمات لمستويات الصحة والتعليم والمعيشة يحافظ عدد من البلدان الأفريقية منذ سنوات على مكانها في ذيل الترتيب.
ودائماً حين يتم الحديث عن الدول الغنية بالموارد الطبيعية التي يعيش جزء غير ضئيل من مواطنيها في فقر وعوز، يتم توجيه ناصية الحوار من قبل البعض ناحية ما تسمى بـ"لعنة الموارد" والتي يتم تصويرها كقدر محتوم لا مفر منه. ولكن الشيء المؤكد هو أن هذه اللعنة يمكن تجنبها، كما فعلت دول كثيرة.
هناك بلدان تمتلك موارد طبيعية هائلة وجدت سبيلها لتسخير تلك الثروات لصالح مواطنيها، مثل النرويج وكندا ، بل حتى بتسوانا، التي كان اقتصادها هو الأسرع نمواً في العالم خلال الفترة ما بين عامي 1996 و1999، والذي توسع بمعدل 9% سنوياً.
وفي هذا التقرير سيتم إلقاء الضوء على هذه الظاهرة وانعكاساتها في أنجولا، التي تعتبر اليوم أكبر منتج للنفط في أفريقيا.
فقراء في دولة غنية.. لماذا؟ |
||
النقطة |
|
الإيضاح |
أنجولا ووجهها الآخر |
- تعتبر أنجولا الغنية بالنفط من أكثر الوجهات الاستثمارية التي يُتحدث عنها في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة، ولكن يوجد وراء هذا الازدهار الاقتصادي سكان فقراء محرومون، وهو ما ساهم في احتلال هذا البلد مراكز متأخرة جداً في بعض المؤشرات الاجتماعية في القارة.
- بفضل احتياطياتها النفطية الهائلة تمكنت أنجولا من الانتعاش والارتداد مجدداً بعد عقود من العزلة والصراعات انتهت في عام 2002. وخلال الفترة بين عامي 2004 و2008 ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 17% سنوياً، بل حققت في العام 2007 معدل نمو مذهل بلغ 22%، وذلك وفقاً لبيانات البنك الدولي.
- في عام 2010 تصدرت أنجولا القارة الأفريقية في تدفقات رأس المال الأجنبي المباشر، بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، وفي عام 2016 حافظت على مكانتها كثالث أكبر اقتصاد في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلف نيجيريا وجنوب أفريقيا.
- لكن، بعيداً عن هذه الصورة المشرقة، وعن العاصمة لواندا التي تم تزيين حدائقها بأشجار نخيل مستوردة من ميامي، توجد هناك أنجولا أخرى.
- على الرغم من مليارات الدولارات التي يجنيها أكبر منتج للنفط في أفريقيا حالياً من صادراته من الخام، تشير الإحصاءات الحكومية نفسها إلى أن نصف السكان لا يزالون يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، بينما يموت واحد من بين كل خمسة أطفال قبل أن يصل إلى الخامسة من عمره.
- على جوانب العاصمة، توجد العشرات من الأحياء الفقيرة التي يمتد طولها لأميال، ويسكن بها الملايين الذين يعيشون في أكواخ من الطين والخشب في ظروف غير آدمية. أما في المناطق الريفية، فتعيش معظم الأسر على زراعة الكفاف.
- على الصعيد الوطني، تعاني المدارس من نقص عدد المدرسين وتكدس الطلاب، بينما تفتقر العيادات للعاملين والأطباء المهرة وإلى الأدوية، وفي ظل وضع كهذا لا يُستغرب ارتفاع معدلي البطالة والجريمة.
- في المقابل، تدرك الحكومة الحاجة إلى تحسين الأوضاع، وتنفق بالفعل في السنوات الأخيرة جزءا من أموال النفط على المشاريع الاجتماعية والبنية التحتية. غير أن الكثيرين يشعرون بأن هذه التغييرات لا تتحقق بالسرعة الكافية بالنظر إلى مقدار الأموال التي تقع تحت تصرف الحكومة وصغر حجم السكان الذي يقدر بنحو 28 مليوناً. |
|
إذا كانت الأموال موجودة.. فما العائق؟ |
- يشكل النفط حوالي ثلاثة أرباع إيرادات الحكومة الأنجولية. ولطالما دأب الخبراء الاقتصاديون على نصح أنجولا بتنويع اقتصادها من خلال إنشاء قطاع خاص قوي يمكنه خلق فرص عمل ويساعد في نفس الوقت على توزيع أفضل للثروات.
- في تصريحات له بعدد مجلة "أفريكا إن فاكت" لشهر أغسطس/آب 2012، قال "إلياس إسحاق" مدير مكتب مبادرة المجتمع المفتوح للجنوب الأفريقي في أنجولا، إنه ليس من مصلحة طبقة النخبة أن يتم تنويع الاقتصاد الأنجولي، موضحاً أن معظم الشركات الكبرى يديرها أشخاص على علاقة بالحزب الحاكم (الحركة الشعبية لتحرير أنجولا).
- يتابع إسحاق "عندما يكون هناك من يجني أموالاً طائلة من واردات البلاد من المواد الغذائية، فإنه بالتأكيد لن يرغب في أن يتم تطوير القطاع الزراعي، كما ستستميت الجهات التي تربح من صناعة المولدات في سعيها إلى الحيلولة دون تطوير وبناء مشاريع للكهرباء. ببساطة، هناك تضارب مصالح.
- توجد هناك أيضاً شكوك واسعة حول كمية الأموال النفطية التي تدخل فعلياً إلى خزائن الحكومة. في عام 2010 بلغت قيمة صادرات البلاد من النفط حوالي 49 مليار دولار، وفقاً لصندوق النقد الدولي الذي أشار أيضاً في 2012 إلى أن هناك 32 مليار دولار لا يوجد لها أثر في القوائم المالية تعود إلى الفترة ما بين عامي 2007 و2010.
- من جانبها، لا تفوت الحكومة الأنجولية فرصة للدفاع عن نفسها ضد منتقديها، وتلقي دائماً باللوم على طول وحجم الحرب الأهلية وأثرها على القدرات البشرية وبنية المؤسسات في البلاد. وبغض النظر عن مدى صحة هذه الحجج، يظل وضع جزء غير قليل من الشعب الأنجولي كالتالي: فقراء في دولة غنية. |
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}