نبض أرقام
02:09
توقيت مكة المكرمة

2024/08/25
2024/08/24

عمالة الأطفال.. ضرورة لمواجهة الفقر أم ترسيخ له؟

2018/10/05 أرقام - خاص

تثير عمالة الأطفال جدًلا دائًما بين هؤلاء الذين يرونها بمثابة "اضطهاد" للطفل وإساءة له وحرمان من فترة الطفولة، وبين من يشيرون إلى أهمية تلك العمالة اقتصاديًا للعديد من الأسر التي تظل بلا موارد مالية كافية لإمدادها بحد الكفاف.

 

 

أعمال خطيرة

 

وترى أحدث إحصائية حول العالم في هذا المجال لمنظمة العمل الدولية انخفاض أعداد الأطفال العاملين حول العالم خلال العقدين الأخيرين، بحيث أصبح عددهم يناهز 180 مليون، بدلًا من مائتي مليون في بداية الألفية الحالية، وذلك بفعل برامج التوعية وارتفاع المستوى الاقتصادي في العديد من الدول النامية، وتنامي الوعي دوليًا بتلك الظاهرة.

 

ولعل معاناة شركة "نايكي" -على سبيل المثال- من أكثر من حملة للمقاطعة بسبب استخدامها لعمالة الأطفال في مصانعها في الصين تعكس رفضًا شعبيًا عالميًا متناميًا لتلك الظاهرة، وبدأت تلك الحملات عام 2001 مع تسرب صور لأطفال يعملون في الحياكة في أحد المصانع وتظهر بين الآونة والأخرى.

 

وتشير منظمة العمل الدولية إلى انخراط أكثر من نصف الأطفال العاملين في العالم في أعمال تصفها بالخطيرة، ومن ذلك أعمال تتضمن التعامل مع آلات حادة أو وسط ظروف بيئية ضارة بالصحة بسبب تواجد كيماويات أو درجات حرارة عالية أو منخفضة للغاية، بما يؤثر على صحة الأطفال وتمنع نموهم بشكل صحي ومتوازن.

 

وتنبع الصعوبة في محاربة ظاهرة عمالة الأطفال في ارتباطها بشكل وثيق في بعض الدول بالمستوى الاقتصادي للأسرة، فأكثر من خُمس الأطفال العاملين حول العالم يعملون في إطار الأسرة، في أعمال مثل الحياكة أو في ورش التصنيع أو الإصلاح، بينما 56% من الأطفال يعملون لإعالة أسرهم بشكل كامل وليس فقط المساهمة في النفقات المعيشية مما يجعل ذهابهم للعمل أمرًا حتميًا.

 

قوانين ولكن

 

وعلى الرغم من إقرار الهند لقانون منع عمال الأطفال عام 1989، إلا أنها تعد إحدى الدول التي استمرت نسبة الأطفال العاملين فيها بالارتفاع، وفقًا لتقرير للبنك الدولي، حيث يشير الأخير إلى صعوبة مواجهة ظاهرة عمال الأطفال من خلال القوانين فحسب، ففي ظل تزايد الفقر واتساع الفجوة الاقتصادية بين الطبقات يزداد إقبال الأطفال –الإجباري أحيانًا- على العمل.

 

بينما تبرز البرازيل كمثال معاكس، فقد أقرت الدولة اللاتينية قانونًا عام 1999 برفع سن العمل من 14 إلى 16 سنة، وعلى الرغم من استمرار بعض الأطفال تحت السن الرسمي في العمل، إلا أن عمالة الأطفال شهدت تراجعًا واضحًا في العقدين الأخيرين بفعل تحسن المستوى الاقتصادي العام للبلاد، وليس بسبب القوانين التي يتم سنها.

 

 

وتشير دراسة لجامعة "هارفارد" إلى تقديم الأطفال العاملين في الكثير من القرى في نيبال والهند وبورما وبنجلاديش وبعض الدول الأفريقية إلى قرابة 20% من دخول أسرهم - الفقيرة والكبيرة- وترتفع نسبة الأطفال العاملين في تلك القرى لتصل إلى 40% من الأطفال بين الخامسة وأربعة عشر عاما، وتصف الدراسة الدخل الذي يجمعه هؤلاء الأطفال بـ"الحيوي" لأن غيابه يعني ببساطة عجز أسرهم عن توفير نفقات الحد الأدنى للعيش.

 

وتقدر دراسة لمنظمة العمل الدولية نسبة الأطفال العاملين من دون أجر تمامًا (أغلبهم من الإناث) بحوالي 15%، وذلك بسبب عملهم في إطار الأسرة بشكل أساسي، بما يعكس شكلا من أشكال العمالة الإجبارية، وليس مجرد اضطهاد الأطفال.

 

الأثر العام لعمالة الأطفال

 

وتكشف دراسة لجامعة "نيودلهي" أن الاستثناء الوحيد في عمالة الأطفال هو المجال الزراعي، حيث يحصل الأطفال العاملون فيه على دخول تقارب دخول البالغين، كما أنهم يراكمون مهارات وخبرات من شأنها أن تساعدهم على زيادة دخولهم ودخول أسرهم لاحقًا، وذلك على الرغم من الأثر السلبي المتحقق بحرمانهم في غالبية الأحيان من تلقي التعليم المناسب.

 

وفي المقابل، تتسبب عمالة الأطفال في غالبية الأحيان في إضعاف مستقبل الأسر الاقتصادي، إذ تحصل الأسر الفقيرة التي ترسل أبناءها للعمل على دخول أقل بنسبة 50-60% من تلك الأسر التي ترسلهم لتلقي التعليم، ويظهر ذلك الأسر بعد 10-20 سنة من قرار الأسرة بإرسال الأبناء لتلقي التعليم أو إلحاقهم بقوة العمل.

 

وعلى المستوى القومي يؤثر إلحاق الأطفال بقوة العمل فيما يصفه البنك الدولي بـ"تراكم رأس المال البشري"، حيث تصبح العمالة التي التحقت في سن صغيرة بسوق العمل غير مؤهلة في أغلب الأحيان للمشاركة بشكل فعال في الإنتاج، خاصة في ظل عدم تلقيهم للتعليم أو حتى التأهيل المهني الملائم، بما يقلل من جودة العمالة المتوافرة في السوق ويؤثر على الاقتصاد ككل.

 

 

وتشدد دراسة لمنظمة العمل الدولية على ضرورة مراعاة تعويض الأسر التي يتم حرمانها من الدخول التي تجلبها لهم عمالة الأطفال، وإلا سيصبح الأمر برمته غير ممكن في ظل عجز تلك الأسر عن توفير احتياجاتها الرئيسية من دون الدخل الذي يوفره أطفالها العاملون، وإلا ستبقى الظاهرة مستمرة دون أن تنتهي، بغض النظر عن القوانين التي يتم إقرارها لمحاربتها.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة