نبض أرقام
07:56 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

التجارة في مقومات "الحياة البرية": عندما تدفع "الربحية" الإنسان لإفناء الكائنات الأخرى

2018/07/20 أرقام - خاص

مليارات الدولارات، وشبكات واسعة من الفساد والعلاقات العابرة للحدود، واستغلال لشركات الشحن وللموانئ الكبرى، واستثمار في الدول التي تشهد حدودًا لا سيطرة عليها أو تعاني من غياب حكومات مركزية قوية.. كل هذا لا ينطبق على تجارة قدر تطابقه مع بيع وشراء الحيوانات البرية وأعضائها.

 

 

سلسلة فساد

 

ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن التجارة غير القانونية في الحيوانات، تحتل المركز الرابع على مستوى العالم بين أنواع التجارة غير القانونية الأخرى، بعد الاتجار بالمخدرات والبشر والسلاح، بقيمة سنوية تربو عن 23 مليار دولار، وبعائدات استثنائية في ظل التكلفة الضئيلة التي يتكبدها مهربو وصائدو الحيوانات البرية؛ ما يجعلها من أكثر المجالات ربحيةً على الإطلاق.

 

وتشير "تايم" إلى أن هذه التجارة تتضمن سلسلة كبيرة من الفساد، أولها السماح بالصيد (أو التغاضي عنه) ثم الرشاوى التي يتلقاها المسؤولون في بعض الدول الإفريقية والآسيوية؛ لعدم إدراج بعض الفصائل المهددة بالانقراض في القائمة التي يحميها القانون في تلك الدول، انتهاءً بالمهربين الذين ينقلون "السلع" بين البائعين والمشترين بشكل غير قانوني عبر موانئ الدول المصدرة والمستوردة.

 

وبسبب الدور المركزي لشركات الشحن في نقل تلك السلع المهربة، أقر أكبر 16 ناقلًا عالميًّا، من بينهم "آرامكس" و"دي إتش إل" وغيرهما، ميثاقًا قبل عامين لإجراء تفتيش على الشحنات التي تصدر من دول متهمة بالمشاركة في استهداف الحياة البرية، غير أن تحايلًا يتم من خلال نقل تلك السلع إلى دول مجاورة ثم إعادة شحنها إلى البلد المستورد.

 

كما شاركت خطوط الطيران في الجهد العالمي أيضًا للحفاظ على الحياة البرية، بتعهد عشرات الخطوط الجوية العالمية -منها "إير فرانس" و"الاتحاد" و"الإمارات"- بعدم نقل أي أعضاء أو حيوانات برية على متن رحلاتها.

 

أسعار خيالية

 

ويقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن هناك أكثر من 100 ألف فيل تم قتلها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بمتوسط 33 ألفًا في العام، 65% من هذا الرقم تم استهدافه في غابات إفريقيا الوسطى التي تحولت الأفيال فيها من حيوان يوجد على نحو واسع، إلى مُهدَّد بالانقراض، خلال عقد واحد من الاستهداف الواسع لدولة تعاني اضطرابات داخلية تجعل استهداف تلك التجارة في ذيل أولوياتها.

 

 

أما حيوان وحيد القرن فيتم استهدافه بصورة أوسع في آسيا؛ بسبب ارتفاع سعر قرنه (60 ألف دولار في السوق السوداء للكيلو الواحد). وارتفع استهداف وحيد القرن بنسبة 9246% خلال العقد الأخير؛ بسبب هذا الارتفاع الكبير في سعره. واللافت هنا أن غالبية المشترين من دول نامية؛ بسبب صرامة الإجراءات بشأن التهريب في الدول المتقدمة.

 

وتقدر المنظمة الأمريكية للحياة البرية، أن هناك 23 ألف طن متري من العاج يتم بيعه سنويًّا، بما يؤشر إلى كمية الحيوانات التي يتم قتلها للحصول على العاج، وأن هناك نحو 10 أطنان من عظام وجلود الحيوانات يتم بيعها سنويًّا أيضًا، ويتم استهداف النمور بشكل خاص بسبب ارتفاع أثمان جلودها مقارنةً بالعديد من الحيوانات الأخرى.

 

وعلى الرغم من تبني الأمم المتحدة قرارًا عام 2015 يضع عقوبات كبيرة على الأشخاص والدول المشاركة في التجارة في الحيوانات البرية، فإن المنظمة الدولية نفسها تقدر عدد فصائل الحيوانات المهددة بالانقراض بفعل التهريب غير القانوني وعمليات الصيد الجائر، بسبعة آلاف فصيلة؛ كثير منها أصبح يصنف على أنه منقرض أو على وشك الانقراض بالفعل.

 

السياحة هي الضحية

 

وتشير دراسة لجامعة "برمنجهام" إلى أن سنغافورا تعد الملتقى الرئيس لغالبية المواد المهربة من الحيوانات؛ حيث تشكل سوقًا كبيرًا بسبب الموانئ الكبيرة التي يسهل تهريب مثل تلك السلع فيها، فضلًا عن استخدام تلك المرافئ كنقطة ارتكاز لإعادة البيع مجددًا، حتى إن غالبية السلع المهربة من تنزانيا وجنوب إفريقيا وإفريقيا الوسطى، تصل إلى سنغافورا، وليس فقط الحيوانات المهربة بشكل غير قانوني في آسيا.

 

ويشير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية إلى أن هناك تأثيرًا كبيرًا لعمليات صيد الحيوانات على الدول الفقيرة؛ حيث إن دولًا مثل بتسوانا وكينيا ورواندا، تعتمد على السياحة بنسبة 5-14% من دخلها القومي، بل إن بعضها يعتمد عليها بشكل رئيس في مدخولات العملات الأجنبية؛ لذا فإن عمليات الصيد غير القانوني تقلل من دخول تلك الدول من السياحة القادمة بالأساس لمشاهدة الحياة البرية.

 

 

ولذلك، ووفقًا لقناة "ناشيونال جيوجرافيك"، فإن إيرادات السياحة في غالبية تلك الدول، عانت من حالة من الجمود خلال الأعوام الأخيرة التي لم تشهد تراجعًا ملموسًا في أعداد السائحين لتلك الدول، غير أنها لم تشهد زيادة أيضًا، ليحقق المهربون والتجار أرباحًا خيالية على حساب إفقار دول تعاني غالبيتها لتوفير الغذاء والاحتياجات الأساسية لسكانها.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.