نبض أرقام
17:14
توقيت مكة المكرمة

2024/07/22
14:15
12:06

لماذا تبقى السلع الرديئة وتندثر الجيدة وتتحول الأسواق كلها لبيع الليمون؟

2018/10/26 أرقام - خاص

على الرغم من أن قانون "العملة الجيدة والعملة الرديئة" كان أحد الافتراضات الرئيسية التي قام عليها نظام السوق، من خلال التأكيد على دفع المنافسة للسلع الرديئة خارج السوق لحساب تلك الجيدة التي يشتريها "المستهلك الرشيد" إلا أن مفكرًا حصل على جائزة "نوبل" لمعارضته لهذه النظرية.

 

 

سوق السيارات

 

"جورج أكيرلوف"، الأستاذ في جامعة "ييل" قدم ورقة بحثية عام 1970 بعنوان "الاختيارات المتعددة وسوق الليمون" تتناول تأثيرات وجود كم أكبر من المعلومات عن السلعة المبيعة لدى البائعين عما يتوافر لدى المشترين وتأثيرات ذلك على السوق ككل.

 

وضرب "أكيرلوف" مثلًا بسوق السيارات المستعملة، فكل تفصيلة في هذا السوق تحدث فارقًا، من موديل السيارة إلى عدد الكيلومترات التي تحركتها، ومن سنة الإنتاج إلى حالة المحرك وأجزاء السيارة وما إلى ذلك، وفي كافة الأحوال يعرف البائع أكثر عن سيارته مما يعرف المشتري.

 

ولهذا السبب يميل بائع السيارة ذات الحالة السيئة إلى تخفيض سعرها نسبيًا بينما لا يقبل صاحب السيارة الجيدة بذلك، ويميل المشتري في هذه الحالة لشراء السلعة السيئة لثمنها المنخفض ولعدم علمه بكافة التفاصيل.

 

فإذا كان سعر سيارة رديئة 60 ألف ريال مثلا ونفس العلامة ولكن بحالة أفضل بـ70 ألفا فإن السوق يلتقي عند 65 ألفا ليبيع الأول سيارته بسهولة بالسعر المتوسط، ويرفض الثاني، وتخرج السلع الجيدة تدريجيًا من السوق ويحدث عكس نظرية "العملة الجيدة والرديئة"، ليبقى "الليمون" وحده في السوق (المقصود بالليمون السلع الرديئة لأنه لاذع الطعم).

 

ويقدر موقع "ماني وايز" أن السيارة المستعملة تفقد 20% في المتوسط من قيمتها بمجرد قيام المستهلك بشرائها، وذلك لأنها في كثير من الحالات ما يتم شراؤها بقيمة تفوق قيمتها الحقيقية، والبائع غير مستعد لإعادة شرائها بنفس السعر ولو بعد إتمام عملية البيع بدقائق.

 

"جوجل بلاس" و"فيسبوك"

 

وفي أعقاب فوز "أكيرلوف" بـ"نوبل" عام 2001، أقرت شركتا "جنرال موتورز" و"بي.إم.دبليو" نظامًا داخليًا في الولايات المتحدة يعمل على تقييم سياراتيهما المستخدمة في السوق بما يجعل الأسعار في السوق أقرب للتوازن ويمنع خروج السلع الجيدة من السوق.

 

 

ويعتبر موقع "ميديم" أن الخطوة التي اتخذتها الشركتان ساهمت في زيادة مبيعاتيهما في الولايات المتحدة، لإدراك المتعاملين في السوق بالقدرة على إعادة بيع تلك السيارات بشكل يحفظ قيمتها ودون الدخول في "خسائر الليمون".

 

ويمكن النظر إلى إغلاق موقع "جوجل بلس" في إطار أنه شراء لليمون بشكل ما، فالموقع الذي حاولت "ألفا بت" جعله منافسًا لـ"فيسبوك" لم يستطع البقاء، رغم تقديرات "بيزنيس إنسايدر" بإنفاق أكثر من 10 مليارات دولار للترويج له.

