تقدم محافظ البنك المركزي الأرجنتيني "فيديريكو ستورزنجر" بالاستقالة من منصبه في الرابع عشر من يونيو/حزيران في خطوة زادت من الاضطرابات في الأسواق الناشئة.
وتزعم العديد من الدول أنها تترك سعر صرف عملتها حرا، ولكن في الحقيقة، تتدخل البنوك المركزية في تلك الدول بشكل متقطع لتحقيق استقرار سعر صرفها، وهو ما يعني أن الأفعال تتناقض مع التصريحات.
ظهر ذلك جليا في إجراءات "ستورزنجر" حيث واجهت أسواق المال مشكلة مع تصريحاته وطريقة إدارته لسعر صرف "البيزو" مما أثر سلبا على مصداقية البنك المركزي، وهو ما دفع "الإيكونوميست" للتساؤل:
"لماذا تقلق اقتصادات ناشئة كالأرجنتين وتركيا كثيرًا بشأن سعر الصرف"؟
التضخم
- أقر صندوق النقد الدولي مؤخرا حزمة قروض بقيمة خمسين مليار دولار للأرجنتين على مدار ثلاث سنوات، وبعد الاتفاق على هذا القرض بشكل مبدئي، صرح "ستورزنجر" بأن البنك المركزي سيتدخل في سعر الصرف فقط خلال المواقف الصعبة التي تتطلب ذلك.
- بعد الكشف عن القرض، وقع البيزو الأرجنتيني تحت وطأة الضغوط أمام الدولار الأمريكي ليستأنف البنك المركزي مبيعاته على العملة الأجنبية لدعم العملة المحلية مما تسبب في تآكل 665 مليون دولار من الاحتياطي النقدي في الثاني عشر والثالث عشر من يونيو/حزيران.
- في اليوم التالي الموافق الرابع عشر من يونيو/حزيران، تقدم "ستورزنجر" باستقالته مما نتج عنه هبوط البيزو بنسبة 5.3% في يوم واحد أمام الدولار.
- بوجه عام، يتيح ضعف العملة المحلية في بلد ما مزيدا من التنافسية لصادراتها وأصولها، وعندما يتعرض اقتصاد لمشكلة تخارج رؤوس أموال، فإن الأفضل السماح بانخفاض قيمة العملة بدلا من رفع معدل الفائدة لإعادة استقرارها.
- الأمر المقلق – عند السماح بانخفاض قيمة العملة – هو التضخم، فعندما تتراجع العملة، تزيد تكاليف الواردات ويتذبذب استقرار الأسعار.
- على سبيل المثال، تسبب هبوط الليرة التركية أمام الدولار في ارتفاع معدل التضخم حيث كان للأسعار ردة فعل سريعة على ضعف العملة المحلية.
- ردا على ذلك – كما فعل المركزي الأرجنتيني – اضطر البنك المركزي التركي لرفع معدل الفائدة رغم معارضة الرئيس "رجب طيب إرودغان" لهذه الخطوة.
- تعهد الرئيس التركي – الذي فاز في الانتخابات الرئاسية بصلاحيات أوسع مؤخرا – خلال حملته الانتخابية بخفض معدل الفائدة ومعالجة مشكلة التضخم في البلاد.
- يرى محللو "كابيتال إيكونوميكس" أن الأحوال المالية في الأرجنتين وتركيا متشابهة هذا العام وتفاقمت عما كان عليه الأمر عام 2013 عندما قرر الاحتياطي الفيدرالي إبطاء وتيرة التيسير الكمي.
الديون
- في اقتصادات ناشئة أخرى كالبرازيل، انخفضت العملة المحلية (الريال) بنسبة 9% منذ منتصف أبريل/نيسان، ولكن البنك المركزي لم يلجأ إلى رفع معدل الفائدة وأصر على عدم وجود علاقة بين الصدمات الأخيرة في الأسواق الناشئة والسياسة النقدية.
- هناك مشكلة أخرى يجب القلق بشأنها عند الحديث عن سعر الصرف، وهي الدين العام حيث إن انخفاض قيمة العملة يجعل سداد الديون المقومة بالدولار أو اليورو أكثر صعوبة.
- أفاد معهد التمويل الدولي بأن حجم ديون الحكومة والشركات غير المالية المقومة بالعملات الأجنبية في الأرجنتين قد تجاوز 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغ في تركيا 47%.
- بالمقارنة، يقدر حجم ديون الحكومة والشركات غير المالية في كل من المكسيك وجنوب إفريقيا أقل من 25% من ناتجهما المحلي الإجمالي، وأقل من 20% في البرازيل وماليزيا وحوالي 10% في كل من الهند والصين وتايلاند.
- في إندونيسيا، يعد معدل التضخم منخفضا قرب 3.2% كما أن حجم الديون بالعملات الأجنبية يقل عن 19% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى منخفض أيضا، ومع ذلك، رفع البنك المركزي معدل الفائدة مرتين في مايو/أيار لدعم الروبية.
- لا تزال إندونيسيا تعاني من تداعيات الأزمة المالية الآسيوية وربطت بين انخفاض عملتها واقتصادها المتعثر، وعلى غرار اقتصادات ناشئة أخرى، تتخوف "جاكرتا" من أن يؤدي انخفاض عملتها إلى مزيد من المضاربة ضدها، وبالتالي، المزيد من التراجع.
- ربما كان هذا الموقف في أذهان محافظ البنك المركزي الأرجنتيني المستقيل عندما تدخل في سعر الصرف على عكس تصريحاته، وكان سيئ الحظ حينما شهد البيزو انخفاضا حادا أمام الدولار عقب إشارات من الفيدرالي الأمريكي بأنه سيرفع معدل الفائدة، وهو ما حدث بالفعل في الثالث عشر من يونيو/حزيران.
- في الأسواق الناشئة بوجه عام، تعد سياسة العملة وأسعار الصرف معقدة ربما لأن الأسواق المالية تطالب بشفافية أكبر من قبل بنوكها المركزية مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}