نبض أرقام
06:25
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

خطة صينية طموحة لربط العالم..ماذا وراء مبادرة "الحزام والطريق"؟

2018/08/18 أرقام

أعلن الرئيس الصيني "شي جينبينج" إطلاق مبادرة "الحزام والطريق" لإحياء مسار تجاري قديم في خطة طموحة رصدت لها بكين استثمارات ضخمة، ولا تزال حكومات واقتصاديون في دول الغرب يحاولون معرفة مدى الثمار التي ستجنيها بكين والدول الأخرى من هذه الخطة، وهو ما تناوله تقرير نشرته "الإيكونوميست".
 

من بين الفوائد الجمة التي ستحصل عليها الصين انفتاح بحري واسع النطاق خاصة لمقاطعة "يونان" الجنوبية التي أصبحت ميناء رئيسيا لخطوط أنابيب النفط والغاز لتستقبل ما يقرب من 10% من واردات بكين من الطاقة.
 

ومع ذلك، يخشى دبلوماسيون أجانب توسع الصين في موانئ بدول أخرى وإمكانية استخدامها كملاذ لسفنها الحربية كصفقة ذات شروط سرية أبرمتها بكين مع سريلانكا التي عجزت عن سداد خدمة دينها، وتساءل التقرير: ماذا وراء مبادرة "الحزام والطريق" وهذه الخطة الصينية الطموحة؟



 

على قدم وساق
 

- أفاد مسؤولون بأن سريلانكا وميانمار والعديد من الموانئ تأتي ضمن مبادرة "الحزام والطريق" ومن بين أصدقاء سيكونون ضمن نواة طريق للقرن الحادي والعشرين "طريق الحرير البحري" الذي سيربط الصين بأسواق بعيدة واحتياطيات هائلة للطاقة بين المحيطات الهندي والهادئ والأطلنطي والقطبي.

 

- إنه عبارة عن طريق اقتصادي تعمل عليه الصين على قدم وساق لربطها بأوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط بخطوط سكك حديدية وكابلات بحرية وطرق سريعة – بناء على خطاب "جينبينج" عام 2013.

 

- لا تزال الشكوك تحوم حول الصين بشأن إمكانية استغلال المبادرة لتحول دول أوروآسيوية إلى أمم تابعة وتعتمد عليها بشكل كبير مع إتاحة استخدام بكين لطرق وخطوط أنابيب ومسارات سكك حديدية تابعة لتلك الدول كخطوة على طريق هيمنة تجارية عالمية.

 

- في أكتوبر/تشرين الأول 2017، تحدث وزير الدفاع الأمريكي "جيمس ماتيس" عن جدوى الفكرة وراء المسارات التجارية التي تخطط لها الصين، فهناك العديد من الطرق والمسارات العالمية – في ظل العولمة.

 

- يرى سفراء دول وساسة وقادة أعمال الأمر مجرد شأن تجاري بحت وأن الصين تريد تعزيز فوائضها التجارية من خلال زيادة الصادرات وتثبيت أقدامها في أسواق العالم بشكل أكبر.

 

خطة أم تسويق؟
 

- الجميع يتفق على أن الصين تضخ أموالا ضخمة لإحياء طريق الحرير بشكل عصري، وشبه مسؤولون في بكين هذه المبادرة بـ"خطة مارشال" التي استثمرت فيها أمريكا لإعادة بناء أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية.

 

- هناك العديد من النقاط العقلانية بخصوص مبادرة "الحزام والطريق"، فقد مدت الصين خطوط سكك حديدية لقطارات فائقة السرعة وطرقا سريعة وشبكات كهربائية من خلال شركات تمتلك الحكومة أغلبها.

 

- تحتاج الصين لمزيد من الربط مع دول أوروآسيوية وترغب في عقد شراكات وتقارب اقتصادي وسياسي مع أربع عشرة دولة على حدودها، وذلك على الرغم من عدم صدور خارطة رسمية لهذه المبادرة حتى الآن.

