تغير سوق النفط كثيرًا خلال العقد الماضي من الزمان، فعلى سبيل المثال، كشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة عن زيادة صادرات الولايات المتحدة الشهرية من الخام والمنتجات المكررة، إلى الحد الذي جعلها قريبة للغاية من مستوى الواردات، بعكس ما كانت عليه قبل عشرة أعوام، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
وتحولت الولايات المتحدة من مستورد كبير للنفط إلى بلد يعتمد قليلًا على الواردات النفطية بمرور الوقت، وتشير التوقعات الرئيسية لإدارة معلومات الطاقة إلى أن أمريكا ستصبح مُصدرًا صافيًا خلال الفترة بين عامي 2029 و2045.
هذا التحول جاء رغم أن الوكالة الحكومية أو أي جهة أخرى لم تتوقع الزيادة التي طرأت على إنتاج البلاد خلال السنوات العشر الماضية، لكن بعيدًا عن التوقعات، فما حدث بالفعل أمر بالغ الأهمية، وفي ما يلي نظرة ممتدة على تطور صادرات الخام الأمريكية السنوية.
الوضع المعهود يتغير
- لقد تغير دور النفط في الاقتصاد الأمريكي كثيرًا وبسرعة كبيرة بفضل تقنيات التكسير الهيدروليكي وطرق أخرى مبتكرة لاستخراج الموارد الصخرية، وكان للطفرة الإنتاجية في الولايات المتحدة دور في السيطرة على العجز التجاري، وكذلك في جعل الأمر أكثر صعوبة على واشنطن في قيادة المشهد نحو عصر ما بعد الوقود الأحفوري، نظرًا لازدهار أعمال النفط وتأثيرها على دورة الأعمال.
- هناك قصة رئيسية حول النفط والاقتصاد الأمريكي، تشير إلى أن الأسعار المرتفعة بشكل كبير عادة ما تسبب ركودا، حسبما قال أستاذ الاقتصاد بجامعة سان دييغو "جيمس دي هاملتون"، والذي أضاف أيضًا أن الآلية الرئيسية التي تؤثر بها الصدمات النفطية على الاقتصاد، هي من خلال تعطيل إنفاق المستهلكين والشركات على السلع الأخرى.
- لأن الولايات المتحدة أنتجت نفطًا أقل بكثير مما استهلكته، فإن زيادات أسعار النفط في الماضي لم تستنزف أموال الأمريكيين فحسب، بل وجهت الكثير من هذه النفقات إلى الخارج، والآن وبفضل ازدهار الإنتاج وتراجع العجز التجاري النفطي يجب أن تتغير المعادلة ولو قليلًا.
ارتفاع الأسعار يدعم الاقتصاد
- لم يكن هناك ارتفاع كبير في الأسعار منذ بدأت الطفرة النفطية الأمريكية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الطفرة نفسها، ولكن كان هناك انهيار كبير في النصف الأخير من عام 2014، مع انخفاض سعر النفط بنسبة 59% في غضون ستة أشهر.
- هذا الانخفاض عزز نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 0.7% من خلال زيادة الاستهلاك الخاص، ولكن هذا التأثير المحفز قوبل بانخفاض في الاستثمار الحقيقي لقطاع النفط، بحسب الاقتصاديين "كريستيان باويستر" وزميله "لوتز كيليان".
- منذ أوائل عام 2016، تعافت أسعار النفط إلى حد ما، ولكن ليس بالسرعة الكافية لإحداث جمود كبير في الإنفاق الاستهلاكي أو التجاري، وفي الوقت نفسه، وصل الاستثمار الحقيقي في قطاع النفط والغاز في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياته خلال الربع الأخير من عام 2016، ورغم أنه لم يعد إلى مستويات ما بين 2012 و2014، لكنه كان المحرك الرئيسي لإنعاش الاقتصاد الأمريكي العام الماضي وخلال العام الجاري.
- يرى بعض الاقتصاديين أن ارتفاع أسعار النفط الحالي أصبح يشكل قوة دافعة للاقتصاد الأمريكي، ومن غير المدهش أن يؤدي تواصل الارتفاع بشكل تدريجي إلى مزيد من الإيجابيات، فبعد كل شيء، كانت كثافة الطاقة في الاقتصاد الأمريكي (كمية الطاقة المستهلكة لكل دولار من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) تتناقص باطراد منذ أوائل السبعينيات، وإجمالًا يمكن الآن للأمريكيين تحمل أسعار طاقة أعلى إلى حد ما.
- هذا يعني أن الارتفاع القوي في أسعار النفط سيكون خبرًا عظيمًا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وستفوق أرباح واستثمارات صناعة الطاقة الآثار السلبية التي ستتعرض لها الأسر والشركات غير النفطية.
- كانت مساهمة عمليات استخراج النفط والغاز والتكرير في النشاط الاقتصادي أعلى مما كانت عليه في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحالي، ولكن ما زال هناك 95% من الاقتصاد في أيدي مستهلكي النفط.
- في الواقع يبدو أن أفضل وضع اقتصادي على الإطلاق، هو الذي يشهد أسعارا مرتفعة تسمح للشركات بتحقيق الربح والبقاء مستقرة، وهو ما تحاول البلدان المصدرة فعله باستمرار منذ نصف قرن عن طريق حصص الإنتاج.
- رغم هجوم السياسيين الأمريكيين بما في ذلك الرئيس "دونالد ترامب" على هذه الممارسات، إلا أنها في الحقيقة كانت مستمدة في الأساس من الولايات المتحدة ذاتها، حيث عملت لجنة تكساس للسكك الحديدية على تنظيم وضبط حصص الإنتاج النفطي منذ الثلاثينيات وحتى ستينيات القرن الماضي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}