على الرغم من أن الناس غالبًا ما يفكرون في المال أكثر من أي شيء آخر، إلا أنهم في كثير قد يتصرفون تجاهه بشكل خاطئ، ولذا فإن عليهم أن يعلموا لماذا يتصرفون بشكل خاطئ أولًا، وكيف يغيرون تصرفاتهم ثانية.
كان هذا ضمن مقدمة كتاب أستاذ السلوك الاقتصادي في جامعة "ديوك" الأمريكية “دان إيرلي”، تحت عنوان "الدولارات والإحساس"، الذي يدور حول تفكير أغلب الناس بشكل خاطئ فيما لديهم من أموال، واتخاذهم قرارات شرائية خاطئة أيضًا.
متجر أمين ويخسر
فعلى سبيل المثال، يلفت الكتاب إلى ما حدث مع سلسلة "جيه سي بيني" التجارية الأمريكية، التي قرر مديرها التنفيذي "رون جوناسون" في عام 2012 إنهاء توظيف "الإستراتيجيات الخادعة" في التسويق، وذلك بتوقف المتجر عن تقديم التنزيلات والخصومات و"كوبونات" الخصم مقابل تقديم سعر أكثر عدلًا لكل المنتجات.
وعلى الرغم من أن "جوناسون" ظن بأن هذه السياسة من شأنها دفع المستهلكين لأن يروا المتجر بمثابة "بائع أمين" يسعى لتحقيق صالحهم دون خداع، إلا أن نتيجة سلوكه اختلفت عما توقعه كثيرًا.
فسلسلة المتاجر تكبدت قرابة المليار دولار خسائر بسبب السياسة الجديدة واضطر "جوناسون" للاستقالة، وكشفت استطلاعات رأي للمستهلكين بعد ذلك أنهم أرادوا الاستمرار في الحصول على العروض والتنزيلات على السلع –وإن كانت وهمية- بدلًا من الحصول على "سعر عادل".
ويلجأ بائعو السيارات مثلًا إلى إستراتيجية خداعية في معاملة الناس، فعندما يشتري أحدهم سيارة مقابل 25 ألف دولار فإنه يوافق مباشرة على ما يقترحه البائع بشراء جهاز تشغيل أسطوانات (السي دي) مقابل 200 دولار، كونه لن يكترث كثيرًا لمثل هذا المبلغ البسيط مع إنفاق آلاف الدولارات التي دفعها ثمنا للسيارة.
الإنفاق = ألم
ولا تشكل المائتي دولار أكثر من 0.8% فقط من الصفقة، والواقع يؤكد أن أحدًا لن يدفع هذا المبلغ لشراء هذا الجهاز منفردًا، كما أن غالبية الناس لا تستخدم هذا الجهاز من الأساس، غير أن تسويقه مقترنًا بالسيارة كثيرًا ما يفلح.
ويرى "إيرلي" أن الإنفاق عادة ما يقترن بـ"الألم" فحتى إن لم يحصل الشخص على شيء يريده بشدة، ويرى المقابل الذي ينفقه عادلًا فإنه عادة ما يشعر بالانزعاج بمجرد خروج الأموال من محفظته لصالح الآخرين.
ولذلك فإن الشخص الذي يقضي إجازة مدفوعة مسبقًا عادة ما يشعر بسعادة أكبر من ذلك الذي يدفع مقابل كل نشاط يقوم به خلال إجازته.
وكشفت الدراسات الحديثة أن الناس يشعرون بألم أقل إذا كانوا يستخدمون بطاقات الدفع مما يشعرون به إذا كانوا يدفعون نقدًا، ولأن الشركات تعلم ذلك، تحرص على توفير نظام الدفع الإلكتروني (رغم تأخرها في تحصيل الأموال) لأن ذلك يحث الناس على المزيد من الإنفاق.
لترشيد الإنفاق
ويقدم الكتاب عددا من النصائح التي يراها فعالة في مجال الإنفاق الرشيد للأموال:
- فكر في الفرصة التي تفقدها: عندما تنفق أموالك لشراء سلعة ما فإنك لن تستطيع إنفاق نفس الأموال لشراء سلع أخرى لذا عليك أن تحدد أولويات واضحة في الإنفاق حتى لا تنفق بسبب "الإغراءات".
- عندما ترى سلعة كانت بـ100 دولار وخُفض ثمنها إلى 60 دولارغ فلا تفكر في أنك ستوفر 40 دولارا بل إنك ستنفق 60 دولارا.
- الشعور بـ"بعض" الألم عندما تدفع أموالك، سيجعلك هذا تتوقف لتفكر قبل الإنفاق ولا تتجه لأول عرض يجيء أمامك.
- لا تبالغ في قيمة ما تريده ولا في قيمة أموالك، فكر فقط أين أنت الآن، وأين تريد أن تكون بعد الإنفاق.
- توقف عن الانقياد وراء عاداتك في الإنفاق: فقد تنفق نقودًا لقاء اشتراك في قنوات لا تشاهدها، أو تحصل على مشروب القهوة بسعر مبالغ فيه، لذا يجب أن تعيد التفكير في عاداتك في الإنفاق.
وأهم ما ينصح به الكتاب القراء هو الإدراك التام لحقيقة سعي المنتجين والمعلنين بكل الطرق كي يدفعوهم لشراء سلعهم، التي قد لا يحتاجونها، لذا فعليهم الحرص باستمرار أن يكونوا الفعل وليس رد الفعل، وأن يحددوا أولوياتهم للإنفاق بشكل واضح وفقًا لاحتيجاتهم أولًا ورغباتهم ثانيًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}