كان الشرق الأوسط بمثابة مركز لتغيير أنماط استهلاك الوقود في العالم، وذلك مع اكتشافات النفط والغاز في مرحلة استخدام الوقود الأحفوري حول العالم بكثافة والتي لا زالت موجودة.
ويبدو أن الشرق الأوسط سيقوم بتغيير أنماط استهلاك الطاقة عالميًا مجددًا، وذلك وفقًا لما تؤكده دراسة للباحث الأمريكي في جامعة ستانفورد "جيفري بول".
طاقة المستقبل!!
ففي سويحان بدولة الإمارات يجري العمل على إقامة ما ستكون أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم.
أما في مدينة سكاكا السعودية فستولد المملكة وقودًا من الطاقة الشمسية بتكلفة تصل إلى3 سنتات للكيلوواط لتكون هي الأقل كلفة في العالم.
الأمر نفسه ينطبق على المملكة المغربية التي أعلنت إنتاج نصف استهلاكها من الطاقة خلال عقد من الطاقة المتجددة.
ويرصد الباحث مرور الطاقة المتجددة بثلاث مراحل، الأولى في نهاية القرن التاسع عشر وخمسينيات القرن العشرين وشملت اكتشاف الطاقة المتجددة.
أما الثانية فتشمل ما سماه بالتطور الخجول وجاءت في منذ سبعينيات القرن الماضي حتى بدايات الألفية الجديدة وشملت تطويرًا محدودًا لإنتاج الطاقة المتجددة.
أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة "الوفرة" وبدأت منذ 15 عامًا تقريبًا مع إنتاج الطاقة المتجددة بشكل يمكن الاعتماد عليه اقتصاديًا.
وتكمن أهمية الشرق الأوسط في أنه يحل الأزمة الحقيقية التي تواجه الطاقة المتجددة وهي: التكلفة.
فمع شمس مشرقة في أغلب أوقات العام، ورياح يمكن الاعتماد عليها فإن تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط اقتصادية، إلى الحد أنها تقل في بعض المناطق عن الطاقة النووية وتلك التي يتم توليدها من الوقود الأحفوري.
ويضيف بول في دراسته أن الشرق الأوسط يشعر بضرورة الاعتماد على الطاقة المتجددة أكثر من غيره بسبب ظاهرة التغير المناخي.
دوافع للتغيير!!
الشرق الأوسط سيكون من أكثر المناطق تضررًا من ارتفاع درجات الحرارة ومنسوب البحار والمحيطات حال استمرار ظاهرة التغير المناخي في الاستفحال.
وهناك إدراك أكبر لخطورة مشكلة الاحتباس الحراري في الشرق الأوسط، عما هو قائم في بقية دول العالم.
ففي الوقت الذي تبلغ فيه النسبة العالمية لمن يدركوا أن الاحتباس الحراري "مشكلة خطيرة" 18%، ترتفع النسبة في الشرق الأوسط إلى 38%.
وترجع الدراسة ارتفاع تلك النسبة إلى نسبة الانبعاثات الكربونية الكبيرة نسبيًا في المنطقة بما يجعل قاطنيها يشعرون بخطورة الظاهرة بشكل أكبر.
ولا تتعدى مساهمة الطاقة المتجددة حاليًا 15% من إنتاج الطاقة العالمية، غير أن هذا سيتغير ومركز التغير سيكون الشرق الأوسط.
فدول المنطقة تعلمت من "الدرس الصيني"، حيث قررت بكين زيادة الاعتماد بشكل كبير على الطاقة المتجددة، بعد زيادة مستويات التلوث الصينية بشكل مقلق.
لذا فاستثمرت الصين (وأوروبا معها) بشكل مكثف في الطاقة المتجددة، وفي الأبحاث والدراسات التي تهدف لجعلها مجدية اقتصاديًا.
ومع تكاتف التكنولوجيا الصينية والأوروبية المتفوقة، والعوامل البيئية المواتية في الشرق الأوسط فإنه من المنتظر أن تكون الطاقة المتجددة أخيرًا جاذبة اقتصاديًا.
وتعتبر "طوماسون- رويترز" أنه بحلول 2025 ستصبح الطاقة الشمسية هي مصدر التوليد الأهم للكهرباء في العالم بفضل التعاون بين التكنولوجيا والعوامل البيئية.
استثمارات منتظرة!!
وفي الوقت الحالي تنتج ألمانيا خُمس طاقتها من الرياح والشمس، بينما تنتج كاليفورنيا نفس النسبة، أما بريطانيا فتولد 16% من طاقتها من مصادر متجددة.
وكل تلك الدول (وغيرها) تفكر في الاستثمار بكثافة في إنتاج الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط لتستغل العوامل البيئية المواتية.
وتتفق تلك الاتجاهات مع ميل الكثير من الدول النفطية في المنطقة إلى "إنتاج أكثر حكمة" للنفط يساهم في الحفاظ على الثروة النفطية لعقود أطول.
وسيؤدي هذا بالضرورة إلى حاجة دول المنطقة إلى بديل النفط، وهو متوافر ورخيص: شمس ورياح.
ويختتم "جيفري بول" دراسته بالتأكيد على أن المنطقة التي شكلت الاكتشافات النفطية الكبرى فيها حجر زاوية في تشكيل الاقتصاد الحديث، ستكون أيضًا الأساس للتغيير المرتقب نحو طاقة نظيفة ومتجددة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}