 

فعلى الرغم من إقرار موقع "جوجل بلس" لسياسات متشددة للغاية للحفاظ على خصوصية المستخدمين، وربط الموقع بكافة خدمات "جوجل"، من ترجمة وتحديد مواقع وخلافه، إلا أنه لم يحظ بالقبول لعدم إدراك المستخدمين لأهمية هذا الأمر الذي بدأوا يدركونه مؤخرًا في ظل أزمات "فيسبوك" المتعلقة بسياسات الخصوصية وحماية البيانات.

 

وكثيرًا ما تظهر نظرية بيع الليمون في تجارة ألعاب الفيديو، حيث يستحوذ جهازا "إكس بوكس" و"بلاي ستيشن" من شركتي"مايكروسوفت" و"سوني" على الترتيبب على السوق بشكل كبير، رغم وجود شركات أخرى مثل "فالف" و"وورلد أوف وور كرافت" وغير ذلك، ويدفع المستهلك في المتوسط 40 دولارًا لقاء ألعاب الشركتين.

 

أما الشركات الأخرى فيشير موقع "ميديا سبوت" إلى تفوقها في كافة النواحي المتعلقة بالتصميمات واللعب على شبكة الإنترنت، غير أن بيعها للسلع التي تقدمها بأسعار أعلى نسبيًا (بعضها يستلزم دفع "اشتراك" سنوي) بفعل ما يُنفق في تطويرها يجعل ذلك الشركتين الأكبر تهيمنان على السوق وتطردان بعض السلع الأفضل.

 

استغلال لـ"الجهل"

 

واللافت هنا أن البائع كثيرًا ما يستغل "جهل" المستهلك ببعض الخصائص للمنتجات، ولعل ما تقوم به الشركات المنتجة للزيوت، في مختلف أنحاء العالم، بالتأكيد على خلو منتجاتها من الدهون المشبعة يعتبر نوعا من هذا الخداع.

 

فالثابت علميًا أن الأصل هو خلو الزيوت النباتية من الدهون المشبعة، التي توجد في السمن، بل ويعتبر بعض أنواع الدهون المشبعة مهمة لصحة الإنسان وغذائه بما يجعل الإعلان عن خلو منتج ما منها ليس أمرًا جيدًا بالضرورة، ليشتري المستهلك منتجات بغير أساس صحيح بما يهدد أيضًا بطرد المنتجات الجيدة من السوق لاحقًا لعدم قدرتها على المنافسة.

 

ووفقًا لأستاذ التسويق الشهير "فيليب كوتلر"، يمتد استغلال "الجهل" ليشمل كافة المجالات، ولا سيما الخاصة بسلع الاستقراب (مثل البقالة والأدوية الطبية ومستحضرات التجميل)، حيث يعلم المنتجون اتجاه غالبية المستهلكين لعدم البحث عن التفاصيل والاكتفاء بما يخبره لهم المنتجون فضلًا عن المقارنة السعرية.

 

 

ولعل هذه النظرية بالأساس (تجارة الليمون) هي ما دفعت شركة أمازون لابتكار نظام التقييم الفوري للبائعين على موقعها الإلكتروني، مما يضمن وجود تقييم مستمر للبائعين ولمنتجاتهم، وليعلم المستخدم الفروق الدقيقة بين المنتجات بما يعنيه ليصبح "مستهلكا رشيدا".

 

وعلى الرغم من ذلك فالكثير من المستهلكين لا يهتمون بقراءة تفاصيل المنتجات التي يشترونها بدقة، ولا يقوم بعضهم بكتابة تعليقهم على المنتج (سلبيًا كان أو إيجابيًا) ويقوم بعض المنتجين بالتضليل باستخدام حسابات وهمية، بما يقلل من فاعلية الوسيلة لكنه لا ينفي فائدتها.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة