يبدو أنه من الانحراف لشركة بقدر "تسلا" لها ثقل من حيث القيمة السوقية النظر في انسحابها من سوق الأسهم، ولعل القيام بذلك مع العلم التام أنه سيحتاج إلى مليارات من الدولارات من رأس المال الجديد خلال السنوات القادمة، لا ريب يبدو أمرًا متهورًا، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
من بين العديد من الأمور المثيرة للعجب حول اقتراح "إيلون ماسك" بتحويل "تسلا" إلى شركة خاصة، كان التمويل الأمر الأكثر لفتًا للانتباه، إذ يشير إجماع الآراء في "وول ستريت" إلى أن صانعة السيارات الكهربائية ستحتاج لجمع عشرة مليارات دولار أو أكثر.
وقال "ماسك" إن الشركة ينبغي أن تتحول للربحية وتحقيق التدفقات النقدية الإيجابية في النصف الثاني من هذا العام، لكن ذلك لن يكون سوى وضع مؤقت، حيث تستعد "تسلا" لتعزيز استثماراتها في الشاحنات الكهربائية وإنتاج الطراز "واي" والتوسع في الصين.
ماذا حدث؟
- يشعر "ماسك" بالغضب إزاء بائعي الأسهم والمراهنين على انخفاض سهم "تسلا"، الذين يتسببون في تقلبات طوال العام، ونتج عن ذلك "طريقته الاندفاعية" في الإعلان عن فكرة التحول إلى شركة خاصة، مع إظهار انطباع بأنه عازم في المقام الأول على الثأر الشخصي والبحث عن وسيلة لتبرئة ساحته من التذبذبات.
- مرت خمس سنوات على إطلاق مصطلح "يونيكورن" الذي يشير إلى شركات التكنولوجيا الخاصة المقدرة قيمتها بمليار دولار أو أكثر، والتي يأتي بعدها "ديكاكورن" التي تشير إلى الشركات البالغ قيمتها 10 مليارات دولار أو أكثر، أما الفئة التالية فمن شأنها وضع كل ذلك على الهامش.
- من المهم تمييز ما يحاول "ماسك" الإشارة إليه في عملية تحول صانعة الحواسيب "ديل" إلى شركة خاصة ومن ثم شراء "إي إم سي"، فمثل هذه المعاملات غذتها الديون التي دائمًا كانت ميزة في عالم الاستحواذ.
- ما يقترحه "ماسك" هو شيء مختلف للغاية، إنه يريد أن يستبدل وجود المساهمين العامين (على الأقل أولئك الذين لا يريدون البقاء جزءًا ضمن خططه المستقبلية) بشركة خاصة، ويخمن أن حاملي ثلث أسهم "تسلا" سيبيعون حيازاتهم، مما يعني أنه بحاجة لجمع 25 مليار دولار في صورة أسهم جديدة.
- لكن تقديم عرض على قدم المساواة لجميع المساهمين (حتى لو رفضه الكثير منهم) سيستلزم تمويلًا بأكثر من ذلك بكثير، وهو ما يسلط الضوء على ادعاء "ماسك" بتأمينه التمويل اللازم لعملية التحول.
عمليات التمويل في تزايد
- بدلًا من صفقة للاستحواذ على أغلبية الأسهم، في الواقع، قد يكون من الأفضل التفكير بعمق فيما يدور بخيال "ماسك" كنهج مناهض للاكتتاب العام، خاصة أنه يريد هذه المرة تطبيق الفكرة على نطاق كبير.
- هل يمكن للأسواق الخاصة التعامل مع هذه الحالة؟ وهل يمكن الاعتماد عليها للحصول على المزيد من رأس المال عندما تحتاج "تسلا" إليه؟ تشير بعض التقديرات إلى زيادة هائلة بالفعل في رأس المال الذي أتيح لشركات التكنولوجيا الخاصة.
- تقدر شركة الأبحاث "بيتش بوك" جمع شركات اليونيكورن الأمريكية 19 مليار دولار من رأس المال الجديد هذا العام (منذ بدايته وحتى نهاية يوليو/ تموز)، وهو مستوى أكثر قليلًا من الرقم القياسي المسجل لعام 2016 بأكمله.
- جرت العادة أن تكون جولات التمويل الهادفة لجمع أكثر من 100 مليون دولار (تعرف باسم "ميجا-راوندز") نادرة للغاية، لكنها أصبحت في الوقت الحالي جزءًا من الحياة اليومية في وادي السيليكون.
- في الواقع، كان هناك نحو 78 من هذه الجولات خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقًا لتقديرات "سي بي إنسيتس"، التي قالت إن أكثر من ثلث رأس المال الجديد توجه إلى شركات ناشئة.
الأسواق الخاصة على وشك صحوة
- يمتلك "ماسك" خبرة مباشرة يمكنه الاستفادة منها في جمع التمويل لشركته الخاصة لأعمال الفضاء "سبيس إكس"، والتي جمعت مليار دولار قبل ثلاث سنوات خلال جولة تمويل قادتها "جوجل"، وأعقبتها بثلاث جولات "ميجا-رواندز" أخرى.
- لكن هذا يعد ضئيلًا بجوار ما حدث لاحقًا، فالأموال التي تجمعها الشركات من الأسواق الخاصة آخذة في الارتفاع بشكل فلكي، حيث جمعت "آنت فاينانشيال" مؤخرًا 14 مليار دولار منها ثلاثة مليارات جمعتها في الصين، والباقي من خلال المستثمرين العالميين، وهو ما يبشر بظهور مستوى جديد من جولات التمويل يحمل الاسم "ميجا-راوندز".
- حتى مثل هذه الجهود ستُوضع على الهامش في ظل النهج المضاد للاكتتاب العام الذي يتبناه "إيلون ماسك" والذي "ادعى" تأمين التمويل اللازم بعد عرض من صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
- على أي حال، الطريقة الغريبة وغير المنظمة التي يبدو أن "ماسك" يعالج بها الأمر، تجعل من الصعب تقييم فرص نجاحه، ولكن بعد تطورها السريع هذا العقد، تبدو الأسواق الخاصة مستعدة لصفقة جوهرية قادرة على إحداث تغيير حقيقي في عالم الأعمال.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}