قال رجل الصناعة الأمريكي "أندرو كارنيجي" إن "الثروات الكبيرة عبارة عن منح عظيمة للمجتمعات"، ولكن تقريرا نشرته "بي بي سي" أفاد بأن التبرعات التي أطلقها بعض رجال الأعمال والمشاهير أصبحت بمثابة استعراض تمثيلي.
وأعلن أغنى رجل في العالم ومؤسس "أمازون دوت كوم" "جيف بيزوس" التبرع مؤخرا بملياري دولار من ثروته لتمويل التعليم قبل التمهيدي ومعالجة مشكلة المشردين في الولايات المتحدة.
"جيف بيزوس"
- واجه تبرع "بيزوس" انتقادات لاذعة حتى أن أحد الكتاب وصف تصرف "بيزوس" بالمثير للسخرية نظرا لأن هناك تقارير تتحدث عن أن بعض عمال "أمازون" ينامون في مخيمات لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة استئجار منزل بسبب الأجور الضعيفة التي يتقاضونها من الشركة.
- أوضح أحد المحللين أن "بيزوس" لا يمكن وصفه بأحد المانحين لتبرعات سخية كما أنه لا يمكن نزع مسؤولية نوم عماله في مخيمات عن كاهله فضلا عن أن بعض الموظفين يخافون الذهاب إلى المراحيض أو الحصول على إجازة مرضية بسبب القيود الصارمة في العمل.
- انهالت الاتهامات بـ"النفاق" على "بيزوس" من وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى انتقادات لجهود الشركة لتقليص فاتورة الضرائب في الولايات المتحدة وخارجها، بينما سلط البعض الآخر الضوء على محاولات "أمازون" ضرب قانون في "سياتل" – المدينة التي تضم مقر الشركة – عرض الحائط لكونه ينص على جمع ملايين الدولارات لمعالجة أزمة المشردين.
- لم يقدم "بيزوس" – الذي تتجاوز ثروته 150 مليار دولار – الكثير في مجال التبرعات والأعمال الخيرية داخل شركته، بل إن التركيز منصب على المزيد من التوسع والنمو عالميا.
إرث "كارنيجي"
- لا تعد فكرة تبرع المشاهير ورجال الأعمال لصالح أغراض مختلفة جديدة في الولايات المتحدة حيث ظهرت لأول مرة عام 1899 بواسطة "أندرو كارنيجي" من خلال مقال صحفي.
- أفاد "كارنيجي" – الذي كان في وقت ما أغنى رجل في العالم – بأن الأثرياء يقع على عاتقهم مسؤولية أخلاقية، مشيرا إلى أن الإيرادات الفائضة عن الحاجة يراها على أنها صناديق ائتمانية يجب إدارتها من جانب الأثرياء ورجال الأعمال.
- عندما توفي "كارنيجي" عام 1919، كان قد خصص 90% من ثروته لتمويل الأبحاث العلمية ودفع رواتب للمدرسين وبناء مدارس وأكثر من ألفي مكتبة عامة.
- أصبحت أفكار "كارنيجي" في مجال التبرعات والأعمال الخيرية بمثابة إرث يسير على خطاه رجال أعمال ومشاهير من بينهم "جون روكفلر" – الذي بنى إمبراطورية تجارية ضخمة بنيت على ممارسات احتكارية وسحق اتحادات عمالية.
- في الآونة الأخيرة، تبرع رجال أعمال ومشاهير من بينهم "وارن بافيت" و"بيل جيتس" و"مارك زوكربيرج" بنصيب كبير من ثرواتهم لأنشطة خيرية.
ضمادات إسعافات أولية على السرطان؟
- رغم كل ذلك، أكد أحد الخبراء بأن نهج "كارنيجي" والسير عليه من جانب رجال الأعمال قد تسبب في زيادة عدم المساواة، مشيرا إلى أن تبرع "بيزوس" جيد ومثير للانبهار، ولكنه لا يعالج الأسباب المتأصلة لمشكلة المشردين والفقر في الولايات المتحدة وفي "أمازون" نفسها.
- رفع "بيزوس" شعارا تحت عنوان" "لا تطلب من الدولة ما يمكنك عمله، بل اطلب ما فعلته بالفعل لبلدك"، ويرى محللون أن هذه التصريحات وغيرها يمكن أن تكون بمثابة سياسة مؤثرة في العامة.
- أشار خبراء إلى أنه لو أراد رجل أعمال التأثير في العامة بهذه التبرعات، فإن عليه مسؤولية أخلاقية بدلا من التبرع بجزء من أمواله للاستعراض ليصبح كما لو كان يضع ضمادة إسعافات أولية لمعالجة اورام سرطانية.
- من ناحية أخرى، يمكن لـ"بيزوس" وغيره من الأثرياء الضغط على مجالس الولايات والحكومات لتغيير القوانين ووضع مسؤوليات أكبر على الشركات والمساهمين والمستثمرين لمعالجة الفقر والمشاكل الاجتماعية المختلفة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}