لم تشهد التجارة العالمية ابتكارًا يذكر منذ تصنيع حاويات الشحن في الخمسينيات، ولا تزال البضائع تنقل برًا وبحرًا بالطريقة ذاتها منذ ذلك الحين، لكن كل هذا سيتغير قريبًا مع ظهور واحدة من التكنولوجيات الأكثر ثورية.
وحاليًا، هناك حاجة ماسة لتدخل تكنولوجي يرتقي بالأعمال الورقية ويحد من أثر البيروقراطية المرتبط بالتجارة العابرة للحدود، والتي تتسبب في أكوام هائلة من الوثائق مثل خطابات الضمان ومستندات جودة المنتج، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
وتعزى هذه الثغرة الإدارية للرغبة الجادة في درء علل مثل الاتجار بالبشر والسلع المقلدة والمهربة، لكن في الوقت نفسه يعتقد عدد متزايد من الشركات والخبراء أن تقنية "بلوك شين" ستعزز التجارة والأمن معًا دون مساومة.
الدواء الشافي
- تحتاج التجارة العالمية لطريقة أسرع وأكثر أمنًا وكفاءة للتعامل مع إجراءات الموافقة على الوثائق اللازمة لنقل البضائع عبر الحدود الدولية، بحسب نائب رئيس أعمال "بلوك شين" لدى "آي بي إم" "راميش جوبيناث".
- اعتمدت سلاسل التوريد طويلًا على الحركة المادية لعدد هائل من الوثائق الورقية، ما ترك الباب مفتوحًا للتزوير والأخطاء البشرية والتأخير غير المقصود، فضلًا عن تكلفة تحريك وتأمين هذه الأوراق التي تفوق كثيرًا تكلفة الشحنة.
- يمكن استخدام تكنولوجيا "بلوك شين" كنظام وسيط للحد من وطأة هذه البيروقراطية، حيث سيتم تسجيل كل معاملة في حسابات تسلسلية، وتشفير البيانات بحيث تكون متاحة لأطراف بيعنها في سلسلة التوريد وتجنيبها خطر التزييف.
- بفضل ميلادها في قطاع الخدمات المالية، يمكن لتكنولوجيا "دفتر الأستاذ الرقمي" أو "بلوك شين" تحقيق تقدم كبير في إتمام عمليات النقل من خلال الأدوات المالية مثل خطابات الضمان وعبر رقمنة وثائق الشحن أيضًا.
مبادرات موفقة
- تعقبت شركة الشحن البحري "ميرسك" شحنة زهور انطلقت من ميناء مومباسا الكيني إلى روتردام الهولندية، وأسفرت العملية عن عشرات الوثائق ونحو 200 رسالة بين المزارعين ووكلاء الشحن وشركات النقل البري ووسطاء الجمارك والحكومات والموانئ.
- وفرت "ميرسك" مسارًا أكثر انسيابية وسرعة لكل هذه الوثائق عبر منظومة "بلوك شين" طورتها بالتعاون مع "آي.بي.إم"، تضاف لها المستندات الجديدة مع اكتمال كل خطوة ويتشاركها الأطراف المعنيون بسهولة وعلى الفور.
- لا يمكن لأي طرف تعديل أو حذف أو إلحاق أي مستند دون موافقة الشركاء، ويعتقد أن البرمجية الخبيثة التي نالت من أنظمة "ميرسك" صيف هذا العام كانت دافعًا كافيًا للبحث عن وسائل أكثر حماية.
- لم تبادر "ميرسك" و"آي.بي.إم" وحدهما في اعتماد تكنولوجيا "بلوك شين"، لتسريع عملية معالجة الإجراءات التجارية، ففي أغسطس/آب 2016 تعاون اتحاد مصرفي مع الحكومة السنغافورية في استخدام التقنية الفريدة في إصدار خطابات الاعتماد المالي.
- بعد شهر، استخدم بنك "باركليز" حسابات الأستاذ الرقمية لإتمام اتفاق تمويل تجاري، وفي 2017 استخدم اتحاد شركات كوري جنوبي التكنولوجيا ذاتها لمراقبة العمل على متن الحاويات المبردة في طريقها من ميناء بوسان إلى تشينغداو.
تحديات وفرص
- تبادر الشركات الناشئة والصغيرة أيضًا في هذا المجال، حيث وظفت شركة "إيفرلدجر" اللندنية تكنولوجيا "بلوك شين" في تتبع وحماية الأصول القيمة مثل الماس، وأنشئت منظومة تعمل ببصمة الإبهام لتأكيد هوية المشاركين عبر سلسلة التوريد.
- رغم منافعها والآمال الكبيرة بشأنها، تشكل تقنيات حسابات الأستاذ الرقمية تحديات كبيرة أيضًا، فقد توفر وقاية للمحتوى من التزوير، لكن ذلك لا يضمن موثوقية مستخدميها أو البيانات المنقولة من خلالها.
- تتحلى "بلوك شين" بمرونة عالية لكن تطبيقاتها قد تكون ضعيفة، مثل بورصات العملات الرقمية التي اخترقت مؤخرًا، كما أن قدرتها على معالجة أحجام معاملات كبيرة لا تزال غير مؤكدة، فضلًا عن ارتفاع رسومها.
- لكن على أي حال يمكن للمشاركين في عمليات التجارة عبر الحدوة الاستفادة من تبسيط ورقمنة إجراءات العمل التي توفرها "بلوك شين"، وفي نفس الوقت توجيه صفعة مؤلمة للمسؤولين المرتشين والتجار غير الشرعيين.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}