منذ مائة عام، وُصفت الأرجنتين بأنها دولة المستقبل، لكن هذه الوعود المتفائلة قد أصبحت هباء منثورا، وتحاول الدولة اللاتينية الحصول على فرصة أخرى، فقد أعلن صندوق النقد الدولي مؤخرا الموافقة على إقراض الأرجنتين خمسين مليار دولار لدعم اقتصادها.
ورغم أن الأرجنتين أطلقت برامج إصلاحية متعددة في الماضي، إلا أنه لم تحدث تغيرات كبيرة، ويراهن الصندوق على أن هذه المرة مختلفة ليتساءل تقرير نشرته "الإيكونوميست": "هل على المستثمرين الرهان أيضا على الاقتصاد الأرجنتيني؟
تسلسل تقليدي
- أطلقت العديد من الدول حول العالم إصلاحات اقتصادية كان لها عوائد استثمارية في بعض المناطق مثل تركيا والبرازيل في أوائل الألفية الجديدة أو باكستان وأوكرانيا في عامي 2013 و2014.
- مع ذلك، لم تصبح أي من هذه الدول ذات اقتصاد متقدم وشعب فائق الثراء، لكنها حققت بعض الانضباط في سياساتها الاقتصادية، وفشلت العديد من التجارب.
- اتخذت غالبية السياسات الاقتصادية في تلك الدول خطوات تقليدية متسلسلة مثل شراء العملة الصعبة أو السندات قصيرة الأجل ثم الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم.
- عادة ما تبدأ مثل هذه الاقتصادات بإجراء خفض لقيمة عملاتها المحلية وتتآكل احتياطياتها النقدية، وتحاول البنوك المركزية بذل جهود لدعم العملة كما تحاول الحكومات اتخاذ إجراءات إصلاحية قاسية لاستعادة ثقة الأسواق.
- في خضم كل ذلك، يتم اللجوء لصندوق النقد الدولي الذي يملي شروطه من أجل منح قروض، وإما عرض خطط حكومية إصلاحية عليه – تشبه هذه الشروط – من أجل الحصول على قرض.
- تنطبق كل هذه الإجراءات بشكل أو بآخر على التجربة الأرجنتينية لكن مع اختلاف جوهري، وهو أن خبراء يرون اقتصادها كان بالفعل على مسار صحيح حتى وقعت أحداث عالمية أثرت عليه سلبيا مثل رفع الفائدة في أمريكا وخفض المركزي الأرجنتيني لأهداف التضخم وتقليص الفائدة ليهبط البيزو بشكل حاد.
علاج محفوف بالخطورة
- ربما تنتظر الأرجنتين بعض الحظ الذي ينعش اقتصادها ويدفع معدل التضخم نحو التراجع قبل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2019.
- من المتوقع استمرار بقاء الفائدة عند مستويات مرتفعة في الأرجنتين، وهو ما يجذب المستثمرين الساعين للحصول على عوائد مرتفعة على السندات الحكومية التي يشترونها.
- رغم ذلك، فإن العلاجات الإصلاحية في الأرجنتين محفوفة بمخاطر مثل صعوبات في التنفيذ وعدم استقرار وسخط عام في الشارع، وهو ما حاولت الحكومة التفاوض بشأنه مع صندوق النقد الدولي حيث يرى محللون أن "بوينس آيريس" طلبت الصبر في تنفيذ برنامجها الإصلاحي حتى التعافي.
- هناك مهمة صعبة أمام الحكومة الأرجنتينية تكمن في إدارة "البيزو"، فقد ارتفع معدل التضخم إلى 26% وسط توقعات بمزيد من الصعود، وهو ما يعني أن العملة المحلية في حاجة للبقاء منخفضة كي يتم تثبيت سعر الصرف عند مستويات حقيقية وتزيد تنافسية الصادرات.
- من الضروري أيضا عدم السماح بهبوط سريع للبيزو حيث إن ذلك ربما يؤدي إلى انخفاض مبالغ فيه في القيمة أمام العملات الأجنبية ليندفع المستثمرون نحو الدولار على سبيل المثال وتشهد العملة مبيعات مكثفة.
- يواجه "البيزو" ضغوطا خارجية من المبيعات التي تشهدها عملات الأسواق الناشئة خاصة الريال البرازيلي – حيث تعد البرازيل أكبر شريك تجاري للأرجنتين.
- أفاد محللون بأن حزمة صندوق النقد الدولي (50 مليار دولار) كافية لتمويل الأرجنتين حتى 2020، وحال تنفيذ الإصلاحات الطارئة بشكل صحيح، يمكن أن يمضي اقتصاد البلاد وفق المخطط نحو التعافي والانتعاش لترتفع الأجور وتتعافى الطبقة المتوسطة كما تنتعش أسواق الأسهم.
- لا يسير التقدم والنمو الاقتصادي في طريق مستقيم حيث إن الإصلاحات مريرة، ولكن أفضل ما يمكن فعله هو البقاء على المسار الصحيح قدر الإمكان، تماما مثلما يحدث في عالم كرة القدم، يعلم المدرب الذكي أن اللاعب الموهوب ستحدث له هزة ما وتذبذب في أدائه، لكنه يحاول دعمه لتحقيق أكبر استفادة منه للفريق، ويجب على المستثمرين أخذ ذلك في الاعتبار عند دراسة التجربة الأرجنتينية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}