قبل عقد من الزمان، كانت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأسعار النفط، وفي ذلك الوقت كانت نقاط النقل والأسواق نفسها موزعة بشكل كبير في جميع أنحاء أوروبا، وتنافس الغاز الطبيعي مع النفط ومشتقاته في توليد الطاقة، وغالبًا ما كان على صلة بأسعار النفط الخام بحسب تقرير لموقع "أويل برايس".
ومع ذلك، خلال هذا الصيف، لم تتبع أسعار الغاز الطبيعي اتجاهات النفط، وكانت عُرضة بشكل أكبر لعوامل العرض والطلب الخاصة بها، حيث كان هناك تركيز كبير على التغير الجوهري في الإمدادات والسوق الأوروبي.
نظرة عامة على الأوضاع
- اليوم، لا يرتبط سوق الغاز بتحركات أسعار النفط، لأن الغاز الذي يتم استخراجه وإرساله مباشرة إلى المراكز الأوروبية أو نقاط الاستهلاك مباشرة أصبح ينافس الإمدادات التي تستخرج من مصادر أخرى.
- لم يعد سوق الغاز مقتصرًا على النطاق المحلي، وزادت المنافسة مع تزايد خطوط الأنابيب ووسائل النقل من مختلف البلدان المنتجة للغاز والتي تتنافس فيما بينها، لا سيما مع الغاز الطبيعي المسال الذي يأتي من عدد متزايد من المناطق الآن.
- هذا الصيف، تعثرت المسيرة الصعودية لأسعار خام "برنت" والتي تتراوح حاليًا قرب 76 دولارًا للبرميل بعدما سجلت 80 دولارًا في مايو/ أيار، وفي جلستين خلال منتصف يوليو/ تموز وكذا منتصف أغسطس/ آب، هبطت إلى 70 دولارًا، بضغط من المخاوف بشأن صحة الاقتصاد العالمي ونمو الطلب في ظل النزاعات التجارية القائمة.
- عملت صناديق التحوط وغيرها من مديري الأموال على تقليص مراكزها الشرائية طويلة المدى في النفط ومنتجاته على مدار 13 من أصل 18 أسبوعًا، وفقًا للمحلل "جون كيمب"، وحاليًا تمتلك صناديق التحوط في عقودها طويلة المدى أدنى حجم من المنتجات البترولية خلال عام تقريبًا.
أزمة الشتاء الماضي
- خلال هذا الصيف ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى لم يشهده الموسم الحار من قبل، وبلغ التفاؤل في سوق الغاز أعلى مستوياته منذ أعوام، وارتفع الطلب أعلى من المتوقع مسجلًا مستويات لم يصل إليها منذ أزمة المعروض في الشتاء الماضي.
- كان موسم الشتاء الماضي في أوروبا واحدًا من الأبرد مواسم خلال هذا العقد، ما قاد الطلب على الغاز إلى الارتفاع، فيما انخفضت المخزونات في المستودعات عبر أوروبا إلى ما دون المستوى المتوسط.
- تسببت موجة البرد القارس نهاية فبراير/ شباط الماضي في تسجيل مستويات سحب قياسية من المخزون في أوروبا خلال الربع الأول من العام، وتراجعت المخزونات إلى 18 في المائة فقط من السعة التخزينية، أي أقل بكثير من متوسط الخمس سنوات، حسبما أفادت المفوضية الأوروبية.
- بحلول نهاية فصل الشتاء، انخفضت مخزونات الغاز الطبيعي إلى أقل من 10 في المائة من السعة التخزينية في بلدان مثل بلجيكا وفرنسا وهولندا، حيث شجع ارتفاع الطلب على الغاز في المملكة المتحدة عمليات السحب القوية.
انتهاء الرابطة مع احتدام المنافسة
- خلال ربيع وصيف هذا العام، ظل الطلب في أوروبا مرتفعًا، أولًا، لأن المخزونات كانت منخفضة، وثانيًا لأن بعض البلدان الأوروبية المعروفة بتوفيرها لإمدادات الغاز قللت من المعروض بسبب مشاكل عدة في المنشآت الإنتاجية بينها عمليات الصيانة الدورية.
- بالإضافة لذلك، كانت مرافق الطاقة في جميع أنحاء أوروبا تسعى للحصول على المزيد من الكهرباء المولدة باستخدام الغاز، بعد ارتفاع أسعار الانبعاثات الكربونية إلى أعلى مستوياتها في 10 سنوات بموجب النظام الجديد لتداول الانبعاثات داخل الاتحاد الأوروبي.
- بينما كانت أسعار خام "برنت" قريبة من النطاق 75 دولارًا للبرميل، إلا أن أسعار الغاز الطبيعي اتبعت منطق العرض والطلب على الغاز وارتفعت هذا الصيف بقوة، ويرى المحللون والمتداولون أن هناك مجالًا أكبر للزيادة في الأشهر المقبلة مع اقتراب موسم الشتاء.
- مع تطور مراكز الغاز، وتجارته، وواردات الغاز الطبيعي المسال على مدار العقد الماضي، انخفضت حصة إمدادات الغاز المرتبطة بأسعار النفط في أوروبا إلى أقل من 30 في المائة حاليًا من 80 في المائة عام 2005 بحسب "أكسنتشر استراتيجي" للأبحاث.
- في أوروبا، تتزايد المنافسة بين مصادر الغاز المختلف، فمثلًا الإمدادات القادمة من روسيا تنافس نظيرتها الآتية من شمال إفريقيا، كما يدخل الغاز المسال من قطر ونيجيريا في هذه المنافسة، وقريبًا سينضم لهم الغاز الأمريكي المسال.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}