نبض أرقام
18:49
توقيت مكة المكرمة

2024/08/08

هل ما زالت الطاقة النووية الخيار الأمثل للدول للنمو والازدهار؟

2018/01/26 أرقام - خاص

من أهم الأسئلة التي تطرح على صانع القرار في مختلف أنحاء العالم: كيف تولد الطاقة الكهربائية التي تحتاجها البلاد؟ وذلك على اعتبار أن توافرها العصب الرئيس للبنية التحتية وتحريك عجلة الاقتصاد.

 

وهناك 3 مصادر أساسية لتوليد الطاقة أولها الوقود الأحفوري (الغاز والنفط والفحم) وثانيها الطاقة النووية وثالثها الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والوقود الحيوي (لا يمكن إغفال الكهرباء المولدة من توربينات المحطات الهيدروليكية على السدود للأنهار ولكن ليست متاحة لكل الدول).

 

 

ويبقى الاختيار بين تلك الوسائل مرهونًا بما لدى الدولة من موارد طبيعية وخبرات تكنولوجية، لتبقى الطاقة النووية هي الأكثر إثارة للجدل بين كافة أنواع الطاقة.

 

الطاقة النووية.. لماذا؟

 

وتشير دراسة للجمعية العالمية للطاقة النووية (world nuclear association) في ديسمبر 2017، إلى أن دولًا مثل الصين والولايات المتحدة وأستراليا قد تواصل توليد الطاقة من الفحم لأنه متاح ورخيص.

 

كما أن دولًا أخرى تتمتع بميزة نسبية في إنتاج النفط والغاز قد تستخدمه أيضًا، لا سيما إذا كانت تكلفة استخراجه منخفضة.

 

غير أن الطاقة النووية تتمتع بميزة نسبية مهمة للغاية في مواجهة الوقود الأحفوري، حيث لا ينتج عنها انبعاثات كربونية تؤذي الاقتصاد والأهم أن تلك الانبعاثات تؤثر على صحة الإنسان بالسلب.

 

وتتفاوت التكلفة الاستثمارية بين المحطات النووية المقامة في مختلف الدول، فمثلًا فرنسا اتفقت بداية العام الماضي (2017) على إقامة محطتين لتوليد 3300 ميجا واط في الصين بتكلفة 10.5 مليار دولار.

 

أما روسيا فتقيم حاليا محطات طاقة نووية في عدة دول بقدرة 1200 ميجا واط بتكلفة 6-7 مليارات دولار، بينما تقل التكلفة كثيرًا في كوريا الجنوبية عن مثيلتها في روسيا.

 

 

وتعتبر عوامل الأمان أهم العناصر التي توجد هذا الاختلاف بين تكلفة إقامة المحطات النووية، كما أن مدى حداثة التكنولوجيا المستخدمة في التوليد تشكل عاملًا حاسمًا بدورها.

 

تكلفة الإنشاء.. استثمارات ضخمة

 

ويشير تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن التكلفة الرأسمالية تبلغ 60% من التكلفة الإجمالية لتوليد الكهرباء في المعتاد بينما تبلغ تكلفة التشغيل 40%.

 

ويؤكد التقرير أنه على الرغم من ارتفاع نسبة التكلفة الاستثمارية قياسًا بتوليد الطاقة من الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة، إلا أن تكلفة التشغيل أقل كثيرًا بما يجعل التكلفة متقاربة على المدى الطويل.

 

غير أن ما يميز الطاقة النووية أنه يمكن الاعتماد عليها في الصناعة والتنمية بدرجة أكبر من بقية أنواع الطاقة، حيث إنها لا تخضع لعوامل الجو كما هو الحال مع الطاقة المتجددة، ولا لعوامل السوق المتقلب لسوق الفحم والنفط والغاز.

 

ودائمًا ما يشار في الدراسات الاقتصادية حول أنواع الطاقة المختلفة إلى أن الطاقة النووية هي الأكثر تكلفة من حيث الاستثمارات والأقل تكلفة من حيث التشغيل.

 

غير أن ما يسهم في التقليل من تأثير تكلفة إنشاء المفاعلات النووية حقيقة عمرها الزمني الطويل، ففي بادئ الأمر كانت المحطات النووية لا تعمل إلا لخمسة وعشرين عامًا.

 

أما الآن فإن عمر الأجيال الجديدة من المفاعلات يصل إلى ما يزيد على 60 عامًا، مما يعني توزع التكلفة الاستثمارية على عدد سنوات أكبر كثيرًا.

 

 

وعلى الرغم من ذلك تختلف التكلفة الاستثمارية بشكل كبير بين الدول وبعضها البعض، ففي كوريا الجنوبية مثلًا تصل إلى 2021 دولارًا لكل كيلو واط.

 

أما في الصين فتتراوح التكلفة الاستثمارية بين 1807 -2615 دولارًا لكل كيلو واط، وترتفع التكلفة بشكل كبير في دول أخرى مثل المجر حيث تصل إلى 6215 دولارًا /كيلوا واط.

 

ويرجع هذا الاختلاف الكبير إلى عدد من العوامل أهمها تكلفة العمالة، ومدى توافر الخبرات في بناء المفاعلات، ومدى توافر البنية التحتية الملائمة لبدء تشغيل المفاعل، وطبيعة الأرض التي يتم البناء عليها وقربها للبحر.

 

التشغيل.. للصيانة نصيب الأسد!!

 

أما عن تكلفة التشغيل فإن اليورانيوم المستخدم في توليد الطاقة النووية لا يتعدى 10% فقط من إجمالي النفقات، ولذا فإن الزيادة في أسعاره ليست مؤثرة للغاية كما هو الحال في الوقود الأحفوري.

 

وتمثل تكلفة الصيانة والمتابعة 66% من تكلفة التشغيل، وذلك لأهمية الحفاظ على المفاعل وصيانته تجنبًا للآثار المدمرة التي عانتها دول بسبب الإهمال في متابعة أعمال صيانة مفاعلاتها.

 

نذكر جميعًا كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان، بعد أن تسبب زلزال وقع في البلد الآسيوي في 11 مارس 2011 في حدوث تسرب إشعاعي في البلد الأكثر تشددًا في معايير الأمن الصناعي في مؤسساتها النووية.

 

وأثار هذا الحادث مخاوف العديد من الدول المتقدمة، فإن كانت اليابان نجحت بعد جهد استمر لأشهر عديدة في احتواء الأزمة، إلا أن دولًا مثل ألمانيا قررت خفض الاعتماد على الطاقة النووية.

 

كما أدى هذا الحادث إلى إعادة تفكير كافة الدول في المواقع الأنسب لإقامة المحطات النووية واشتراطات الأمن والسلامة.

 

 

أما تكلفة التخلص من المواد المشعة فتبلغ 9-15% من نسبة تكلفة التشغيل، وتختلف التكلفة وفقًا لطريقة التخلص من المواد المشعة وما إذا كان ذلك يتم في البلد المستخدم للطاقة النووية أم خارجه.

 

وبشكل عام يكفي معرفة أن الطاقة المتولدة من كيلوجرام واحد من اليورانيوم تعادل تلك المتولدة من 20 ألف كيلو فحم، حتى يتضح الفارق الكبير في التشغيل بين الطاقة النووية وباقي أنواع الوقود.

 

وهذا الأمر يعكس فارقًا كبيرًا في تكلفة نقل الوقود، فضلًا عن حفظه وتخزينه، وما إلى ذلك من المشاكل اللوجيستية المتعلقة باستخدام الوقود الأحفوري.

 

ولا شك مما سبق أن بناء المحطات النووية هو بمثابة استثمار طويل المدى، غير أنه وعلى الرغم من كافة مزاياها إلا أن الدول المتقدمة أصبحت تعتمد على الطاقة النووية كجزء فقط  من إستراتيجيتها للطاقة.

 

فالتنوع في مصادر توليد الطاقة الكهربائية يسمح للدولة بألا تقع فريسة لتغيرات أسواق لا تملك التحكم فيها وتجعلها تضمن استمرار تدفق الكهرباء في عروق الاقتصاد بما يزيد من نموه وازدهاره.

 

وعلى الرغم من محاذيرها الكثيرة إلا أنها تبدو الطريق الأمثل للدول النامية للحاق بركب مثيلتها المتقدمة، فالطاقة الرخيصة مفتاح مهم للغاية للتنمية والتصنيع وغير ذلك من مظاهر النمو الاقتصادي.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة