نبض أرقام
11:00 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23

لماذا يتسم سوق الأسهم الصينية بالهدوء؟ وكيف نجحت الدولة في السيطرة على التذبذبات؟

2018/06/04 أرقام

شهد سوق الأسهم الصينية الكثير من التقلبات على مدار فترات طويلة، ولكن بعض المستثمرين أصبحوا يصفونه بالهادئ، فمنذ ثلاث سنوات، هبط السوق بحوالي النصف على مدار شهرين فقط.

 

مع ذلك، يرى تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" أن سوق الأسهم الصينية أصبح أقل تذبذبا وأكثر هدوءا حتى في خضم أحداث سياسية، والسر وراء ذلك هو الحكومة أو أجهزة الدولة بمعنى أدق التي تدير السوق بتناغم لدفعه نحو الاستقرار وعدم الوقوع تحت ضغوط أو تلاعب من مستثمرين.

 

اتخذت الحكومة الصينية خطوات مدعومة بتقنيات للمراقبة المتقدمة لمعرفة أنشطة المستثمرين والمتداولين عن كثب وإصدار تحذيرات لشركات الوساطة والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه وحتى الاتصال مباشرة بأي مستثمر يرونه يحيد عن التعاملات المنظمة.

 

زاد التدخل الحكومي في البورصة الصينية في الوقت الذي سيتم إدراج السوق للمرة الأولى ضمن مؤشر الأسهم العالمية "MSCI Inc" الذي تتبعه العديد من الصناديق الاستثمارية من مختلف الدول، وجرى إضافة أكثر من 200 سهم صيني لمؤشر الأسواق الناشئة اعتبارا من بداية يونيو/حزيران.

 

 

رقابة حثيثة

 

- يعني التدخل الحكومي أن المزيد من المستثمرين الأجانب سيكونون مستهدفين من جانب بكين لمعرفة توجهاتهم الاستثمارية، وأفاد أحد المحللين بأن الدولة تراقب كل صغيرة وكبيرة تدور في السوق منذ عقود.

 

- قال أحد المستثمرين الصينيين إنه تلقى تحذيرا حكوميا عن طريق السمسار الذي يتعامل معه في مارس/آذار الماضي عندما باع أسهما بقيمة 325 ألف دولار ثم اشتراها سريعا.

 

- أبلغ السمسار هذا المستثمر بأن تعاملاته كانت مخالفة لقواعد بورصة "شنتشن" التي تريد سوقا مستقرة، وكان على المستثمر التعهد بعدم ارتكاب هذا السلوك مجددا لتجنب التعرض لعقوبة قاسية مثل منعه من التداول.

 

- أوضح المستثمر أن تعاملاته كانت كبيرة ومتكررة بشكل مبالغ فيه، وتم إبلاغه بعدم تنفيذ مثل هذا السلوك في الوقت الذي كان يتم فيه انعقاد الاجتماع التشريعي الهام للحزب الشيوعي الحاكم.

 

- على ما يبدو، أسهمت تدخلات الحكومة في أسواق الأسهم على مدار العامين الماضيين في استقرار على غير المعتاد بالتزامن مع عوامل أخرى كهدوء الأسواق العالمية في 2017 والاقتصاد الصيني الصحي نسبيا.

 

- أفاد مستثمرون بأن تدخلات الحكومة ومراقبتها الحثيثة على أسواق الأسهم في الصين كانت شائعة خلال الأسابيع التي سبقت اجتماع الحزب الشيوعي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وظهر ذلك جليا في ضعف التقلبات في مؤشر "شنغهاي" الذي كان يتحرك بشكل طفيف حينها.

 

 

مشاكل محتملة

 

- رغم ما يبدو من الهدوء في أسواق الأسهم الصينية نتيجة التدخل الحكومي، إلا أن التدخل في الأسواق بوجه عام يمكن أن ينتج عنه مشاكل خطيرة من بينها التسبب في مشكلات للمستثمرين الأجانب الذين زادوا حيازتهم من الأصول في البلاد.

 

- يمكن للتدخل الحكومي تشويه أسعار الأصول وأن يصعب على المحللين تقدير قيمتها الحقيقية كما تضعف فرص جني أرباح سريعة أو التخارج من السوق في الوقت المناسب.

 

- على المدى الطويل، تتسبب هذه المشكلات في ضعف الإقبال من المستثمرين على أسواق كهذه، وبالتالي، تتراجع العوائد منها، وأكد مستثمرون أن تدخلات بكين قد تسببت بالفعل في انخفاض حاد بمستويات السيولة بالسوق منذ عام 2015، وهبطت البورصات الصينية هذا العام بنسبة 6.4% حتى نهاية مايو/أيار.

