تعتبر العلاقة بين العائد والمخاطرة، واحدة من أهم القضايا التي تم تناولها ودراستها على نطاق واسع في أدبيات الاقتصاد المالي. وكقاعدة عامة، كلما زادت مخاطر الاستثمار ارتفع العائد المتوقع منه والخسائر كذلك، والعكس صحيح. ورغم ذلك، ليس هناك ما يضمن حصولك على عوائد أعلى لمجرد قبولك بالمزيد من المخاطر.
واحدة من النظريات الأكثر قبولًا في الأوساط المالية، تؤكد على وجود علاقة خطية بين المخاطرة والعائد، ولكن هذا ليس صحيحاً دائمًا، ففي بعض الأحيان (وتحديدًا في سوق الأسهم) قد لا توجد علاقة أصلًا بين العائد والمخاطرة.
الاستثمار = مخاطرة
- في الحقيقة، إن وجود المخاطر لا يعني أنك لا يجب أن تستثمر، فقط عليك أن تدرك أن أي استثمار تنوي الدخول فيه لديه درجة معينة من المخاطرة، والتي يجب أن تأخذها في اعتبارك عند اتخاذ قرارك حول ما إذا كان العائد المتوقع يستحق أو لا يستحق تعرضك لهذا المستوى من المخاطر.
- باختصار، عند محاولتك تقييم مدى ملاءمة أي استثمار، يجب أن تفهم جيدًا مستوى المخاطر المرتبطة به وحجم العوائد المحتملة، لأن الخليط المناسب من هذين العنصرين يعتمد في الأساس على أهدافك المالية.
- فبعض الناس، يفضلون الدخل الثابت منخفض المخاطر، في حين أن البعض الآخر لا يمانع التعرض لقدر أكبر من المخاطرة من أجل الحصول على فرصة لتحقيق عوائد أعلى.
- واليوم، توجد هناك الكثير من المنتجات المالية والاستثمارية المختلفة التي يمكنك استثمار أموالك بها. كل منتج من هذه المنتجات له سماته ومميزاته الخاصة. فبعض المنتجات الاستثمارية تتميز بمخاطر منخفضة وبعوائد قليلة أيضًا، في حين توجد هناك منتجات أخرى توفر لك عوائد أعلى ولكن تكتنفها مخاطر أعلى أيضًا.
- هناك ملحوظة مهمة يجب أن تدركها، وهي أن المخاطرة ليست العامل الوحيد الذي يجب عليك مراعاته أثناء اختيار المنتج الاستثماري المناسب، فأنت تحتاج كذلك إلى معرفة مواصفات الاستثمار وعائده المحتمل ودرجة سيولته. ولكن قبل أي شيء آخر، تحتاج إلى معرفة أي نوع من المستثمرين أنت!
- كيف تعرف مستوى المخاطرة المناسب لك؟ هذا سؤال لا يسهل الإجابة عليه. فالقدرة على تحمل المخاطر تختلف من شخص إلى آخر، ويعتمد ذلك مجموعة مختلفة ومتداخلة من العوامل تشمل على سبيل المثال لا الحصر، أهدافك المالية ومستوى دخلك ووضعك الاجتماعي وظروفك الأسرية.
- بالتالي يتعين على المستثمرين الأفراد محاولة التوصل إلى خليط مناسب من المخاطر والعوائد المحتملة، استنادًا إلى أهدافهم الاستثمارية، وقدرتهم على تحمل المخاطر، والتي تختلف كليًا عن الرغبة في المخاطرة، فكون الشخص يرغب في الاستثمار بمنتجات استثمارية خطرة لا يعني أن لديه القدرة على تحمل المخاطرة.
فهم العلاقة
- بعض الاستثمارت أكثر خطورة من غيرها، فهناك دائمًا (ولو نظريًا) احتمال أن تخسر جزءًا من أموالك. على سبيل المثال، تتميز سندات الخزانة الأمريكية بمخاطر منخفضة لأنها مدعومة من الحكومة الأمريكية، ولكنها في نفس الوقت توفر عوائد أقل.
- انخفاض مخاطر هذه السندات يستند إلى أنها صادرة عن الحكومة الأمريكية التي من غير المرجح أن تتخلف عن سداد ديونها، لأن لديها القدرة على زيادة إيراداتها من خلال الضرائب أو طباعة الأموال.
- رغم انخفاض مخاطرها مقارنة مع الأسهم، إلا أن السندات كمنتج استثماري لا يمكن اعتبارها خالية من المخاطر، بل إنها في بعض الأحيان قد تكون أكثر خطورة من غيرها من المنتجات الاستثمارية. فهناك دائمًا احتمال أن تنخفض أسعارها، إذا انخفضت الجدارة الائتمانية للجهة المصدرة، أو في حال ارتفعت أسعار الفائدة.
- المستثمر في السندات دائن وليس مالكا. كمستثمر في السندات يحق لك قانونًا الحصول على مبالغ مالية ثابتة من الفائدة وأصل الدين، وستكون صاحب الأولوية في السداد في حال إفلاس الجهة المُصدرة، ولكن في نفس الوقت، إذا كانت الشركة المصدرة للسند ناجحة جدًا في السوق، فلن تحصل على أكثر من مدفوعات الفائدة المنصوص عليها في السند.
