نبض أرقام
08:02 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

هل يكون "التعديل الجيني" هو الحل لأزمة الغذاء؟

2018/05/04 أرقام - خاص

جاء اكتشاف الـ"جينيوم" كأحد أكثر الاكتشافات إثارة للجدل في العصر الحديث، في ظل دعم البعض لفكرة استخدام التعديلات في الجينات لتحقيق خير البشرية، وتحذير آخرين من أن نتائج التعديلات الوراثية على النباتات أو الحيوانات ستكون وخيمة.

 

تكنولوجيا جديدة

 

وجاءت استخدامات التعديلات الوراثية حتى الآن محدودة للغاية، وتركزت في مجال الإنتاج الغذائي تحديدًا، وأبرزها مثلا إنتاج بطيخ مربع الشكل في بعض المزارع في اليابان بهدف تقليل المساحة المهدرة خلال نقله بما يقلل التكلفة كثيرًا، أو للحصول على ثمار أكبر أو مقاومة للآفات.

 

 

وجاءت تكنولوجيا جديدة مبتكرة في التعديلات الوراثية باسم "التعديل الجيني بالحذف" لتعيد الجدل حول الفوائد الاقتصادية المنتظرة من إقرار إنتاج واسع للأغذية المعدلة جينيًا، بما في ذلك من انعكاسات اقتصادية.

 

فالتكنولوجيا الأخيرة تضمن إزالة جزء من الحمض النووي للنبات مقابل وضع جزء آخر، وهو ما يسمح للمنتجين باستهداف بعض الأجزاء فيه والتي يعتبرونها نقاط ضعف، مثل تأثر الذرة بالآفات بشدة، وتأثر فول الصويا بالعوامل المناخية.

 

ويختلف ذلك عما كان قائمًا من قبل ذلك بوضع جزء "غريب" من الحمض النووي في الأغذية، من أجل الحصول على ثمرة أكبر مثلًا أو في وقت أسرع، بما يجعل التعديل الأخير أكثر أمنًا لأنه لا يتضمن إقحام جين غريب على النباتات وبالتالي لا يهدد بالإصابة بالسرطانات كما هو الحال مع الغذاء التقليدي المعدل جينيًا.

 

استثمارات بملايين الدولارات

 

وكشفت "بيزنيس إنسايدر" أن شركة "مانساتو" العملاقة لإنتاج الغذاء قررت الاستثمار في هذا الأمر بكثافة، ووضعت ميزانية مبدأية للأبحاث تقدر بـ125 مليون دولار خلال الأعوام القليلة المقبلة وذلك بهدف التوصل إلى أغذية أفضل.

 

وقررت العديد من الشركات العملاقة السير على خطى "مانساتو" باستثمار مئات ملايين الدولات في التكنولوجيا الجديدة، لا سيما في ظل الضربات التي واجهها الكثير منهم خلال الأعوام الماضية بسبب تلف المحاصيل نتيجة للعوامل البيئية المتغيرة.

 

 

ولسهولة التعديل فيها، من المرجح أن تكون الفراولة في طليعة الأغذية المعدلة وراثيًا التي تنتجها الشركة بحيث تكون أحلى طعمًا وتتمتع بقدرة أكبر على البقاء دون تلف، بما يعني سلسلة نقل أكثر مرونة وأرخص، فضلًا عن تراجع تكلفة حفظ المحاصيل.

 

ويقول "توم آدامز" المدير السابق في "مانساتو" إن الشركة ستقدم باكورة أغذيتها المعدلة وراثيًا للجمهور في خلال 5-10 أعوام، مؤكدًا أن الجماهير ستجد إشعارا واضحا بأن تلك المنتجات معدلة وراثيًا لكنها ستكون آمنة تمامًا رغم ذلك.

 

فالشركات لن تضطر إلى الاعتماد على الثلاجات بكثافة لحفظ الفاكهة والخضراوات مما سيجعل تخزينها أوفر وبالتالي يعمل على خفض سعرها ، كما أن محدودية التالف من المحاصيل نتيجة لمقاومتها للعوامل البيئية سيؤدي إلى تراجع السعر أيضًا مع زيادة العرض من المنتجات.

 

وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا مستحدثة إلا أن شركة "دوبونت" قامت بطرح إنتاج تجريبي من الذرة التي أجرت عليها تجربة "التعديل الجيني" ولكنها لم تصل بها بعد إلى حد "الإنتاج الكبير"، الذي تطمح الشركة في الوصول إليه بحلول عام 2028 كما قال مسؤول بالشركة لـ"بيزنيس إنسايدر"

 

قبول أمريكي وأوروبي

 

اللافت هنا أن الكثير من الشركات حصلت على الضوء الأخضر من هيئة الزراعة الأمريكية ونظيرتها الأوروبية لإجراء التجارب المتعلقة بالتعديل الجيني، بما يؤشر لقبول الولايات المتحدة وأوروبا للطفرة الجديدة المنتظرة، وبما يعكس وجود أسواق مستعدة لقبول المنتجات الجديدة.

 

صحيفة "جارديان" اشارت إلى أن التعديلات الجينية الأخيرة في مجال إنتاج الغذاء من شأنها إحداث ثورة في هذا المجال، فبعد اكتفاء الفلاحين بمجرد إنتاج بطيخ يحمل عصيرًا أكثر، أو تفاح لا يتحول لونه للأسود إذا تم قطعه سيصبح العمل على تعديلات وراثية أهم.

 

فالأزمة التي كانت تواجه استخدام التعديلات الجينية بشكل واسع هو تكلفتها الكبيرة أولًا، وثانيًا تشكيك الكثير في مدى أمان الأغذية المعدلة وراثيًا، وثالثًا مدى الفائدة المرجوة منها اقتصاديًا في مواجهة ضررها البيئي المحتمل.

 

وترى "بيزنيس إنسايدر" أن الأمر تغير كثيرًا مع التكنولوجيا الجديدة، فهي آمنة في رأي غالبية علماء الغذاء والجينات، حتى أن الاتحاد الأوروبي يفكر في استبعاد الأغذية المنتجة بأسلوب "التعديل الجيني بالحذف" من قائمته للأغذية المعدلة وراثيًا بحيث يتم التعامل معه كالغذاء العادي.

 

 

كما أن العائد المنتظر وراء تلك الأبحاث كبير للغاية، حيث تشير تقديرات هيئة الزراعة الأوروبية إلى أن التكنولوجيا الجديدة قد تزيد بعض المحاصيل في الإنتاجية بنسب تتراوح بين 7-23%، وذلك بعد أن تصبح المحاصيل أكثر مقاومة للعوامل البيئية المختلفة.

 

ويعتبر موقع "تكنولوجي ريفيو" أنه مع التغيرات البيئية العنيفة التي أثرت على كوكب الأرض بأكمله فإن إنتاج مثل تلك الأغذية المعدلة وراثيًا أصبح حتميًا، على أن تكون آمنة، فتوافر الغذاء الرخيص من شأنه أن يقضي على المجاعات وأمراض نقص التغذية وغيرها من أشكال معاناة دول العالم الثالث مع ما يسد الرمق.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.