نبض أرقام
05:01 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

نمو الاقتصاد الأمريكي.. هل من أسباب حقيقية أم أن "الفقاعة" في الانتظار؟

2018/06/22 أرقام - خاص

"النمو الذي يشهده الاقتصاد هذه الأيام ليس ناتجًا عن اختراعات جديدة أو طفرة في الإنتاجية، ولكنه بسبب تدوير التمويل الذي تقوم به المؤسسات المالية: أهلًا بكم في اقتصاد "إعادة الشراء".. هكذا وصفت صحيفة "واشنطن بوست" حالة النمو اللافتة التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي وتكاد تصل به إلى معدلات التشغيل الكاملة (الاستغلال الكامل لكافة الموارد البشرية والرأسمالية المتاحة).



 

وحذرت الصحيفة من أن الولايات المتحدة تضحي بنموها المستقبلي مقابل زيادة الاستهلاك والنمو في الوقت الحالي، مما سيكون له تأثيرات مدمرة لاحقًا.
 

عوامل حقيقية
 

وعلى الرغم من وجهة النظر هذه إلا أن هناك عوامل "حقيقية" وملموسة أدت لنمو الاقتصاد الأمريكي، ولعل أبرزها هو انخفاض قيمة الدولار بنسبة 10% على مر عام 2017، بما زاد من جاذبية السلع الأمريكية للتصدير الخارجي وسمح للقطاع الصناعي بالازدهار وزيادة صادراته حتى أنه أصبح في أكثر حالاته نشاطًا منذ أكثر من 13 عامًا.
 

ولم يقتصر الأمر على القطاع الصناعي فحسب بل امتد ليشمل النمو في قطاع الخدمات التي وصلت هي الأخرى إلى قمة عملها منذ 12 عامًا، بينما حقق سوق التوظيف أفضل معدلات له منذ الحرب العالمية الثانية، وفقا شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية.
 

وتجاوز عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد مليوني وظيفة العام الماضي.
 

واستمر سوق العقارات في النمو بنسب مرضية رغم التحذيرات المستمرة من فقاعة عقارية جديدة، مع زيادة متوسط أسعار العقارات بنسب تقترب من 5%.
 

كما أن "السلوك الاستهلاكي" للأمريكيين ساهم كثيرًا في زيادة النمو، فقد أظهرت استطلاعات الرأي، والتي نشرتها وكالة "رويترز" أن ثقة المستهلكين عالية للغاية، بل أنها أصبحت في مستويات قياسية منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، مما يدعم ثقتهم في السوق ويزيد من مشترياتهم وبالتالي يعمل على دعم الاقتصاد ككل من خلال دعم مبيعات الشركات المختلفة من سلع وخدمات.
 

إنفاق المستهلكين
 

ووفقا لـ"نيويورك تايمز" فإن إنفاق المستهلكين يسهم في قرابة 70% من النشاط الاقتصادي الأمريكي برمته، بينما الأنشطة الباقية متعلقة بالحكومة والعلاقات بين الشركات تسهم بالـ30% الباقية، لذا تتعاظم أهمية بيانات تفاؤل أو تشاؤم المستهلكين في أمريكا مقارنة عنها في بقية الدول.



 

وما ساهم أيضًا في الصعود الاقتصادي الأمريكي هو عودة صناعة السيارات الأمريكية إلى الانتعاش حيث أعلنت شركة جنرال موتورز الأمريكية عن زيادة مبيعاتها بنسبة 12% خلال عام 2017، بينما زادت نسبة مبيعات فورد 9%، بعد أن ساد التشاؤم أروقة تلك الصناعة بعد تسجيلها لبيانات سلبية نهاية 2016 وفي الربع الأول من 2017.
 

وفي "نيويورك تايمز" يقول الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا "وون شون" إن جزءا هاما من النمو الذي تشهده الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة يعود إلى خطط تقليل الضرائب وزيادة النفقات الحكومية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر لا يتم بالحكمة اللازمة.
 

