يعاني فلاحو بكين من الجفاف وشح المياه الجوفية اللازمة لري أراضيهم في كثير من أوقات السنة، وحتى الماء العذب المنقول عبر أكبر قناة في الصين -18.3 مليون متر مكعب يوميًا- لا يصل للكثير من المناطق.
إنها معضلة قديمة تعاني منها الصين، حيث يشتد وطيس الصراع بين حاجة المزارعين من المياه لتلبية حاجة الأمة من الطعام، وبين المطالب المتزايدة للقطاع الصناعي وسكان المدن في السهول الشمالية، وفقًا لتقرير لـ"بلومبرج".
لكن مع وجود فائض من مياه الأمطار في الجنوب ونقصها في الشمال، اختارت الصين حلًا بسيطًا ومكلفًا لمعالجة الأمر، وهو بناء ثلاث قنوات لتحويل المياه بتكفلة تتخطى 500 مليار يوان (76 مليار دولار).
طموح كبير
- المشروع الطموح هو الأكبر من نوعه في العالم، ويهدف لنقل المياه من جنوب البلاد إلى شمالها، وانتهت بالفعل عمليات الإنشاء بالقناة الوسطى الرابطة بين خزان دانجيانغكو وبين بكين وتيانجين عام 2014.
- المشروع الذي اقترح في عهد الرئيس "ماو تسي تونغ" هو إنجاز هندسي مذهل، حيث نقل نحو 11 مليار متر مكعب من المياه عبر الممر البالغ طوله 1432 كيلومترًا، لتوفير حاجة 53 مليون مواطن.
- لكنه ليس كافيًا، إذ يقول أستاذ كلية الاقتصاد الزراعي والتنمية الريفية بجامعة رينمين "هوانغوانغ تشيو": مع تطور اقتصاد البلاد يتزايد استخدام الصناعات من المياه حيث تصبح المنافسة أكثر شراسة.
- من المتوقع أن تضيف بكين (التي تحصل على 70% من مياهها عبر مشروع التحويل من الجنوب إلى الشمال) مليوني شخص، قبل أن تحد الحكومة من التعداد السكاني للمدينة عند 23 مليون نسمة فقط.
- أعلن الرئيس "شي جين بينغ" في أبريل/ نيسان خططًا لبناء مدينة جديدة على بعد 100 كيلومتر جنوب غرب العاصمة تحت اسم "شيونغان"، والتي سيقطنها 5.4 مليون شخص وستزود بالمياه عبر نفس القناة.
تحديات أكبر
- حتى مع اكتمال العمل بالمشروع وبلوغه أقصى قدر من الطاقة الإنتاجية بحلول عام 2019، فإن الطلب الصيني ينمو بسرعة تحتاج لحلول أخرى، تستدعي تطهير الأنهار والأحواض الجوفية التي تسممت بفعل سنوات من التلويث.
- تحتاج الصين لثورة من نوع خاص، تعمل فيها المزارع على تغيير أنواع المحاصيل وتحتضن التكنولوجيا الهادفة لترشيد المياه، وتضطر الصناعات إلى الحفاظ على المجاري المائية من النفايات السائلة، بجانب حملات التوعية العامة.
- جزء من المشكلة هو أن الصين لا تحتاج فقط لإيجاد ما يكفي من المياه لتلبية الطلب المتنامي، لكنها تحتاج أيضًا إلى إعادة ملء طبقات المياه الجوفية مرة أخرى بعد استنزافها على مدى سنوات.
- يقول المدير العام لمكتب التشييد والإدارة المشرف على المشروع "يو هي تشون": تستنزف الصناعات والمدن المياه الجوفية العميقة بشكل كبير، وهو ما يحرم الأراضي الزراعية من حاجاتها، لكننا الآن نعيد المياه إلى النظام الإيكولوجي.
- بحلول عام 2015، تأثرت 230 ألف كيلومتر مربع (أغلبها في الشمال) بالاستخراج المفرط للمياه الجوفية، مما أدى إلى هبوط الأراضي وتداخل مياه البحر وغيرها من المشاكل، وفقًا لوزارة حماية البيئة.
العلاج المُر
- تتركز أكبر نسبة من نضوب طبقات المياه الجوفية، في المقاطعات الشمالية مثل خبي المواجهة لمدينتي بكين وخنان، والتي سجلت مؤخرًا ما لا يقل عن سبع حالات حفر لآبار عميقة من قبل المزارعين.
- وعدت الحكومة بتحويل مليارات الأمتار المكعبة من مياه النهر الأصفر إلى المزارع لتخفيف وطأة الجفاف ونقص الماء العذب، لكن خبي لا تزال مهددة بالتعرض لعجز في المياه يقدر بنحو مليار متر مكعب بحلول 2030.
- إحدى السبل لوقف تناقص المياه الجوفية هو فرض المزيد من الضرائب على من يتجاوز استهلاكه الحصص المخصصة له، وذكرت وزارة المالية الصينية أن معدلات الضرائب على المياه الجوفية ستكون أعلى بمقدار الضعف.
- هناك مقترح آخر لتجاوز الأزمة، وهو استيراد المواد الغذائية التي تحتاج لعمليات ري كثيفة أثناء الزراعة، حيث تعاني نصف الأراضي الزراعية في الصين من غياب نظم الري الرشيدة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}