- المساهم في المقابل، يعتبر أحد ملاك الشركة. فإذا كانت الشركة غير ناجحة، قد يخسر كل أمواله، ولكن إذا كان الحال هو العكس، فلا يوجد سقف لما يمكن أن يحققه من أرباح.
- ما سبق يقودنا إلى مفهومين رئيسيين مترابطين بعض الشيء، وهما "توزيع الأصول" (Asset Allocation) و"التنويع" (Diversification)
توزيع الأصول .. النقطة التي ينطلق في اتجاهها سهمك
- تهدف عملية توزيع الأصول إلى تحقيق التوزان بين المخاطر، من خلال تخصيص رأس المال على نحو مناسب بين فئات الأصول الرئيسية، والتي تشمل، السندات والأسهم والعقارات والسيولة النقدية، وغيرها.
- كل فئة من فئات الأصول لديها مستويات مختلفة من العائد والمخاطرة، وبالتالي يختلف أداء كل فئة مع مرور الوقت. ففي نفس الوقت، الذي تزداد فيه قيمة أحد الأصول، قد تتناقص قيمة الآخر أو تبقى كما هي.
- من المبادئ الأساسية التي غالبًا ما تحكم عملية توزيع الأصول، هي أن الشخص الأكبر سنًا يجب أن يتعرض إلى أقل قدر ممكن من المخاطرة في إطار أهدافه المالية. فالكثير من كبار السن، يضطرون للاعتماد على مدخراتهم كمصدر وحيد للدخل بعد التقاعد، ولذلك ينبغي أن يكون النهج الاستثماري لهؤلاء أكثر تحفظًا من غيرهم.
- تحديد المزيج المناسب من الاستثمارات التي يجب أن تشملها محفظتك المالية هو أمر بالغ الأهمية. وما لا يدركه كثيرون هو أن مسألة نسبة ما يجب أن تشمله محافظهم المالية من كل فئة من فئات الأصول، ليست بسيطة أو سهلة، خصوصًا بالنسبة للوافدين الجدد إلى السوق.
- تخيل مثلًا، أنك شخص يفضل الاحتفاظ بمدخراته التي جمعها على مدى 30 عامًا في صورة حصص من أسهم عدد الشركات في السوق، وقبل تاريخ تقاعدك بسنوات قليلة، تعرض السوق لهزة أو استمر في التراجع بشكل تدريجي!.. وضع أقل ما يوصف بأنه درامي!
- لذلك يحتاج المستثمر إلى تغيير تركيبة محفظته المالية وطريقة توزيعه لرأس ماله من آن لآخر من أجل التكيف مع معطيات السوق، فعلى سبيل المثال، يميل البعض إلى الانتقال ناحية الأصول الأكثر أمانًا مثل السندات كلما تقدموا في العمر.
التنويع.. لا تضع البيض كله في..
- التنويع هو من تقنيات إدارة مخاطر المحافظ المالية، التي يتم خلالها الجمع بين مجموعة واسعة من فئات الأصول ضمن المحفظة، من أجل تقليل تأثير أي أصل على الأداء العام للمحفظة إلى حده الأدنى.
- الغرض الأساسي من التنويع هو تقليل مخاطر المحفظة المالية. وهناك ثلاث ممارسات رئيسية يمكنها أن تساعدك في "تنويع" استثماراتك على نحو أفضل.
1: يجب أن تحتوي محفظتك المالية على منتجات استثمارية مختلفة، مثل الأسهم والسندات والصناديق المشتركة والنقدية، وربما حتى العقارات.
2: قم بتنويع المخاطر داخل نفس الفئة الاستثمارية. بمعنى، إذا كنت تستثمر في صناديق الأسهم، فربما عليك توزيع استثمارتك بين صناديق الأسهم الكبيرة وصناديق الأسهم الصغيرة، وإذا كنت تستثمر في الديون، فمن الأفضل أن تتنوع حيازاتك بين ديون طويلة وأخرى قصيرة الأجل.
- باختصار، سيكون من الحكمة، اختيار استثمارات ذات مستويات مخاطر متنوعة، لأن ذلك من شأنه أن يضمن لك تعويض الخسائر الكبيرة بمكاسب في استثمارات أخرى.
3: أنت في حاجة كذلك إلى توزيع استثماراتك وفق الصناعة، لأن بعض الصناعات تكتنفها مخاطر أكثر من صناعات أخرى، فصناعة البترول على سبيل المثال أعلى مخاطرة مقارنة مع صناعة الأدوية (التي تندرج تحت ما تسمى بالصناعات الدفاعية). هذا الأسلوب سوف يقلل من تأثير مخاطر بعض الصناعات.
- أخيرًا، على الرغم من أن التنويع هو العنصر الأكثر أهمية وفاعلية الذي يمكنه مساعدتك على تحقيق أهدافك المالية بعيدة المدى مع أقل قدر من المخاطر، إلا أنه ليس ضمانة حديدية ضد الخسارة، فبغض النظر عن مدى قدرتك على التنويع، ينطوي أي استثمار على درجة معينة من المخاطر.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}