حَدّثت أكبر مجموعتين للطاقة في العالم توقعاتهما بشأن سوق النفط خلال العامين الجاري والقادم، وجاءت القراءات الجديدة مقلقة بعض الشيء للاعبين في السوق نظرًا لانخفاضها عن التقديرات السابقة، لكنها شكلت انعكاسًا للمخاوف إزاء ارتفاع الأسعار والحروب التجارية وضعف العملات وأثرها المحتمل على نمو الطلب، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
ومع ذلك، فإن هذه المخاطر التي تحيط بالسوق ومساره، لا تعني بالضرورة أن الأسعار ستنخفض، ومن المرجح أن تتواصل الضغوط الصعودية بفعل المخاوف بشأن عدم كفاية القدرة الإنتاجية لتلبية احتياجات العالم من الخام.
النظرة المتشائمة
- تتوقع كل من "أوبك" التي تمثل مجموعة من أكبر مصدري النفط، ووكالة الطاقة الدولية التي تعبر عن الدول المستهلكة، ارتفاع الاستهلاك العالمي بنحو 1.36 مليون برميل يوميًا خلال العام المقبل، وهو معدل أقل بكثير مما اعتاد عليه العالم منذ انهيار بدء الانهيار في عام 2014، ما يعكس النظرة الأكثر تشاؤمًا للمجموعتين منذ فترة طويلة.
- التغيرات ليست كبيرة، بيد أن المزيد قد يأتي في المستقبل، وبحسب رئيس قسم أسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية "نيل أتكينسون"، فإن التغيرات في توقعات الطلب لعام 2019، من المرجح أن تضيف للضغوط في الجانب الهبوطي وليس الصعودي.
- لدى المجموعتين تاريخ من البطء الشديد في تعديل توقعات الطلب، الأمر الذي يمكن أن يجعلهما غير مواكبين لتحركات السوق، ومع ذلك فإن مخاوف "أتكينسون" مفهومة، كون تقرير وكالة الطاقة الدولية حمل رسالة ملخصها أن الطاقة باهظة الثمن قد عادت.
- لم تعد أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها في أربعة أعوام فقط أوائل الشهر الجاري، فالأسعار في البلدان التي تعد محركًا رئيسيًا لنمو الطلب على النفط مثل الهند والصين، تعاني من ضعف عملاتها المحلية مقابل الدولار، وهو ما زاد من أثر ارتفاع الأسعار.
الخطر الحقيقي
- بلغت أسعار البنزين والديزل في الهند مستويات قياسية في وقت سابق من هذا الشهر، رغم أن تكلفة النفط ما زالت أقل بنحو 45% من ذروتها المسجلة في عام 2008، ما دفع الحكومة الهندية إلى خفض الضرائب على الوقود ومطالبة شركات تسويق النفط المملوكة للدولة بامتصاص هذه الضغوط بخفض إضافي في الأسعار، كما ارتفعت أسعار الوقود في الصين بنسبة 28% خلال العام الماضي.
- ويعكس خفض توقعات الطلب على النفط، تراجع رؤية صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للنمو الاقتصادي العالمي، وذلك تأثرًا بسياسات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" التي أشعلت حربًا تجارية مع الصين وأثارت مخاوف الشركاء التجاريين التاريخيين للولايات المتحدة.
- كل هذا من شأنه تخفيف بعض الضغوط عن السائقين في هذه البلدان عبر خفض أسعار النفط الذي سينعكس بطبيعة الحال على المنتجات المبيعة في محطات الوقود، لكن لا ينبغي التفاؤل سريعًا إزاء هذا التكهن.
- الخطر الحقيقي المتزايد الذي سيلقي بظلاله على أسواق النفط قريبًا، هو حلول فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، ما يستدعي توافر قدرة إنتاجية إضافية لتعويض اضطراب الإمدادات في أي مكان آخر في العالم، والخبر المؤسف أن هذه القدرة لم يعد هناك الكثير منها.
محدودية الإمكانات الإنتاجية
- انخفضت صادرات إيران بنسبة 39% منذ إعلان "ترامب" فرض عقوبات على البلاد، والتي ستدخل حيز التنفيذ في الربع من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وفي الوقت نفسه عانت "أوبك" وحلفاؤها لتعويض الإمدادات الإيرانية والفنزويلية، حتى مع ارتفاع إنتاج روسيا لأعلى مستوياته منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ووصول الإنتاج السعودي إلى مستوى قياسي تقريبًا، وضخ ليبيا الخام بأعلى وتيرة في خمس سنوات.
- لا تزال ليبيا غير مستقرة من الناحية الأمنية والسياسية، ومن المقرر إجراء نيجيريا انتخابات في فبراير/ شباط القادم، وهو حدث، ثبت تاريخيًا إثارته للتوترات في منطقة دلتا النيجر التي تعد قلب صناعة النفط في البلاد.
- تقدر وكالة الطاقة الدولية القدرة الإنتاجية الاحتياطية لـ"أوبك" بنحو مليوني برميل يوميًا، لكن معظم هذه الإمكانات إما أنها لم تُختبر، أو أنها تقوم على افتراض عدم وجود اضطرابات سياسية تعطل الإنتاج في بعض البلدان.
- قد تكون القدرة الاحتياطية الفعلية المتاحة بشكل فوري أقل من نصف هذا التقدير الذي أشارت إليه وكالة الطاقة الدولية، ومن شأن هذا أن يشكل دعمًا لأسعار النفط حتى يتسنى توفير المزيد من الإمدادات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}