نبض أرقام
22:44
توقيت مكة المكرمة

2024/07/03

كلفة باهظة تفرض شعار "إما نحن أو هم"..الأمريكان يحرمون الهنود من العلاج في بلدهم!

2018/01/27 أرقام

"شعرت بآلام حادة في صدري وبضيق في التنفس فقمت بإجراء مجموعة من الاختبارات أكدت إصابتي بتسمم في الدم" هذا ما قاله هنري كونزاك أمريكي (65 عامًا) لمجلة "فورين بوليسي".

 

وعلى الرغم من تلقيه علاجًا مكثفًا إلا أن الأطباء اكتشفوا حاجته لعملية جرحية لمعاناته من ثقب في القلب، وأخبروه أن تكلفة العملية تبلغ 130 ألف دولار خلافًا لأجر الجراح.

 

وعندما أخبر كونزاك المستشفى بأنه لا يمتلك إلا 50 ألف دولار فقط، قالت له الطبيبة "حسنًا أتمنى لك حظًا طيبًا في تدبير أمرك".

 

 

الهند.. ملجأ الأمريكيين اليائسين!!

 

وأمام هذا الموقف لم يعد أمام كونزاك إلا خيار واحد، وهو السفر للعلاج في الخارج، وبالفعل أجرى العملية مقابل 10 آلاف دولار فقط في الهند.

 

وعلى الرغم من أن قصة كونزاك تبدو غريبة للوهلة الأولى إلا أن التقديرات الأمريكية تشير إلى ذهاب 300 ألف أمريكي للسياحة العلاجية في الهند سنويًا، والسبب: عجزهم عن العلاج في بلادهم.

 

وتبدو الهند قبلة جيدة للأمريكيين للعلاج لأكثر من سبب، لعل أولها توافر المستشفيات عالية الجودة، وثانيها حقيقة تحدث الأمريكيين بالإنجليزية كونها لغتهم الأم، والأهم: السعر في المتناول.

 

وشهدت الهند طفرة كبيرة في عدد السياح القادمين للعلاج فيها خلال الأعوام الأخيرة، وأصدرت 170 ألف تأشيرة علاج خلال عام 2016، بالإضافة للآلاف الذين يدخلون البلاد للسياحية ويتلقون العلاج فيها.

 

الفقراء يدفعون الثمن!!

 

وعلى الرغم من أن هذا من الناحية النظرية يشكل دخلًا جيدًا للغاية لنيودلهي إلا أن الأمر لا يخلو من آثار سلبية ولا سيما على فقراء الهند.

 

فالبلد الآسيوي من أكثر الدول في العالم التي تعاني من نظام رعاية صحي غير متوازن، حيث إن 86% من السكان هناك ليس لديهم تأمين صحي.

 

 

ويقول جراح عظام في مستشفى شينيا الهندية "إذا كانت لديك أموال فبوسعك أن تحصل على رعاية صحية فائقة، وفي المقابل الغالبية الكاسحة من الناس ليس في وسعهم الحصول على أي شيء".

 

وتشكل السياحة العلاجية فرصة وتهديدا بهذا الشكل، فمن ناحية قد تشكل تلك العائدات الإضافية دخلًا إضافيًا يعين النظام الصحي على استيعاب مئات الملايين المحرومين من حق العلاج.

 

ومن الناحية الأخرى تتسبب السياحة العلاجية في تخصيص المزيد من الموارد لمؤسسات العلاج الخاص على حساب تلك المهتمة بالفقراء.

 

وبمتوسط دخل يبلغ 1600 دولار سنويًا فلا شك أنه يمكن تخيل الأزمة التي يعانيها المواطن الهندي من أجل الحصول على العلاج اللائق.

 

المستشفيات الخاصة: نجلب دخلًا إضافيًا للبلاد

 

وعلى الرغم من وجود شبكة كبيرة من المستشفيات الحكومية في الهند، إلا أنها تعاني من ضعف شديد في الموارد، ولعل أبرز ما يؤكد هذا وفاة 63 مريضًا في مستشفى هندي مؤخرًا بسبب نقص الأكسجين.

 

ولهذا ليس من المفاجئ معرفة أن الهنود يفضلون العلاج في المستشفيات الخاصة، حيث أظهر استطلاع حكومي في 2016 أن 30% فقط من الهنود تلقوا العلاج في المستشفيات العامة.

 

 

وتقول مؤسسات العلاج الخاصة إن استمرار السياحة العلاجية من شأنه السماح لها بتحسين قدراتها على علاج الأجانب والهنود على حد سواء، وإنها تفيد في إمدادها بأحدث الأجهزة وأفضل الأطباء.

 

غير أن "فالوريا كراكس" الأستاذة في كلية الطب جامعة "سايمون فراسير" تعتقد أن السياحة العلاجية لا تسهم إلا في "زيادة الرفاهية" لمن يملكونها بالفعل.

 

وتقول كروكس إنه لكي تحقق السياحة العلاجية ما تدعيه المؤسسات الخاصة من تطوير للرعاية الصحية يجب أن تعمل الحكومة على إعادة توزيع مواردها الصحية بشكل كامل، فضلًا عن قيام المؤسسات نفسها بدورها الاجتماعي.

 

وبزيارة لمؤسسة الهند القومية للعلوم العلاجية يمكن رؤية مبان قديمة قائمة منذ عام 1956، مليئة بالأطباء والممرضات ومئات المرضى الذين يفترشون طرقاتها، ومنهم من سافر مئات الكيلومترات أملًا في علاج بتكلفة معقولة.

 

الانتظار شهورًا لتلقي العلاج!!

 

وفي العديد من المناطق النائية في الهند، لا يعرف المواطنون بوجود خدمة الإسعاف، ومن يعرف منهم يضطر لقطع مسافات طويلة للغاية للوصول إلى الطبيب، بما يجعل معدل الوفيات في الحوادث ضعف مثيله في البلاد الغنية.

 

"عانيت آلامًا شديدة للغاية بسبب حصوات في القناة الصفراوية، والمستشفى في منطقتي سيئ للغاية فاضطررت للارتحال بالحافلة 8 ساعات على أمل الحصول على العلاج".. يقول "دايل" مواطن هندي (32 سنة).

 

وعلى الرغم من اضطراره للانتظار يومًا كاملًا حتى يتلقى العلاج، إلا أن دايل كان مسرورًا لأنه لم يضطر للانتظار لوقت طويل، وأن آلامه ذهبت في نهاية الأمر.

 

وتؤكد التقارير أن الكثير من المرضى يضطرون للانتظار لشهور لكي يتلقوا العلاج، حتى لو كانوا يعانون أمراضًا "مميتة".

 

 

وتشير إحصائية لمؤسسة غير حكومية إلى أن حوالي 80% من الأطباء في الهند يعملون في المناطق الحضرية ويخدمون بذلك 28% من السكان.

 

وبإنفاق الحكومة الهندية لـ3.3% فقط من الدخل القومي على الصحة فإنه يمكن استنتاج الفقر الشديد الذي تعانيه المشافي هناك في الإمكانيات والأجهزة.

 

ولا يقتصر الفقر على المعدات فقط لكنه يمتد للأطباء أيضًا، حيث إن هناك طبيبًا لكل 10189 شخصًا في المشافي الحكومية، ورغم أن هؤلاء الأطباء يعملون أكثر من نظرائهم في المستشفيات الخاصة إلا أنهم يحصلون على أجور أقل بكثير.

 

ونتيجة لذلك يهجر كثير من الأطباء المستشفيات الحكومية إلى الخاصة، أو يعملون على فتح عيادات خاصة بجوار عملهم الحكومي.

 

الهنود فقراء لكني أردت العيش!!

 

وتبدو مساعي الحكومة الهندية لعلاج مشكلة العلاج الصحي متناقضة ففي الوقت الذي تمنح فيه المؤسسات الخاصة منحًا لتساعدها على استقبال المزيد من السياح، تفرض عليها غرامات إذا لم تعالج الفقراء.

 

 

وعلى الرغم من أن الغرامات التي فرضتها الحكومة تجاوزت 100 مليون دولار على 5 مؤسسات فحسب في 2017، إلا أن المؤسسات حققت عائدًا يتجاوز 400 مليون دولار في العام نفسه لتبدو الغرامات مقبولة جدًا لهم.

 

ويزول العجب من كل هذا إذا علمنا أن الدستور الهندي لا يقر بحق العلاج كحق أصيل للمواطنين، وإن نص على ضرورة الحكومة العمل على تحسين كفاءة العلاج للمواطنين.

 

ويقول المواطن الأمريكي كونزاك الذي تلقى العلاج في الهند إن مظاهر الفقر كانت بادية في كل مكان هناك، مضيفًا "هذا الأمر أزعجني بشدة ولكنني كنت أحتضر وهذا خياري الوحيد".

 

وتعتبر "فورين بوليسي" أن كونزاك عرف أن عليه إنقاذ نفسه، وليس إنقاذ العالم بأسره ليبقى الهنود في انتظار من ينقذهم.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة