مع تعقد عملية إنتاج النفط تتنوع الشركات في هذا القطاع بين المنتجة له، والناقلة والموزعة، وتلك التي تقوم بالتكرير، وشركات الخدمات البترولية وقد تقوم بعض الشركات بأكثر من وظيفة في نفس الوقت.
لا يحظى قطاع الخدمات البترولية باهتمام كبير من غالبية المتابعين بسبب الاهتمام الموجه للشركات الأكثر شهرة، وهي تلك المنتجة للبترول.
غير أن شركة مثل "شلمبرجيه" يمكن أن توضح حجم صناعة الخدمات النفطية، ومدى تأثيرها على إحدى أهم صناعات العصر الحديث.
فلدى الشركة قرابة 100 ألف موظف، وتمتد أعمالها إلى 85 دولة في قارات العالم الست.
و"شلمبرجيه" "فرنسية- أمريكية" لأنه على الرغم من أنها أُسست على يد الأخوين شلمبرجيه عام 1926 في فرنسا، إلا أنها لم تلبث أن نقلت مقرها الرئيسي إلى الولايات المتحدة وبالتحديد ولاية تكساس، إحدى أكثر الولايات الأمريكية إنتاجًا للنفط.
ولم يكن مفهوم "الخدمات البترولية" شائعًا في هذه الفترة من القرن الماضي، لذا سرعان ما تمددت الشركة في بلدان عدة اعتمادًا على خدمة واحدة كانت تقدمها في بادئ الأمر، وهي خدمة المسح الجيولوجي للطبقات وتوفير خرائط لتوافر الذهب الأسود من عدمه.
ومع تطور التكنولوجيا وتنوع متطلبات العمل في مجال البترول، نمت الشركة لتحتل المركز 222 في قائمة أكبر الشركات حول العالم، ولتحقق مبيعات تقدر بـ28 مليار دولار عام 2017، ولتبلغ قيمة أصولها تناهز 88 مليار دولار.
وتنقسم أعمال شركات الخدمات النفطية بشكل عام إلى نوعين، الأول يتعلق بالحفر وغالبًا ما يتم بتأجير معدات الحفر إلى الشركات التي تتولي استخراج البترول، والثاني يتعلق بخدمات الصيانة ومتابعة آبار البترول.
وما يدفع للتركيز على "شلمبرجيه" تحديدًا عن بقية شركات الخدمات البترولية هو ما وصفته بها مجلة "فوربس" بأنها "تتمتع بالريادة في مجالات عدة في الخدمات البترولية، كما أن سعر سهمها في البورصة يعد رخيصًا وجاذبًا للمستثمرين".
وتتسع الخدمات البترولية التي تقدمها لتشمل:
البحث السيمستك (الزلزالي)
هذا هو المجال الأول الذي عملت عليه الشركة، ويشمل قيامها أولًا بدراسات للطبقات الأرضية لكي تبين طبيعتها الجيولوجية وأنواع الحفر المطلوب في تلك الطبقات، فضلًا عن رسم خريطة طبوغرافية للاحتياطيات البترولية في طبقات الأرض.
ويمتد هذا البحث ليشمل تقديم نموذج واضح لكيفية عمل منصات البترول تحديدًا خلال الطبقات الجيولوجية والمنطقة الأنسب لوضع منصات الإنتاج، فضلًا عن وضع الحلول لمشاكل التشغيل المتوقعة بسبب طبيعة الطبقات.
كما يتضمن البحث التأكد من الاحتياطيات وتقديم خريطة تفصيلية لكيفية الحفر وعدد المنصات المطلوبة إذا كان الخزان النفطي كبيرًا، فضلًا عن تقديم الرأي في كيفية جعل البئر المعدة لاستخراج النفط مستقرة.
خدمات الحفر
وتتضمن أول ما تتضمن وضع أنظمة واضحة من أجل كيفية الحفر الآمن والفعال، وتقتصر هذه المرحلة على التخطيط النظري لعملية الحفر وتجهيز متطلباتها المختلفة.
أما المرحلة الثانية فتشمل الإشراف على التنفيذ العملي لعملية الحفر لمواجهة أية تحديات تظهر أثناء العملية، فضلًا عن وضع الأنظمة الملائمة لزيادة كفاءة الحفر والقدرة على اختراق الطبقات الأرضية.
وتضم المرحلة الثالثة رسم صورة أوضح للاحتياطيات أثناء الحفر، بما قد يستلزمه ذلك من عمل تعديلات على الخطط الأولية لاستخراج النفط لكي تكون أكثر فاعلية.
وفي سبيل كل هذا توفر الشركة معدات الحفر سواء من خلال بيعها أو تأجيرها، كما يعمل خبراؤها على التأكد من توافر الأمان خلال الحفر، فضلًا عن تقديم الاستشارات لكيفية التخلص من نتاج الحفر، والبحث عن أفضل الحلول لتجنب تلويث البيئة.
اختبارات خزانات (أحواض) النفط
كما هو معروف تتواجد الخامات البترولية في خزانات أرضية كبيرة، ولا يقتصر الأمر عند اكتشاف تلك الخزانات ولكن العمل يمتد إلى ما هو أبعد من هذا.
ولعل أولى تلك الخطوات هي عمل تحليلات في المعامل للصخور التي يتكون منها الخزان لبيان مدى تسرب النفط عبرها، فضلًا عن رسم خرائط طبوغرافية لامتدادات الخزان الجوفي تحت الأرض بما يسمح باستخراج النفط بالشكل الأفضل.
وهناك أيضًا دراسات يتم عملها لبيان تأثير عمليات الحفر على الخزان وذلك من خلال تحليل أنواع الصخور التي تختلف في الصلابة وفي قدرة آلات الحفر على اختراقها، فضلًا عن القيام بدراسات حول كيفية تدفق السائل النفطي في الخزان بما يعين على استخراجه.
وتمتد عمليات هذه المرحلة لتشمل استخدام الـwirelines وهي بمثابة طريقة لمعالجة أية مشاكل تعترض عمليات الحفر للوصول إلى الخزانات باستخدام كابلات قوية مصممة خصيصًا لهذا الغرض.
إتمام عمل الآبار
وتشمل هذه المرحلة إتمام دراسات وتقديم استشارات بحيث يتم وضع منصات إنتاج النفط بأكبر قدر ممكن من الفاعلية وبأقل نفقات مع الحفاظ على معدلات الأمان المطلوبة.
ويتضمن إتمام الآبار أيضًا مراقبة أدائها على أرض الواقع وتقديم الحلول اللازمة بالصورة المثلى، فضلًا عن وضع صمامات الأمان اللازمة، ووضع الحلول اللازمة للتحكم في الرمال والمخلفات التي تخرج من البئر.
وتأتي مرحلة التنشيط كمرحل متقدمة للرقابة على الآبار بحيث تعمل على تغيير أسلوب الإنتاج كمًّا وكيفًا بحيث تستمر تعظيم الاستفادة من البئر البترول والعمل على تجديد دورة حياة البئر لأطول فترة ممكنة.
حلول الإنتاج البحري
يختلف الإنتاج البحري للنفط عن مثيله على اليابسة في عدة أشياء أبرزها الحاجة لمعدات تتحمل الضغط بصورة أكبر فضلًا عن الحاجة لمعدلات أمان أكبر وتجنب أي تسربات لخام النفط إلى مياه البحار والمحيطات.
مراقبة الإنتاج
وتتضمن مجموعة من الخطوات اللازمة للتيقن من أن البئر تقدم أقصى إنتاج ممكن وتقديم الحلول للازمة للتغلب على نقص الإنتاج الذي يصيب بعض الآبار لسبب أو لآخر، مما يسمح بالتوسع في عملية الإنتاج.
وتحتوي مراقبة الإنتاج أيضًا على البحث باستمرار عن النقط المناسبة لاستخراج النفط من قاع البحار بما يتضمن مدخلًا رأسيًا باستمرار على موقع الإنتاج، فضلًا عن حل مشكلة "التآكل" الذي يصيب المعدات سواء في البحر أو على البر.
معالجة الناتج
تتضمن تلك المرحلة العمل على تحليل الناتج النفطي المستخرج، لوضع أفضل الحلول العلمية لتعظيم الإنتاج ومنح البئر النفطية أكبر فترة حياة ممكنة، فضلًا عن وضع حلول للتعامل مع المواد الصلبة التي قد تظهر وسط إنتاج النفط أو الغاز.
وتشمل تلك المرحلة في حالة الإنتاج البحري العمل على متابعة مياه البحر بحيث يتم التخلص سريعًا من أي شوائب نفطية تعلق بها لضمان الاستقرار البيئي في المحيط الذي يتم الإنتاج منه.
اختبارات الخزانات النفطية
وتتضمن هذه المرحلة التأكد من الاحتياطيات بصورة قاطعة بعد القيام بعمليات الحفر وتثبيت المنصات، وذلك للعمل لاحقًا على تعظيم الاستفادة منها سواء كان ذلك من خلال الآبار القائمة بالفعل أو باقتراح إقامة منصات جديدة لإنتاج النفط على الخزان الجوفي نفسه.
واللافت بعد كل هذا أنه في الوقت الذي كانت أسعار النفط فيه متراجعة بشدة خلال عامي 2014 و2015 تمكنت "شلمبرجيه" من المحافظة على نموها، لتعكس ليس أهميتها فقط كالشركة الأكبر حجمًا في مجال الخدمات النفطية، ولكن مدى مركزية هذه الصناعة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}