تأسست شركة "يونايتد فروتس" الأمريكية عام 1899 وثبتت أقدامها في دول أمريكا الجنوبية وامتلكت العديد من الأراضي وهيمنت على محاصيلها ولم تكن تدفع ضرائب بالتعاون مع بعض الحكومات، بل إنها كانت تتدخل للإطاحة مع أنظمة غير متعاونة معها – بمساندة وكالة الاستخبارات "سي آي إيه".
ومن بين أحد مؤسسي الشركة "لورينزو داو بيكر" – الذي بدأ حياته كبحار – كان قد حمل بعض الذهب عبر نهر "أورنوكو" وحدث تسرب بقاربه ليستقر في "جامايكا" من أجل إصلاحه.
وتناولت "بي بي سي" في تقرير تأثير التبريد في التجارة العالمية وما أحدثته من ثورة على جميع الأصعدة، وجاءت بداية الفكرة من فاكهة "الموز".
نشاط تجاري محفوف بالخطورة
- عندما وصل "بيكر" إلى جامايكا، كان يملك بعض المال وأراد المخاطرة بشراء كمية من الموز ويبيعها في موانئ الولايات المتحدة قبل أن تفسد، وباعها بالفعل مقابل أرباح جيدة، ولكنه أراد المزيد من الأرباح.
- كان الموز تجارة محفوفة بالمخاطر لكونه يفسد سريعا ولا يتحمل الانتظار كثيرا من الوقت في الموانئ والإبحار، وبالتالي، من حالفه الحظ وكان ينقله في أوقات شديدة البرودة، كان فساد الموز يستغرق وقتا أطول.
- لم يكن الموز هو المحصول الزراعي الوحيد المعرض للتلف سريعا، الأمر الذي عزز الاهتمام بسفن مبردة.
- قبل رحلة "بيكر بعامين من جامايكا، عرضت الحكومة الأرجنتينية مكافأة سخية لأي شخص يحاول إبقاء لحوم الأبقار باردة لأطول فترة ممكنة حتى يتم تصديرها وبيعها في الخارج.
- انتشرت فكرة السفن التي تحمل على متنها الكثير من الثلج لتبريد السلع والصادرات، ولكن على الجانب الآخر، كان يؤدي ذلك إلى خسائر فادحة بسبب تكلفة التبريد.
صعود المبردات
- على مدار قرن، عرف علماء كيفية صنع مبرد صناعي من خلال ضغط بعض الغازات وتحويلها إلى سوائل تمتص الحرارة والرطوبة، ولكن عند تطبيق هذا الأمر تجاريا، فإنه لم يلق سوى القليل من النجاح
- عام 1876، حاول المهندس الفرنسي "تشارلز تيلييه" تطبيق الفكرة وأبحر بسفينة محملة بلحوم إلى العاصمة الأرجنتينية لإثباتها، وبعد 105 أيام في البحر، كانت اللحوم لا تزال صالحة للأكل.
- احتفت صحيفة أرجنتينية في ذلك الوقت بضجة إعلامية بما وصفته بالإنجاز العلمي والتجاري بوصول هذه السفينة وعلى متنها شحنة صالحة من اللحوم.
- انتعشت الصادرات الأرجنتينية من لحوم الأبقار، وبحلول عام 1902، تواجد في العالم ما يقرب من 460 سفينة مبردة تحمل ملايين الأطنان من اللحوم الأرجنتينية والموز وغيرهما.
سلسلة التبريد
- في غضون ذلك، كان الشاب من أصول إفريقية "فريدريك ماكينلي جونز" يعيش في مدينة "سينسيناتي" بولاية "أوهايو" الأمريكية يواجه حياة صعبة حيث نشأ يتيما وتسرب من التعليم وهو في الثانية عشرة من عمره، وحصل على وظيفة منظف لمرأب كما تعلم كيفية إصلاح السيارات.
- في عام 1938، عمل "جونز" مهندسا في أنظمة الصوت، وكان صديق رئيسه في العمل يشكو من صعوبات في نقل السلع والبضائع القابلة للتلف برا.
- كان نقل البضائع برا يعتمد حينها على وضع كميات من الثلج على الشاحنات لمسافات طويلة والأمل بعدم ذوبانها حتى وصولها إلى وجهاتها، ولكن هذه الفكرة لم تجد نفعا في جميع الأنشطة.
- من هنا جاءت فكرة لـ"جونز" وهي "سلسلة التبريد" من أجل التحكم في درجات الحرارة والحفاظ على السلع من التلف، ونتج عن ذلك تأسيس شركة "Thermo King" لتطوير هذا الابتكار.
ثورة التبريد
- لم تقتصر سلسلة التبريد فقط على نقل السلع والبضائع، بل دخلت في قطاعات أخرى كالصحة، واستخدمت في الحرب العالمية الثانية لحفظ الأدوية والدم للمصابين.
- أحدثت سلسلة التبريد ثورة في الاحتفاظ بالطعام، فكان من الممكن الاحتفاظ بالأسماك واللحوم لساعات، والخضراوات والفاكهة لأيام وربما لأسابيع.
- أسهم التبريد في تنوع خيارات الأطعمة وتحسين الأغذية وظهور المتاجر "سوبر ماركت" التقليدية، وبالتبعية، ظهرت أنواع جديدة من الوظائف.
- مع تحسن الاقتصادات العالمية، دخلت المبردات (الثلاجات) المنازل، وفي الصين على سبيل المثال، تمكنت الحكومة من زيادة عدد الثلاجات لتسع من كل عشر أسر.
منطق اقتصادي
- تعدت فكرة سلسلة التبريد مجرد الاحتفاظ بالأطعمة إلى منطق اقتصادي وتجاري عالمي مثل إنبات بذور في فرنسا والحفاظ عليها لزراعتها في بيئات مختلفة.
- أسهمت فكرة التبريد في تعزيز الإنتاجية حول العالم وتحسن الأنشطة التجارية.
- رغم أن الفكرة بدأت من اقتصادات مثل أمريكا الجنوبية، ولم تكن من اقتصادات أوروبية متقدمة، إلا أن دول أمريكا اللاتينية لم تستفد كثيرا من هذه الثورة في تحسين ظروف معيشة مواطنيها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}