أخيرًا وبعد سجال طويل بين المحللين، اعترفت الإدارة الأمريكية برئاسة "دونالد ترامب" بعدم قدرتها على خفض الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر كما زعمت مبكرًا عند الإعلان عن العقوبات التي دخلت حيز التنفيذ اليوم الإثنين، بحسب تقرير لموقع "أويل برايس".
ومن المقرر أن تمنح الولايات المتحدة إعفاءات لثمانية بلدان، لتسمح لها بمواصلة استيراد النفط الإيراني بكميات محددة، على أن تخفض مشترياتها خلال الأشهر القادمة، وستصدر القائمة الكاملة للبلدان في وقت لاحق من اليوم، ومن المرجح أن تشمل أربعة من كبار العملاء الإيرانيين، وهم الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان.
هدف صعب
- قال كبير محللي الطاقة لدى "إيكونوميست إنتليجنس" "بيتر كيرنان" في مذكرة، إن منح الولايات الأمريكية تنازلات لنحو ثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، بشرط الخفض التدريجي لمشترياتها بعد ذلك، يعكس تراجع إدارة "ترامب" عن هدف كبح الصادرات الإيرانية تمامًا خلال المدى القصير على الأقل.
- إقناع البلدان بخفض وارداتها النفطية من إيران إلى الصفر كان أمرًا صعبًا، حتى لو كان لإدارة "ترامب" ما يكفي من النفوذ، يظل الأمر صعب التحقيق من الناحية الفنية، خاصة مع استمرار طهران في تخفيض أسعارها واستخدام عملات غير الدولار واستغلال الخام في صفقات مقايضة، وتاريخيًا أثبتت قدرتها في الحفاظ على مستوى معين من الصادرات وإيجاد سبل لتمرير شحناتها.
- لكن الأهم من ذلك، هو أن سوق النفط أصبح أكثر حساسية تجاه مسألة خفض الإمدادات الإيرانية إلى الصفر، ورغم الهبوط الأخير في الأسعار (تراجعت بأكثر من 15% خلال الشهر الماضي) فإن السوق لا يزال بحاجة إلى الإمدادات.
- الولايات المتحدة و"أوبك" تزيدان الإمدادات بوتيرة سريعة، لكن من غير الواضح، ما إذا كان هذا النهج سيستمر أم لا، يمكن أن تشهد أمريكا تباطؤا في الإنتاج خلال العام القادم، وبالنسبة لمنظمة البلدان المصدرة، فإنتاجها الإضافي يأتي على حساب الطاقة الاحتياطية.
حساسية السوق المرتفعة تجاه الاضطرابات
- لا تزال مساحة المناورة المتوافرة أمام البيت الأبيض ضعيفة، ورغم وجود مخاوف من ضعف الطلب على النفط في عام 2019، فإن المصدر الرئيسي للقلق هو أن يؤدي الانقطاع المفاجئ للإمدادات الإيرانية إلى ارتفاع حاد في الأسعار، الأمر الذي ستنعكس آثاره على الاقتصادات المستهلكة للنفطة، بحسب "كيرنان".
- قد تكون السعودية قادرة على تعويض جزء كبير من التراجع في الإمدادات الإيرانية، لكن ليس كلها، وذلك يعني أن السوق سيظل معرضا بشدة لخطر اضطراب الإمدادات، لذلك كان على إدارة "ترامب" إظهار بعض المرونة، خاصة مع عدم استعداد كبار المشترين مثل الصن والهند لوقف عمليات الشراء من طهران تمامًا وفورًا.
- تتوقع شركة استشارات الطاقة "وود ماكينزي" انخفاض صادرات إيران بمقدار 800 ألف برميل يوميًا مقارنة بمستويات شهر سبتمبر/ أيلول مع سريان مفعول العقوبات، ما يعني هبوط إجمالي الصادرات إلى مليون برميل يوميًا.
- قالت نائبة رئيس قسم أسواق النفط لدى "وود ماكينزي" "آن لويز هيتل": نعتقد أن هناك نموًا كافيًا في المعروض قادما من أماكن أخرى لتلبية الطلب في الشتاء المقبل وتجنب ارتفاع الأسعار.
- من المفترض استقرار خام "برنت" قرب 78 دولارًا للبرميل، لكن هذا الافتراض هش للغاية، فقد كانت الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لدى "أوبك" بين 4 ملايين و5 ملايين برميل يوميًا قبل عامين، أما الآن تصل إلى 700 ألف برميل فقط، وهذا يعني أن السوق سيكون عرضة للخطر أمام الطلب القوي في الشتاء البارد أو مع حدوث أي اضطراب في الإمدادات.
الحذر كان ولا يزال ضروريًا
- إذا نجحت إدارة "ترامب" في خفض الصادرات الإيرانية إلى الصفر، لارتفعت الأسعار بشكل كبير، لكن ذلك كان سينعكس بمشكلة سياسية في الداخل الأمريكي، قبيل انتخابات التجديد النصفي، وهو ثمن، الإدارة غير مستعدة لدفعه.
- مع ذلك، ورغم الإعفاءات، تمسكت إدارة "ترامب" بهدفها لكبح الصادرات الإيرانية، وقال "روبرت بالادانو" نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية نحن واثقون تمامًا من المضي قدمًا بأن الإجراءات التي نتخذها ستساعدنا على ممارسة أقصى قدر من الضغط ضد النظام الإيراني.
- مواصلة إدارة "ترامب" لهذه الجهود يتوقف على استقرار أسعار النفط عند مستويات مقبولة، وخلاف ذلك سوف تكون هناك حاجة لمزيد من التنازلات لفترات أطول.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}