 

- علق مستثمرون بأنهم إذا لم يستطيعوا البيع والشراء في البورصة الصينية وقتما يريدون، فإن ذلك سيعوقهم عن الاستثمار فيها، وعلى أثر ذلك، قال مدير صندوق "Yixinweiye" "جونج شياوتاو" إنه قرر التخارج من بكين والاستثمار في البورصة الفيتنامية خوفا من تقييد حرية التداول في الصين.

 

- ربما كان القرار بإدراج أسهم صينية على مؤشر "MSCI" بعد سنوات من الرفض نتيجة جهود الحكومة لتحسين وتيرة دخول السوق، ويمتلك المستثمرون الأجانب 2% في الأسهم الصينية حاليا.

 

- أثمرت جهود الصين في إدارة السوق تيسير تقنيات المراقبة وتتبع أي تدفقات لرؤوس الأموال في حسابات الأفراد والشركات في وقتها.

 

- أفاد أحد المسؤولين الحكوميين بأن الجهات التنظيمية استغرقت سنوات في تطوير أدوات رقابية شديدة على أسواق الأسهم من أجل حماية مستثمري التجزئة.

 

- بالمقارنة، يمكن لأسواق الأسهم الأمريكية اكتشاف أي نشاط تداولات غير عادي، ولكن يصعب على الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة رؤية بيانات العملاء، وهو ما يدفعها للتقدم بطلب لمعرفة بيانات المستثمر المستهدف.

 

- لا توجد حدود لأحجام التداول التي تستدعي تدخل السلطات الصينية، ولكن عددا من شركات السمسرة أكدت على أن التعاملات التي يتراوح حجمها بين مليون ومليوني يوان (ما بين 155 ألف دولار و310 آلاف دولار) تجذب الانتباه وتثير شكوك الجهات الرقابية.

 

 

تدخل منظم

 

- في أوقات التقلبات الشديدة بالبورصة الصينية، لا تتدخل الجهات التنظيمية وتبقى على الحياد ربما لأنهم يعزون هذه التقلبات إلى تطورات عالمية وليست محلية، ولكن يفترض مستثمرون تدخل بكين إذا خرجت عمليات بيع مكثفة عن السيطرة.

 

- تمتلك بكين علاقة معقدة مع سوق أسهمها منذ أن سمحت بانفتاح بورصة شنغهاي عام 1990، ومنذ ذلك الحين، ارتفع السوق بنسبة 24% سنويا في المتوسط حتى 2017، وبلغت القيمة الإجمالية للشركات المدرجة في بورصتي "شنغهاي" و"شنتشن" حوالي 8.5 تريليون دولار.

 

- قيدت بكين عدد عمليات الاكتتاب العام الأولي واستخدمت صناديق مدعومة من الحكومة لدعم أسهم الشركات المملوكة للدولة، كما منحت في بعض الأحيان إرشادات غير رسمية من خلال إعلامها الرسمي للمستثمرين.

 

- في عام 2015، تعرض سوق الأسهم الصينية لهبوط حاد، واندفع الكثير من المستثمرين نحو التخارج، وتصرفت بكين سريعا حيث حظرت المضاربات مؤقتا وأوقفت الاكتتابات وكبحت التداولات بأموال تم اقتراضها كما جمدت بعض الحسابات، وأودعت أحد مديري الصناديق السجن بعد ثبوت تلاعبه في البورصة بالإضافة إلى إطلاق فريق وطني من المستثمرين لدعم السوق عن طريق شراء أسهم.

 

- أسفرت تلك الخطوات عن استقرار السوق، ولكن بمرور الوقت، بدأ الكثيرون يلاحظون مبالغة في تدخل بكين، وقبل اجتماع الحزب الشيوعي في أكتوبر/تشرين الأول 2017 – الذي يقام كل خمس سنوات – طالب أحد المسؤولين التنظيميين شركات السمسرة بإدراك أهمية الحدث والحفاظ على استقرار السوق.

 

- في اليوم الذي افتتح مؤتمر الحزب الشيوعي، تم إرسال إخطارات وتحذيرات لثلاثة عملاء بسبب أدائهم المريب في التداول بسوق الأسهم في الصين للحيلولة دون حدوث أي تقلبات.

 

- ربما نتيجة هذه القيود والرقابة والتدخل من الجهات التنظيمية، قلت أحجام التداول في بورصتي "شنغهاي" و"شنتشن" مؤخرا.

 

- في الآونة الأخيرة، تراجع حجم التداول اليومي في بورصة "شنغهاي" إلى أدنى 200 مليار يوان من أعلى 300 مليار يوان منتصف يناير/كانون الثاني ومن 1.3 تريليون يوان قبل صيف 2015.

 

- لا تجذب هذه القيود والرقابة التنظيمية المستثمرين الذين يهتمون بالتداول وعقد صفقات على المدى القصير.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.