مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب الأمريكي (نوفمبر القادم) تزداد وتيرة السجال السياسي بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، حول ما تشهده البلاد من رواج اقتصادي، حيث نسبه الديمقراطيون لمجهودات الرئيس السابق "باراك أوباما" التي بدأت في إظهار ثمارها، بينما يؤكد الجمهوريون أن سياسات الرئيس "ترامب" الاقتصادية هي سبب الانتعاش الاقتصادي الحالي.
اقتصاد منتعش
فالاقتصاد استمر في تسجيل معدل بطالة متدن خلال شهر أغسطس الماضي، 3.8% فحسب، بينما ساهم أصحاب العمل (الشركات) في توليد حوالي 200 ألف وظيفة في الاقتصاد خلال الشهر نفسه، الذي شهد ارتفاع متوسط الأجور بنسبة 2.8% عن أغسطس 2017، بما يؤكد استمرار تحرك المؤشرات الإيجابية القائمة خلال الأشهر السابقة.
وبناء على ذلك قال "ترامب" إنه تمكن من جعل الاقتصاد يصعد بسرعة الصاروخ وبشكل غير مسبوق وذلك خلال تجمع في "نورث دكوتا" أوائل سبتمبر، بينما ذكر "أوباما" خلال محاضرة ألقاها مؤخرًا في جامعة "كولومبيا" بأن "شيئًا لا يبدأ من الفراغ أو بشكل مفاجئ"، في إشارة إلى النمو الاقتصاي الحالي، لتتضارب أقوالهما.
ويرى موقع شبكة "صالون" أساس "العودة" الاقتصادية للولايات المتحدة في عهد الرئيس "أوباما"، الذي استلم قيادة البلاد وسط أزمة اقتصادية ومالية عنيفة، ولكنه تمكن من إنهاء عهده بتقليل معدل الفقر من 17% مع بداية الأزمة إلى 12.7% مع فترته الثانية، بل تمكن من رفع مستويات دخول الأمريكيين الأفقر بنسب قياسية –حينها- وصلت إلى 3 % عام 2014.
ويشير معهد "السياسات الاقتصادية" الأمريكي إلى أن الفقر انخفض خلال عهد "ترامب" –حتى الآن- من 12.7% إلى 12.3% بما قد يبدو مبددًا لادعاءات الديمقراطيين بتحقيق مكاسب للأغنياء فحسب في عهده. وعلى الرغم من هذا الانخفاض إلا أن مؤشرات مزعجة تبدو في الأفق منها تحرك التضخم بما قد يؤدي إلى معدل نمو دخل حقيقي سالب.
ادعاءات زائفة
وبناء على ذلك يؤكد الموقع على فكرة استلام "ترامب" للاقتصاد من "أوباما" وهو في طور الانطلاق بالفعل، بما جعل الجهود المطلوبة ليست أكثر من الحفاظ على هذا الانطلاق.
ويقول "أوستن بلوست" المحلل الاقتصادي للراديو الوطني الأمريكي "ما يفعله "ترامب" يشبه مشاركة لاعب في آخر مباراة رياضية مع فريق متقدم بشكل كبير في النتيجة بالفعل، وعندما تنتهي المباراة يدعي لنفسه فضلًا في الفوز بها"، مشيرًا إلى أن العام الذي دخل فيه "أوباما" البيت الأبيض (2009)، سجلت أمريكا معدل نمو -2.9% وفي العام الذي سبقه 0.3%، قبل أن يعاود الاقتصاد النمو الإيجابي طيلة الثماني سنوات.
وتشير "بيزنس إنسيدر" إلى "زيف" ادعاءات الجمهوريين بتحقيق معدلات نمو غير مسبوقة في عهد "ترامب"، لافتا إلى أن معدل النمو ربع السنوي الأعلى لـ"ترامب" كان 4.1%، بينما حقق "أوباما" معدلات تفوق هذا الرقم 4 مرات خلال سنوات حكمه، أعلاها بتحقيق نسبة نمو 5.1%، بما يؤشر لنمو لافت أيضًا في عهد الرئيس السابق.
وتقدر المجلة أن هناك 1.4% يعد ذلك "نموا زائفًا" للاقتصاد الأمريكي من أصل 4.1% ، وذلك بفعل المشتريات الصينية الآجلة الكبيرة لفول الصويا، وبفعل التشريعات الضريبية، بما يجعل النمو الواقعي في عهد ترامب لا يتجاوز 2.7% فحسب.
جدل إعلامي
بل وتكشف المجلة أن "فخر ترامب الأكبر" والمتمثل في الوظائف، زائف هو الآخر، حيث يبلغ متوسط النمو في الوظائف في عهد ترامب خلال 18 شهرًا حوالي 193 ألف وظيفة، مما يقل بـ13 ألف وظيفة عن المتوسط الذي حققه "أوباما" خلال 18 شهرًا الأخيرة في عهده، كما أن الدخل الحقيقي ارتفع بنسبة 0.8% سنويًا في عهد "أوباما" بينما لما تتجاوز النسبة نفسها 0.3% في عهد "ترامب".
وفي المقابل، ينوه الراديو الوطني الأمريكي إلى المبادرات التي أطلقها "ترامب" لتشجيع الصناعات الصغيرة، وما سماها الرئيس الأمريكي "الصناعات التي توفر الوظائف" ومن بينها النفط وصناعة البناء، مما قلص البطالة إلى حد بعيد، حيث وفر "ترامب" برنامجا لمنح القروض لتلك الصناعات دون غيرها، بينما أنفق "أوباما" أموال دافعي الضرائب على إنقاذ البنوك وشركات صناعة السيارات المتعثرة.
ويؤشر "البيت الأمريكي للمستشارين الاقتصاديين" إلى ارتفاع مستوى "التفاؤل" بعهد "ترامب" في العديد من الصناعات الأمريكية إلى مستويات تفوق تلك إبان سنوات "أوباما" بنسب تفوق 10 نقاط في بعض الحالات، بما يعكس "ارتياحًا" في الأوساط الاقتصادية لطريقة إدارة "ترامب" للاقتصاد، ويعطي انطباعا عن مسؤولية الأخير عن الأداء الجيد للاقتصاد أخيرًا.
وبينما أدت كل تلك البيانات المختلفة، والمتباينة أحيانًا حتى، بـ"نيويورك تايمز" إلى اتهام "ترامب" بحصد ما زرعه سلفه ونسبه إلى نفسه، حذرت "واشنطن بوست" الرئيس الأمريكي من مغبة الاعتماد على الاقتصاد "المتقلب بطبعه" فحسب، بينما اتخذ "راديو أمريكا" موقفًا وسطًا بالتنويه إلى مساهمات "ترامب" في إنعاش الاقتصاد الأمريكي ولا سيما بالمشاريع الصغيرة وخفض الضرائب، ولكنه لفت إلى استحالة تحقيق تلك النتائج دون تمكن "أوباما" من التخلص من آثار الأزمة المالية العالمية الكبيرة إلى حد بعيد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}