صحيح أن روسيا والسعودية كانتا متنافستين في المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم لكرة القدم في موسكو الأسبوع الماضي، لكنهما ستقفان جنبًا إلى جنب يوم الجمعة في فيينا، وسيكون ذلك في اجتماع منتجي النفط الذي سيقدمان خلاله مقترحًا لإنهاء (أو على الأقل الحد من) قيود الإنتاج التي فرضتها "أوبك" وحلفاؤها قبل 18 شهرًا وبعد ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ أربع سنوات.
وبحسب تقرير لـ"التلغراف" كانت قيود الإنتاج التي فرضها المنتجون بقيادة السعودية وروسيا منذ بداية العام الماضي منضبطة للغاية، حيث نجحت في امتصاص تخمة المعروض التي تسببت في هبوط أسعار النفط إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل.
والآن هناك مناشدات للبلدين لزيادة ضخ الخام مرة أخرى، وتأتي هذه المناشدات بشكل رئيسي من الإدارة الأمريكية التي تتطلع لتخفيف الضغوط عن سوق النفط العالمي في الوقت الذي تحاول فيه خلق ضغوط أخرى على إيران، وتتزايد الأدلة على أن السعودية وروسيا تتخلصان بالفعل من قيود الإنتاج قبيل قمة "أوبك" التي ستكون الأكثر توترًا منذ سنوات.
وإذا نجح الاثنان في إقناع باقي المنتجين برفع مستوى العرض بمقدار مليون برميل يوميًا خلال الاجتماع، فقد يعود الحديث في السوق عن أسعار نفط رخيصة مرة أخرى، لكن لأسباب عدة قد يكون الأمر سابقا لأوانه.
ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى الركود المذهل الذي ظهر بالفعل في الإمدادات العالمية بفضل فرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران إلى جانب الكارثة الاقتصادية المتواصلة في فنزويلا.
وتشير التقديرات إلى أن صادرات النفط الخام الإيراني يمكن أن تهبط بمقدار مليون برميل يوميًا بحلول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو ما يتزامن مع تواصل انخفاض الإمدادات الفنزويلية، ما يعني أن العجز قد يصبح أكبر مما تخطط السعودية وروسيا لتغطيته.
السبب الرئيسي الوحيد وراء ذلك والذي لم يصل بعد إلى صحافة النفط المتخصصة، هو ضعف القدرة الإنتاجية الاحتياطية، فهناك قدر محدود من الإمدادات غير المستغلة التي يمكن تشغيلها في وقت قصير، والتي تشكل 3% من الطلب العالمي، فيما ستؤدي زيادة الإنتاج المقترحة إلى تقليل هذا المستوى إلى 2%، وهو ما يمثل أقل معدل منذ أكثر من 30 عامًا.
وتعد هذه مشكلة كبيرة لأنها تعني على نحو فعال أن السوق سيكون ضعيفًا أمام أي انخفاض غير متوقع في العرض، وعلى سبيل المثال، قد يتم تجاهل تفجير خطوط الأنابيب في نيجيريا أو ليبيا في سوق مزود بإمدادات كافية، لكن مع تراجع الإنتاج وضعف القدرة الاحتياطية، قد يتسبب ذلك في ارتفاع كبير للأسعار.
وحتى وقت قريب، كان يتم تجنب المخاطر بفضل وفرة النفط الهائلة التي استخدمت كنوع من الإمدادات الإضافية، ومع الاعتماد على المخزونات كان من الممكن معالجة أي خلل على المدى القصير، لكن لم يعد ذلك ممكنًا وفي ظل تزايد الطلب خلال العام الجاري والمقبل، سيصبح السوق أكثر تشددًا من ذي قبل.
إن السبب الرئيسي لتوقع خلافات حادة خلال اجتماع فيينا هذا الأسبوع، هو حقيقة أن الكثير من البلدان لن تستفيد من تخفيف قيود الإنتاج، خصوصا المنتجين من خارج منطقة الخليج العربي، فمثلًا تعاني فنزويلا من انهيار اقتصادي، ولا تستطيع ليبيا ونيجيريا ضخ المزيد من الخام حتى لو تراجعت التهديدات الأمنية الداخلية، وبالنسبة لبلد كأنجولا فهي تعاني بالأساس من تراجع إنتاجها.
أما إيران فقد يكون لديها متسع لزيادة الإنتاج النفطي لكن العقوبات الأمريكية تقوض هذا الاحتمال، فيما وصلت بلدان أخرى مثل العراق والجزائر والمكسيك إلى الحد الأقصى من الإنتاج بالفعل.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}