لم تمنع الأصول العربية والأبوان المهاجران لرجل الأعمال المكسيكي "كارلوس سليم" من أن يصفه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بـ"الرجل العظيم" عقب لقاء جمع بينهما نهاية عام 2016.
نجاح الملياردير في تغيير انطباع "ترامب" ولهجته الهجومية، ربما يرجع لحنكته في مجال الأعمال حيث لم يعتد الهزيمة من قبل، وكيف يقبل الهزيمة وهو صاحب أكبر النجاحات في بلاد الفرص المحدودة، والحائز على لقب أغنى رجل في العالم لسنوات.
وتقدر ثروة الملياردير حاليًا بنحو 64.2 مليار دولار، وهو أغنى رجل في المكسيك، ويمتلك وعائلته "أمريكا موفيل"، وهي أكبر شركة لتشغيل الجوال في أمريكا اللاتينية، وله أعمال في مجالات التشييد والبناء والسلع الاستهلاكية والتعدين، كما يملك حصة نسبتها 17% في صحيفة "نيويورك تايمز"، بحسب "فوربس".
حياته المبكرة
- والدا "سليم" من المهاجرين اللبنانيين، انتقلا إلى المكسيك قبل ولادته، وركز الأب على تعليمه قراءة الوثائق المالية والاستثمار في سن مبكرة، بحسب "التلغراف".
- انتقل الرجل وزوجته إلى المكسيك عام 1902، وغير اسمه من "خليل سليم حداد" إلى "جوليان سليم حداد" وبعد 9 سنوات أنشأ متجرًا للبضائع الجافة قبل الاستثمار في العقارات، ليحقق نجاحًا باهرًا في هذه الأعمال، ثم رُزق بـ"سليم" عام 1940.
- عند وفاة الأب عام 1953، انتقلت هذه الأعمال إلى الابن الذي التحق بالجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، ودرس الهندسة المدنية وتخرج عام 1961، وبعد فترة وجيزة أسس أول أعماله، وكانت شركة تأمين.
توجهات استثمارية
- رغم شهرته كمؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة "كارسو" ورئيس مجلس إدارة عملاق الاتصالات "تيلمكس"، لكن ثروته كانت نتاجًا تراكميًا لأعمال أخرى، حيث أمضى الكثير من الوقت في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في بناء محفظة متنوعة تؤثر بقوة في الاقتصاد المكسيكي، وفقًا لموقع "ويلز إكس".
- يتبنى "سليم" استراتيجية خاصة لبناء الثروات، وهي الاستحواذ على الشركات المضطربة وتحويلها إلى حيازات قيمتها مليارات الدولارات قبل بيع حصته بقيمة أعلى، واستفاد كثيرًا خلال أزمة الديون المكسيكية عام 1982 في شراء العديد من الشركات المتدهورة.
- بحسب "بزنس إنسايدر" كان أول ظهور لاستراتيجية "سليم" في الولايات المتحدة عام 2009، عندما أقرض "نيويورك تايمز" 250 مليون دولار بسعر فائدة 14%، وكان الأمر بالنسبة له مجرد صفقة تجارية، وليس اقتحامًا لعالم الصحافة، لكنه على أي حال أصبح الآن أكبر مساهم فردي في الصحيفة.
الظهور العالمي والنفوذ المحلي
- سُلطت الأضواء العالمية على "سليم" للمرة الأولى في عام 1991 عندما ورد اسمه في قائمة "فوربس" للمليارديرات بثروة قدرها 1.7 مليار دولار، بعدما حقق أول نجاح كبير له بإدراج "كارسو" في البورصة ليبدأ مساعيه لخصخصة شركة الاتصالات "تيلمكس" عام 1990.
- في عام 2010، تجاوز "بيل جيتس" ليصبح أغنى رجل في العالم، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُنتزع فيها اللقب من أثرياء الولايات المتحدة منذ 16 عامًا.
- أما في المكسيك، فيحظى بتواجد قوي جدًا، تقول عنه "التلغراف": إن نطاق نفوذه كبير للغاية، حيث يستيقظ المواطن المكسيكي على صحف تم شراؤها من متجر مملوك لـ"سليم"، ويأكل خبزًا اشتراه أيضًا من مخبز تابع لـ"سليم"، وحتى سيارته غالبًا تحظى بتأمين لدى شركة "سليم".
- خلال عام 2017، وفي الوقت الذي كانت ثروته آخذة في التراجع، تزايدت شعبية "كارلوس سليم" بشكل كبير في المكسيك، إلى الحد الذي أثار تكهنات عن ترشحه لرئاسة البلاد، واعتبره المواطنون الشخص الأجدر بمواجهة تهديدات "ترامب" والأوفر حظًا في الفوز بالانتخابات إذا ترشح.
- بالطبع لم تخل مسيرته من الانتقادات، حيث يدّعي معارضوه بأنه محتكر وأن ممارساته ترفع الأسعار وتزيد عبء البطالة، لكن رجل الأعمال الملياردير لا يسمح للنقد بإزعاجه ويقول: عندما تعيش لآراء الآخرين، فأنت ميت، وأنا لا أريد قضاء حياتي في التفكير في كيف سيتذكرونني.
- وهنا إشارة لا بد منها، فوفقًا لموقع "إنفستوبديا"، فإن ثروة "سليم" أكسبته نفوذًا سياسيًا، يكفي لجعل الحكومة المكسيكية تغض الطرف عن هيمنته في صناعة الاتصالات.
لمحات عن الشخصية
- حصل رائد الأعمال المكسيكي على العديد من الجوائز في المجال الخيري، ويقول إن هدفه الأكبر هو التخفيف من حدة الفقر، ويؤكد أنها مهمة جميع رواد الأعمال أمثاله.
- ورغم تأكيد عدم نيته التبرع بثروته كلها للأعمال الخيرية، أنشأ "سليم" منظمته الخاصة والتي تركز على دعم مجالات الصحة والتعليم والفنون في عام 1989، وبلغت قيمة أصولها ما يزيد على 6.8 مليار دولار هذا العام، وسبق أن تبرع لها شخصيًا بـ4 مليارات دولار على دفعتين عامي 2006 و2010.
- في عام 2004، استقال "سليم" من مجالس إدارة ثلاث شركات كبرى، من أجل التركيز على أسرته والعمل الخيري وصحته، وخصص يومًا لتناول العشاء مع أبنائه وزوجاتهم ومناقشة الأعمال، فيما خصص يومًا آخر لأحفاده.
- لا يضع "سليم" حاسوبًا على مكتبه الشخصي، حيث يفضل الاحتفاظ بالمعلومات والبيانات في دفاتر الملاحظات الورقية التقليدية، وحتى الآن يحتفظ ويعتز كثيرًا بالمنزل الذي عاش فيه طفولته، ويضع صورة والده على مكتبه.
- في إطار فلسفة العمل الخاصة به يرى الملياردير المكسيكي، أن حياة البشر ستكون أفضل إذا تم تقصير مدة الدوام إلى ثلاثة أيام أسبوعيًا فقط، لكنه يدعو أيضًا إلى زيادة ساعات العمل اليومية إلى 11 ساعة ورفع سن التقاعد إلى 75 عامًا ويقول: يجب أن يكون لديك المزيد من الوقت لتقضيه لنفسك، ولا ينبغي حدوث ذلك عندما تبلغ من العمر 65 عامًا وتتقاعد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}