أصبح المستثمرون أكثر اقتناعًا بأنهم يستطيعون شراء أسهم الشركات التي تقدم أداءً أفضل من غيرها وتحقق أرباحًا أكبر بكل بساطة، لكنهم مخطئون؛ فالصناديق الاستثمارية الآن تبحث عن الشركات التي ترفع شعار "لأداء أفضل افعل الخير"، والتي تتحلى بالمسؤولية الاجتماعية وتتبع مقاييس بيئية واجتماعية حكيمة في تحديد وجهتها.
وبحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال" فإن الشركات السليمة من الناحية الأخلاقية، عادةً ما تكون استثمارًا أفضل، ومن خلال استثماراتها في أعمال أخرى يستطيع المستثمرون دفع مزيد من الشركات إلى المسار الصحيح نفسه.
يتعين على المستثمرين في الواقع أن يختاروا بين مبدأين متنازعين أساسًا؛ أولهما هو التصويت لصالح معتقداتهم، بمعنى الموافقة على ضخ أموالهم في عمليات وأسهم شركات يعتقدون أنها تحسن التصرف وتحد الممارسات السيئة بأقصى درجة ممكنة.
أو ببساطة يمكن أن يكونوا رأسماليين من الباحثين عن العائد، بغض النظر عن معايير الحوكمة وقضايا المجتمع والبيئة. وللأسف، لا يمكن للمستثمرين الجمع بين الخيارين، وسيكون عليهم دائمًا تفضيل أحدهما على الآخر، لكن لماذا؟
- المستثمر الذي يهتم بالربح فقط، يعتقد أن حزمة المعايير المتعلقة بالحوكمة والبيئة والقضايا الاجتماعية، توفر معلومات عن المخاطر المرتبطة فقط بسهم معين، وهي بالفعل قد تكون مفيدة في ذلك، على سبيل المثال، لتحديد الشركات ذات الحوكمة الضعيفة، التي قد تكون أكثر عرضةً لارتكاب ممارسات سيئة، ومن ثم الإضرار بالمساهمين، كما حدث في فضيحة فولكس فاجن.
- المشكلة هي أن الشركات المدارة بأسلوب سيئ، وكبار الموظفين وأرباب العمل غير الجيدين (وفقًا لهذه المعايير)، يحظون بأسهم تبدو مغرية ومربحة، مثل الانتعاش الذي يشهده القطاع المكروه على نطاق واسع من مناصري البيئة الآن؛ فأسهم الفحم على مستوى العالم حققت عائدًا قدره 20% تقريبًا خلال الاثني عشر شهرًا الماضية.
- بالعودة إلى أولئك المستثمرين فهم يأملون تغيير ممارسات التنفيذيين بشراء مزيد من الأسهم في الشركات التي تتبنى نهجًا أفضل وممارسات طيبة، وبيع بعض أو كل الأسهم في الشركات السيئة؛ وذلك اعتمادًا على معايير الحوكمة والبيئة والقضايا الاجتماعية.
تباين التصنيفات
- تقول الأستاذة بكلية الإدارة في جامعة هارفارد "ريبيكا هندرسون"، إن فرق الإدارة التي اقتنعت بالاهتمام بالعوامل البيئية؛ وجدت في بعض الأحيان أنها تستطيع توفير الأموال عن طريق التحول إلى مصادر طاقة أنظف.
- في كثير من الأحيان، يتعين على الشركات أن تقرر ما إذا كانت ستقبل أرباحًا أقل لتفادي بعض المخاطر، مثل السمعة السيئة حول معايير العمل، أو قواعد أكثر صرامةً بشأن الانبعاثات الكربونية، التي قد لا تحدث لسنوات أو ربما للأبد.
- في الأمر تعقيد حقيقي يتركز في سؤال حول ما يمكن اعتباره جيدًا؛ فجميع مديري المؤشرات الكبرى يصنفون الشركات على أنها تعتد بالمعايير، لكن الممارسات المختلفة تعني أنهم لا يوافقون عليها.
- مثلًا، تمنح "فوتسي" شركة "بيركشاير هاثاواي" أقل درجة بين جميع الشركات المدرجة بمؤشر "إس آند بي 500"، فيما تمنح "إم إس سي آي" الشركة نفسها درجة "BB"، وهي مرتبة ضمن الفئة الوسطى.
- تعطي "فوتسي" شركتَي "جنرال موتورز" و"إكسون" درجة أفضل من "تسلا"؛ لأنها تنظر إلى استهلاك الطاقة في الشركات وسلاسل التوريد الخاصة بها لا في منتجاتها، حتى إنها تستبعد "تسلا" من تصنيفها الآخر للإيرادات الخضراء المحققة اعتمادًا على الطاقة النظيفة.
تجاهل الممارسات الجيدة تصحبه مكاسب
- تقول "ليندا إلينج-لي" الرئيسة العالمية لأبحاث معايير الحوكمة والبيئة والمجتمع لدى "إم إس سي آي"؛ إن هدفها من تصنيف الشركات هو تسليط الضوء على المخاطر المالية ذات الصلة بهذه القضايا. وعلى النقيض من ذلك، يركز تصنيف "فوتسي" على مساعدة المستثمرين في تقويم سلوك الشركات.
- وفقًا لـ"ليندا"، أظهرت دراسة حديثة أن الشركات التي حصلت على ترتيب منخفض من قبل "إم إس سي آي"، كانت لديها تقلبات أعلى، لكنها حققت عائدًا أعلى؛ ما يدعم فكرة أن هذا الخطر في إهمال هذه المعايير يأتي مع مكاسب.
- من جانبه، يقول "هيرو ميزونو" مدير صندوق المعاشات التقاعدية الحكومي في اليابان، وهو أكبر صندوق من نوعه في العالم: "يعتقد البعض أن معايير الحوكمة والمجتمع والبيئة عامل خطر؛ فرغم أن هناك من يراها سبيلًا للأداء الجيد، يؤمن آخرون أنها ليست إلا قضية سياسية. وفي الحقيقة، أنا لا أهتم بالأمر.. كل مع علينا فعله هو تجنب السقوط النظامي لأسواق رأس المال".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}