نبض أرقام
04:09 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

كيف شكلت الأزمة المالية نهاية للتوافق العالمي حول الديمقراطية والتحرر المالي؟

2018/07/24 أرقام

يؤكد الكاتب "آدم تووز" وجود تشابه مدهش بين الأسئلة التي دارت في أذهان الكثيرين حول أزمتي عام 1914 وعام 2008، مثل كيف تتراكم المخاطر الضخمة غير المفهومة والتي يصعب التحكم فيها؟ وكيف تشكل عواطف السياسة الشعبية عملية صنع القرار؟ وهل يمكن تحقيق الاستقرار والسلام الدائم؟ وغيرها من التساؤلات وعلامات الاستفهام التي تكررت عقب حالتي الانهيار المالي اللتين يفصل بينهما نحو قرن من الزمان.

 

وبهذه الأسئلة أنهى المؤرخ البريطاني "تووز" والذي يُدرس حاليًا في جامعة كولومبيا، سرد تاريخ ما بعد أزمة عام 2008 التي يرى أنها أعادت تشكيل العالم في كتابه الجديد، مضيفًا أنها أسئلة تطارد الأزمات الكبرى للحداثة والتطور.

 

ومع ذلك، فإن حقيقة أن الكتاب يختتم قصته بهذه الأسئلة بدلًا من البدء بها، تشير إلى أنه لا يقدم إجابات، ومع ذلك زود القراء بتفاصيل تم البحث عنها بعناية حول أصول ونتائج موجة الأزمات المالية التي انبثقت عن قلب النظام المالي العالمي قبل أكثر من عقد من الزمان.

 

 

معاناة الديمقراطيات

 

- يوضح الكتاب المعاناة من أجل احتواء الأزمة في ثلاث مناطق متداخلة من التكامل المالي، وهي النظام المالي عبر الأطلسي القائم على الدولار، ومنطقة اليورو، ومنطقة أوروبا الشرقية ما بعد الاتحاد السوفيتي.

 

- جمعت الأزمة الأنظمة المالية العامة والخاصة في حلقة من الانهيار والهلاك، وأدى إخفاق البنوك إلى التدخل الحكومي الصريح لإنقاذ شركات احتكار القلة، حتى الاحتياطي الفيدرالي تحرك لتوفير السيولة للمصارف في بلدان أخرى.

 

- أثرت هذه الأزمة الضخمة بشدة على الشؤون الدولية، فقد ارتبكت العلاقات بين ألمانيا واليونان، المملكة المتحدة ومنطقة اليورو، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والغرب وروسيا، بحسب "تووز".

 

 

- يقول الكاتب: التحديات كانت تقنية ومعقدة وواسعة النطاق، وانتشرت بسرعة كبيرة، وفي الفترة بين عامي 2007 و2012 كانت الضغوط لا تهدأ أبدًا، لكن في النهاية كان رد الفعل الذي صاغه الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية ناجحًا بشكل كبير.

 

- مع ذلك، فإن هذا النجاح الذي جاء مدعومًا في البداية من الكونجرس الديمقراطي في نهاية إدارة "جورج دبليو بوش" ومن ثم استمر تحت قيادة رئيس ديمقراطي هو "باراك أوباما" لم يحقق أي منافع سياسية للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة.

 

- في المقابل ذهبت المكاسب السياسية للمعارضة العميقة للحزب الجمهوري ضد الجهود المبذولة للتعامل بشكل معقول مع (أو التعلم من) الأزمة، وفي النهاية وبفضل إثارتهم لغضب العامة تم انتخاب الجمهوري "دونالد ترامب" رئيسًا للبلاد أواخر عام 2016.

 

نهاية التوافق وظهور توجهات جامحة

 

- بهذا الشكل، مثلت الأزمة نهاية الإجماع السائد حول التحرر الاقتصادي والمالي، وحولت الطاقة السياسية نحو التطرف الشعبوي وكراهية الأجانب، وأضعفت جهود السعي نحو التكامل الأوروبي، ووضعت البلدان ذات الدخل المرتفع في حالة من التقلب المستمر.

 

- من بين أكبر نتائج الأزمة المالية الأخيرة، هو موت المعتقد السائد الذي اعتبر الديمقراطيات والأسواق ضرورة يكمل كل منهما الآخر، وخلق وعي أكبر بالتوترات المحتملة بين الاثنين.

 

- كما أعادت الإيمان بالقوة والسياسة، حيث نجحت القوة الأمريكية في معالجة الأزمة جنبًا إلى جنب مع القوة الألمانية التي ساهمت بشكل كبير في احتواء المشاكل في منطقة اليورو، لكن السياسة اليمينية طفت على السطح مجددًا بصحبة مشاعر سيئة مثل الحقد والكراهية والتركيز على تهديدات الهجرة بدلًا من مخاطر انعدام الأمن الاقتصادي.

 

 

- أما حول بعض الاستنتاجات الأكثر تفصيلًا التي خلص إليها "تووز"، فكان أحدها أزمة منطقة شمال الأطلسي، والتي انبثقت عن قطاع مالي غير مسؤول وضعيف التنظيم، وبين في كتابه مدى تورط البنوك الأوروبية في جنون ما قبل الأزمة، حيث لم يكن المحور المركزي للقطاع المالي العالمي هو "أمريكا- آسيا" وإنما "أمريكا- أوروبا".

 

- لم تكن هذه مجرد أزمة في القطاع المالي بشمال الأطلسي، بل كانت أيضًا للنظام المالي القائم على الدولار، حيث جمعت البنوك التزامات (أغلبها من سوق الاقتراض قصير الأجل) وأصولا دولارية ضخمة.

 

- مع تجميد عمليات الإقراض، كانت البنوك الأجنبية في خطر شديد، لكن الاحتياطي الفيدرالي تدخل مباشرة لمعالجة الأمر عبر منح القروض الدولارية إلى المصارف المركزية الأخرى خاصة البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا.

 

 

- على أي حال كان على البنوك المركزية وليس الساسة التحرك، لكن إجراءاتهم وخاصة التيسير الكمي أصبحت ضارة في نظر الكثيرين الذين اعتقدوا أن صناع السياسة يشوهون طبيعة الأسواق بهذه التحركات ويتسببون في انخفاض غير مبرر لعائدات المدخرين وقفزات غير مبررة لثروات الأثرياء.

 

- رغم كشف الأزمة لكون الأشخاص الذين أداروا النظام المالي آنذاك كانت لديهم معلومات ضئيلة عن هذه المخاطر التي أنهت المطالب المتعلقة بالكفاءة والاستقامة، لكن في النهاية كانت الإجراءات ملائمة وناجحة.

 

- مع ذلك فإن الثقة في الديمقراطية والتحرر كانت ضحية، ويبقى الاستفسار الأهم الآن هو كيف ستبقى الديمقراطيات الليبرالية على قيد الحياة في زمن "ترامب" و"بريكست" و"بوتين" و"شي جين بينغ"؟

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.