نبض أرقام
11:48 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23

كيف "تسحق" الشركات العملاقة المنافسة قبل ميلادها؟

2018/06/17 أرقام - خاص

ما هي تكلفة الحصول على موقع الإنترنت أو تطبيق للجوال أو خدمة إلكترونية مرتبطة بالإنترنت أو غيرها من أشكال الخدمات التكنولوجية؟ .. لا شك أنها كلفة محدودة للغاية إذا ما تمت مقارنتها بالأرباح المنتظرة حال نجاح مثل هذا المشروع في ظل العائدات الاستثنائية للمنتجات المرتبطة بالتكنولوجيا والإنترنت والبرمجة خلال الأعوام الأخيرة.

 

 

ولعل هذا هو ما دفع الشركات العملاقة للعمل باستمرار على منع ظهور أي شكل للمنافسة الجادة لها، وذلك من خلال صفقات الاستحواذ على الشركات الأصغر، أو من خلال استنساخ نقاط قوة الشركات الصغيرة وتقديمها من خلال الشركات الأكبر.

 

منذ بداية الألفينات

 

وتلفت مجلة "ذا هيل" إلى ما فعلته شركة مايكروسوفت في أوائل الألفية الحالية من خلال طرح برنامج "مايكروسوفت أوفيس" كبرنامج مكمل لـ"ويندوز" من أجل إغلاق الباب على رواج منتجات أخرى منافسة لها أو تشبه برامج "وورد" أو "باور بوينت" وغيرها، فبيع المنتجين مرتبطين مع بعضهما البعض يجعل الشركة تستغل نقطة تفوقها الرئيسية في مجال برامج التشغيل (ويندوز) لتسيطر أيضًا على البرامج المساعدة.

 

واستدعى هذا في وقت لاحق تدخل المحكمة الأمريكية باستخدام قانون منع الممارسات الاحتكارية، حيث قررت في بادئ الأمر غرامة يومية على "مايكروسوفت" قدرها مليون دولار إذا أبقت على دمج منتجيها معًا في البيع، غير أن مكاسب الشركة من الدمج فاقت الغرامة اليومية فاستمر الوضع على ما هو عليه لأشهر، قبل أن تصدر المحكمة حكمًا آخر تجبر فيه الشركة على بيع كل منهما منفصلًا.

 

وفي تلك الحالة كانت مايكروسوفت مستعدة لتحمل غرامة مليون دولار (في عام  2001 وليس في يومنا هذا حتى) في مقابل عدم السماح للمنافسين بالانتشار والظهور.

 

وتشير مجلة "إيكونوميست" في تقرير لها إلى أن الشركات الأمريكية الثلاث العملاقة في مجال التكنولوجيا،  أمازون وفيسبوك وألفابيت (جوجل)، ساهمت من خلال سياساتها في تقليص الشركات المستعدة للمغامرة باستثماراتها في تمويل المشاريع المرتبطة بالبحث على الإنترنت والهواتف المحمولة والتجارة الإلكترونية بشكل كبير، رغم عائداتها الكبيرة، حيث أصبحت نسبة تلك المشاريع الجديدة في عام 2017 ما يناهز 22% مما كانت عليه عام 2012.

 

 

أساليب متعددة لـ"الحرب"

 

والمثالان الأكثر حداثة في هذا الصدد ما قام به "فيسبوك" من تعديلات على موقعه الإلكتروني بالسماح بالفيديوهات المباشرة أولًا ثم إدراج الـ”story” أو القصة في برنامج المحادثة الخاص بالموقع (ماسنجر) من أجل محاربة موقع "سناب شات"، لا سيما بعد رفض الأخير لعرض قدمه "فيسبوك" بالاستحواذ عام 2013 مقابل 3-4 مليارات دولار وفقًا للتقارير.

 

والملاحظ هنا أنه على الرغم من المحاربة القوية للموقع الناشئ "سناب شات" إلا أن قيمته نمت بشكل مضطرد حتى أنه رفض عرضًا آخر بالاستحواذ، هذه المرة من جوجل، بقيمة 30 مليار دولار في عام 2017 أي أن قيمة الموقع نمت 10 أضعاف خلال 4 سنوات فحسب، بما يؤشر لإمكانية "نجاة" بعض الأعمال الجديدة.

 

غير أن موقع "بيزنيس إنسايدر" يشير إلى أنه على الرغم من نجاح "سناب شات" في الظهور والطفو على السطح إلا أن هذا لا يمثل إلا نسبة ضئيلة للغاية من الشركات التي يكون نصيب غالبيتها "السحق" تحت أقدام الشركات العملاقة التي تعمل على وأد المنافسة قبل ظهورها.

 

وقام "فيسبوك" أيضًا على سبيل المثال بمحاربة تطبيق يسمى "لايف أون إير" (على الهواء مباشرة) وكان يقوم على بث المشتركين لفيديوهات حية يقومون بتصويرها من موقع الحدث، وعلى الرغم من البداية الجيدة للتطبيق، إلا أن طرح فيسبوك لفكرة الفيديوهات الحية من خلال موقعه أنهى على أي فرص للتطبيق في النجاح والانتشار.

 

بل وقام موقع "فيسبوك" مؤخرا، ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، باستهداف كافة المواقع التي تعمل على نشر تطبيقات للمواعدة، من خلال اختبار تطبيق يتيح المواعدة باستخدام "فيسبوك" ومن المنتظر أن يتم استخدامه على نطاق واسع قريبًا.

 

شكل جديد للاستثمار

 

أما "أمازون" ووفقًا لـ"إيكونوميست" فقد أجرت سلسلة من عمليات الاستحواذ على بعض متاجر التجزئة التي أقرت القيام بعمليات توصيل للبضائع من خلال نظام مشابه لأمازون بمبالغ تناهز الـ18 مليار دولار خلال الأعوام الأخيرة، بما يعكس إصرارًا واضحا على عدم السماح لمنافسين جدد بالتوغل في هذا المجال.

 

ويشير تقرير لكلية هارفارد لإدارة الأعمال إلى أن شركات أمازون وفيسبوك ومايكروسوفت وأبل وجوجل أنفقت 31 مليار دولار عام 2017 فحسب على شراء الأعمال الصغيرة الناشئة للتخلص من المنافسة قبل ولادتها.

 

وقد أدى هذا لظهور شكل جديد من أشكال الاستثمار، وذلك من خلال بعض المنظمين الذين يبدأون عملًا ما ليس أملًا في استمراره ونموه ولكن في أن يحظى باهتمام شركة عملاقة تقوم بضمه في صفقة استحواذ تحقق لملاكه أرباحًا استثنائية وسريعة، لتبدو الكثير من الشركات الصغيرة حاليًا كما لو كانت أدوات لبيع الأفكار في مجال الأعمال والتكنولوجيا بسعر جيد وليست شركات بالمعنى التقليدي.

 

 

والمثير للسخرية في الأمر أن غالبية الشركات العملاقة في مجال التكنولولجيا قامت بسبب أفكار مبتكرة بالأساس وليس على استثمار كثيف أو كبير لرأسمال، ليبدو أنها وبعد أن أصبحت شركات عملاقة ليست على استعداد لتكرار التجارب التي كانت سببًا لظهورها وخروجها للنور في بادئ الأمر، بل أن تقارير متعددة أشارت إلى أنها تستخدم أسلوب التهديد لضم تلك الشركات بإنذارها أنها إذا لم توافق على البيع فإنها ستطلق خدمة مماثلة لما تقدمه الِشركة الناشئة، مع علم الأخيرة أنها لا تستطيع مواجهة الآلة الدعائية الكبيرة للشركات العملاقة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.