 

- تتوسع المبادرة إلى ما بعد دول أوروآسيوية وشرق أوسطية من نيوزيلندا إلى القطب الشمالي ومن إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية وحتى الفضاء الخارجي، وتقدر الاستثمارات المخططة بما يتراوح بين تريليون دولار وثمانية تريليونات دولار.

 

- لم تتحدث الصين عن إقراض خارجي الأمر الذي يزيد من الغموض وعدم الارتياح بخصوص أهدافها التي ربما لا تكون اقتصادية فقط، وهو ما دفع ساسة وعلماء وعسكريين وعملاء استخبارات في واشنطن للبحث بشكل مكثف بخصوص المخطط.

 

- يبحث الخبراء في أعمال الجغرافي البريطاني "هالفورد ماكيندر" الذي أكد عام 1904 على أن قوة العالم تكمن في السيطرة على المنطقة الواقعة بين نهري "فولجا" في روسيا و"يانجتسي" في الصين، وهو ما تراه الاستخبارات الأمريكية رغبة لدى بكين للتوسع عسكريا بعيدا عن أراضيها.

 

- تطلق الصين عددا من شركاتها الحكومية في عدد من الدول والموانئ في دول أوروآسيوية وإفريقية للهيمنة على مسارات ملاحية وتجارية دولية، بينما يؤكد مسؤولون صينيون على أن الأهداف المخطط لها غرضها تجاري بحت وبعيد عن أي جيوسياسية.

 

- وصف محللون المبادرة بـ"القوة الناعمة" ونهج تنتهجه بكين نحو عولمة تدور في فلكها في الوقت الذي ترحب دول بالصين على أنها بديل أفضل – ومهيمن – من الغرب كما أنها توفر عدة خيارات لمن هم في حاجة إليها، ومن الممكن أن يراه ذلك بمثابة مساعدة صينية لحكومات شمولية.

 

- تُغري الصين دولا في بحر الصين الجنوبي التي تريد التحوط في مواجهة الهند وحكومات سلطوية أخرى تريد الخروج من فلك الغرب، وبدا ذلك جليا في إشادة العديد من مسؤولي دول في وسط آسيا بمبادرة "الحزام والطريق".

 

- أما في بكين نفسها، فإن الإعلام الحكومي يروج لرغبة "جينبينج" ببناء مجتمع عالمي ذي مصير ومصالح مشتركة والتعامل مع الأنظمة السياسية بشكل متساو دون إثارة أي ثورات ملونة أو التشدق بحركات ديمقراطية تناهض أنظمتها كما في إيران وأوكرانيا.

 

 

استثمارات مجهولة
 

- بالحديث عن المال، من الصعب معرفة الأرقام الاستثمارية بدقة التي تضخها الصين لدعم المبادرة، ولكن من حين لآخر، يتم إصدار بيانات بمئات المليارات من الدولارات، ولا يوجد شك في وجود حاجة لمثل هذه الاستثمارات.

 

- أظهرت تقديرات بنك التنمية الآسيوي بأن قارة آسيا في حاجة إلى 26 تريليون دولار كاستثمارات في البنية التحتية بين عامي 2017 و2030 من أجل الحفاظ على معدلات نمو اقتصاداتها الحالية والتكيف مع التغيرات المناخية.

 

- رغم أن مبادرة "الحزام والطريق" قد تسببت في قلق بشأن مدى تأثيرها وهيمنتها على معظم الدول – التي تشملها – إلا أن هناك ثماني دول بوجه خاص هي الأكثر عرضة لمخاطر التعثر في سداد قروض مرتبطة بالمبادرة لا سيما أن هذه القروض ليست منحة أو تبرعا بل لها مقابل.

 

- تتبعت جهات أمريكية مسار القروض التجارية التي تمنحها الصين وأثارت المخاوف بشأنها كما تحدثت مديرة صندوق النقد الدولي "كريستين لاجارد" بخصوص التعثر في سداد الديون وحثت بكين على عدم الإفراط في إقراض الدول ضمن المبادرة.