ويضيف "شون" أنه مع زيادة مستويات السيولة بسبب النفقات الحكومية وتقليص الضرائب فإن أسعار الفائدة اتجهت –وستتجه مستقبلًا- للارتفاع بشكل تلقائي، بما يعني عرقلة الاستثمارات وقدرة رؤوس الأموال والشركات المختلفة على التوسع بتكلفة معقولة مما سيقود البلاد إن آجلًا أو عاجلًا إلى حال من الركود.
 

ويتوقع "شون" أن تصطدم الولايات المتحدة بالركود في عام 2020، مشيرًا إلى أن قراءة سريعة في اتجاهات السوق وأسعار الفائدة والسيولة النقدية تصل بالأمر إلى حد الوصول لمعدلات نمو سالبة في هذا العام إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه.
 

وتأتي نظرية "إعادة شراء الأسهم" كأحد أهم أسباب حالة النمو التي تشهدها الولايات المتحدة مؤخرًا، حيث إن الشركات الأمريكية تعيد شراء ما قيمته 1.2 تريليون دولار أسهم خلال عام 2018 وفقَا لتقديرات "جولدمان ساكس"، وشركة آبل وحدها أعادت شراء أسهم بقيمة 210 مليارات دولار منذ عام 2012 وهو ما يعادل قيمة الشركات الـ480 الأصغر في مؤشر شركات التكنولوجيا الـ500 الأمريكي.
 

خطورة عمليات إعادة الشراء
 

وترى "واشنطن بوست" في أسلوب ممارسة خيار إعادة شراء الأسهم الذي تطبقه الشركات الأمريكية "ممارسة خاطئة" لأنه يسمح للشركات أن تشتري الأسهم وهي تعلم أن هذا سيؤدي لرفع السعر في السوق بسبب تقلص المعروض، كما أنها تختار الأوقات التي تعلم فيها أن قرارات بالتوسع أو اكتشافات جديدة من شأنها أن تقود سعر السهم إلى المزيد من الارتفاع.
 

ومن ناحية أخرى يؤدي استخدام الشركات لخيار إعادة شراء الأسهم بكثافة إلى زيادة السيولة في السوق وتدعيم القوة الشرائية للمستهلكين وبالتالي دعم قدرتهم على التوسع في النفقات التي تزيد من نشاط الاقتصاد ككل في ختام المطاف، لكنها ترفع من نسب التضخم بشكل مستمر (وهو ما حدث في الولايات المتحدة) وترفع من نسب الفائدة أيضًا لاحقًا.



 

وتحذر صحيفة "فاينانشيال تايمز" من أن ثلث الأموال التي تستخدمها الشركات في إعادة شراء أسهمها تكون قروضا على تلك الشركات، وهو ما يجعلها أقرب للمضاربين منها للشركات العادية، غير أنها هنا تستثمر في الشركة نفسها التي تملك عنها كل المعلومات التي يعلمها العامة ولا يعلم عن العقبات وخطط التوسع وغير ذلك بما يجعل تلك الممارسة بمثابة تلاعب غير مباشر بسوق الأموال.
 

ولا شك أن الاقتصاد الأمريكي لديه الكثير مما يدعم صعوده في الآونة الأخيرة، حتى أن استطلاعا للرأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أكد أن غالبية الأمريكيين لا يحبون طريقة "ترامب" في الكلام أو إدارة البلاد لكنهم سعداء بسبب حالة الاقتصاد في عهده، لتحذر الرئيس الأمريكي من أن الوضع لن يبقى على ما هو عليه عندما تتراجع المؤشرات الاقتصادية "المنفجرة" لأنه من الثابت دائمًا في الاقتصاد –كما في كل شيء آخر- أن ما هو حقيقي فقط هو الذي يبقى ويذهب كل ما عاداه.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.