داخل إحدى الغرف الفندقية في لندن خلال شتاء عام 2011، اجتمع عدد من مسؤولي شركة "إكسون موبيل" لبحث علاج أزمة اشتباه حكومة ليبيريا في اضطلاع عملاق النفط بمعاملات فاسدة للحصول على حقوق تنقيب.
وكان الرئيس التنفيذي آنذاك "ريكس تيلرسون" –وزير الخارجية السابق في إدارة "دونالد ترامب"- يعاني من أجل تأمين حقوق بعض الاحتياطيات الجديدة حول العالم، لذا كان لا بد من حسم الأزمة مع حكومة ليبيريا.
رغم ارتباط حقوق الحفر التي سعت إليها الشركة في ليبيريا بمسؤولين حكوميين كان أكثر ما يثير مخاوف المجتمعين في لندن هو ارتباط ادعاءات البلد الإفريقي بقوانين مكافحة الفساد في الولايات المتحدة وأوروبا، وفقًا لما كشفت عنه مصادر مطلعة ووثائق خاصة بالشركة استعرضتها "وول ستريت جورنال" في تقرير لها.
عقبات أمريكية وأوروبية
- بدأت القصة عندما اشترت شركة كندية الحقوق من أخرى ليبيرية (لم يعرف كيفية امتلاكها لهذه الحقوق)، وبعد ذلك اشترت "إكسون" حصة مسيطرة في المشروع الكندي، واكتملت الصفقة عام 2013 مقابل 120 مليون دولار.
- هناك مجموعة من القوانين والهيئات الأمريكية والأوروبية الهادفة إلى القضاء على الفساد في جميع أنحاء العالم، وتطبق القواعد بصرامة، لكن صفقة "إكسون" عكست كيف لهيكل الصفقات أن يحد من مخاطر التدقيق الحكومي.
- أظهرت وثائق من "جلوبال ويتنس" وهي منظمة معنية بالتحقيق في قضايا الفساد تتخذ من لندن مقرًا لها، أن مئات الآلاف من الدولارات دفعت لموظفي الحكومة الليبيرية بما في ذلك نجل رئيسة البلاد السابقة.
- أصدرت المملكة المتحدة عام 2010 قانونًا يطلق عليه قانون الرشوة، وهو قريب جدًا من قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة الذي تطبق أمريكا، والذي يمنع الشركات العامة من تقديم الرشى للمسؤولين الحكوميين للحصول على ميزة تنافسية.
- قالت المتحدثة باسم الشركة "ريبيكا أرنولد" إنها واثقة من تماشي الاتفاقية مع القانون المحلي للبلاد والقواعد الدولية لمكافحة الفساد، مشيرة إلى تعهد "إكسون" بالالتزام الصارم بالسلوك الصادق والأخلاقي أينما مارست أعمالها.
- بينما رفض " تيلرسون" التعليق على الصفقة عبر متحدثه، قال "كريستوفر نيور" الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة النفط الحكومية الليبيرية في 2011: كان التعامل مع شركة كندية مريحًا بالنسبة لـ"إكسون".
- وفقًا لـ"نيور"، لم تكن شركة النفط الوطنية أو الحكومة الليبيرية على دراية ببعض الحقائق حول الحصة الليبيرية في الحقوق محل الخلاف أو حتى مالكها.
التحايل على القواعد والمسميات
- دافع "روبرت سيرليف" نجل رئيسة البلاد السابقة "إلين جونسون سيرليف"، والذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط الوطنية في السابق، عن المدفوعات التي تلقاها المسؤولون، قائلًا إنها مكافآت لاستكمال الصفقة في بلد فقير.
- في العام نفسه، مارس "تيلرسون" ضغوطًا على شرط فيدرالي (ألغي في 2017 ضمن قانون دود-فرانك) يلزم شركات الطاقة بالإفصاح عن المدفوعات المقدمة للحكومات الأجنبية، باعتباره يضع الشركات الأمريكية في موقف ضعف مقارنة بمنافسيها الأجانب.
- ازداد الاهتمام بالثروات النفطية قبالة شواطئ ليبيريا في منتصف العقد الأول من القرن الحالي مع خروج البلد من حرب أهلية طويلة الأمد، وقبل انتخاب "سيرليف" عام 2006 اشتعل الصراع على حقوق التنقيب عن النفط.
- يقول "جيفري وود" وهو محام أمريكي عمل مع الحكومة الليبيرية في مجال الإشراف على الموارد الطبيعية وشارك في اتفاقها مع "إكسون": كان هناك الكثير من الشكوك بشأن استقرار الحكومة، ما أثار مخاوف حيال العقود.
السمة السائدة: عدم الوضوح
- في عام 2005 كانت المنافسة على حقوق النفط تكتسب زخمًا، ووقعت "برودواي كونسوليدتد" وهي شركة مسجلة في جزيرة مان، عقدًا مع شركة النفط الليبيرية "نوكال"، للحصول على حقوق الامتداد البحري المعروفة باسم "بلوك 13".
- قام مستثمرو "برودواي" -غيرت اسمها لاحقًا إلى "بيبركوست"- بتضمين صندوق بريطاني للطاقة، وتم رصد صلة بين العديد من الليبيريين والشركة، بما في ذلك علاقات سياسية للمحامي المدرج كمساهم في الشركة "ديفيد جالا".
- كشفت وثيقة عن اقتناء العضو بالبرلمان الليبيري "أدولف لورانس" والذي كان رئيسًا للجنة المشرفة على صفقات النفظ والغاز في البلاد، عقودًا تمنحه الحق في شراء حصة بشركة "برودواي" عام 2011.
- ساعد وزير الأراضي والتعدين والطاقة "جوناثان ماسون" في إطلاق العديد من الشركات التي تحمل كلمة "برودواي" في اسمها خلال التسعينيات، وعلق بعد ذلك قائلًا إنه عمل كمستشار للشركة ولم يمتلك أي حصص بها.
- كشف تحقيق أجرته لجنة المراجعين العموميين أنه خلال عامي 2006 و2007، صرفت "نوكال" أكثر من 100 ألف دولار للمشرعين، وقالت إن أعضاء مجلس الإدارة فعلوا ذلك كنوع من الرشوة لتمرير عقود النفط.
شبكة مصالح معقدة
- تقدمت "كنديان أوفرسيز بتروليوم" لشراء حصة في الحقل 13 من "بيبركوست"، لكن "نوكال" رفضت العرض خشية عدم تحلي الشركة الكندية بالخبرة اللازمة للحفر في المياه العميقة.
- في أواخر 2011، التقى مسؤولو "إكسون" في لندن مع ممثلي الحكومي الليبيرية، بما في ذلك نجل "سيرليف"، واتفقوا على خطوتين لعلاج المأزق، وهما شراء "كنديان أوفرسيز" حقوق الحقل 13 ومن ثم تشتريها "إكسون" منها.
- في الخامس من أبريل/ نيسان 2013، استخدمت "نوكال" قرضًا من بنك إفريقي لدفع 68.5 مليون دولار إلى "بيبركوست" التي نقلت حقوق "بلوك 13" إلى "كنديان أوفرسيز" والتي مررت بدورها حصة نسبتها 80% منه إلى "إكسون".
- في نفس اليوم، دفعت "إكسون" 120 مليون دولار من حسابها المصرفي في نيويورك إلى البنك الإفريقي الذي اقترضت منه "نوكال" لتغطي بذلك قيمة القرض قصير الأجل.
- حصلت الحكومة الليبيرية على 45 مليون دولار من الصفقة، فيما جنت "نوكال" 5 ملايين دولار كمكافأة، وتلقى المصرف 1.5 مليون دولار كرسوم.
- بعد أسابيع من تحويل الأموال، دفعت "نوكال" أكثر من 500 ألف دولار إلى نحو 100 من موظفيها، فيما حصل السيد "سيرليف" على 35 ألف دولار.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}