 

- ظهر ذلك جليا في رفض بعض الدول القروض السخية الصينية ضمن مبادرة "الحزام والطريق" خشية التعثر في سدادها مما دفع بكين لإلغاء مشروعات بها وتعليق أخرى في دول مثل ماليزيا ونيبال، في حين قبلت دول أخرى بل طالبت بمزيد من القروض من بكين – مثل باكستان – لعدم اللجوء إلى صندوق النقد.

 

- على الصعيد المحلي في بعض الدول، بدأت الأصوات تتعالى بشأن نفوذ الصين المتزايد في تلك المجتمعات كما بدأ الحديث عن استثمارات ومشروعات من بكين تخدم أنظمة أو شركات بعينها.

 

- لا تزال هناك فجوة حول شعار "مصير ومصالح مشتركة" حيث إن المشروعات التي تمولها الصين مليئة بعمال صينيين تدفع لهم الحكومات المستضيفة.

 

- في ضوء ذلك، تعلم الصين أنها تحتاج لتحسين صورتها وحاولت عقد اجتماعات عدة مع قادة دول وساسة وشركات من أجل التقليل من طموحاتها بالتوسع عالميا حتى أنها دعت دولا غربية للانضمام إلى بنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوي الذي أطلقته – ويراه خبراء محاولة من بكين لإيجاد بديل لصندوق النقد.

 

- أما بخصوص القروض السخية التي تمنحها بكين، فإن البعض يراها بمثابة تحقيق للتوازن في ظل أن العديد من الدول تحقق فائضا تجاريا كبيرا مع الصين التي تشتري منها موارد طبيعية.

 

 

الطريق نحو الإمبراطورية والقبضة الحديدية
 

- في الحقيقة، لا يوجد فارق بين القوة التي تتيح لدولة ما انفتاحا تجاريا على العالم وبين السبل التي تتبعها كيانات لبناء إمبراطوريات، فمصطلح "طريق الحرير" وصفه أحد المؤرخين الألمان عام 1877 بأنها بمثابة مزيج تجاري ودبلوماسي وسلطوي.

 

- رسم مسؤولو الصين خطوطا واضحة بين الأمن القومي ومشروعات البنية التحتية ضمن المبادرة التي يتنامى دورها في العديد من المناطق خاصة غرب الصين التي يقطنها أقلية مسلمة تعيش في ظل قيود حكومية وأمنية.

 

- رغم إشادة سفراء دول أوروبية بمبادرة "الحزام والطريق"، إلا أن الاتحاد الأوروبي طالب الصين بوضع قواعد تخص الشفافية ومعايير العمالة والديون والبيئة.

 

- تحاول الصين من وقت لآخر إغراء دول أوروبية بعينها بخطط لتطوير البنى التحتية والموانئ ومخططات الشحن، وهو ما دفع بعض الساسة لاتهام بكين بأنها تسعى لإحداث انقسام داخل القارة العجوز.

 

- عرقلت المفوضية الأوروبية صفقة بيع اليونان لحصة حاكمة في ميناء "بريوس" الرئيسي لشركة شحن صينية مقابل 312.5 مليون دولار عام 2016، في حين يرى دبلوماسيون أوروبيون أن محاولات بكين تهدف للاندماج مع أوروبا وليس تقسيمها.

 

- أما في إفريقيا، فالنفوذ الصيني يتزايد بوتيرة سريعة وأفاد مراقبون بأن مبادرة "الحزام والطريق" ستسهم في تعزيز طموحات بكين في القارة السمراء المتعطشة للاستثمارات في ظل المحاولات لإخراج شعوبها من الفقر المدقع.

 

- يرى محللون أن مبادرة "الحزام والطريق" ليست تحديا بعد للنظام الليبرالي، لكنها بمثابة اختبار له، وسوف تحتاج المبادرة إن آجلا أو عاجلا لاستثمارات غير صينية الأمر الذي سيدرأ الشكوك ويقلل المخاوف بشأن هيمنة وتوسع النفوذ الصيني عالميا.

 

- تحتاج دول الغرب للاندماج والمساهمة في المبادرة بدلا من الوقوف موقف المتفرج والانتقاد فقط من أجل الوقوف على أبعادها وتعزيز شفافيتها ومراقبة عقودها الرسمية.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة