في مثل هذه الأثناء من العام الماضي، كانت "بتكوين" وسوق العملات الرقمية برمتها، تشهدان أفضل أوقاتهما على الإطلاق، فيما وصف بثورة الأموال الافتراضية آنذاك، حيث ارتفع سعر العملة الرقمية الرائدة من أدنى 4 آلاف دولار خلال سبتمبر/ أيلول عام 2017 إلى قرابة العشرين ألف دولار في ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، ملامسة مستوى غير مسبوق.
كانت "بتكوين" بدأت تداولات عام 2017 قرب مستوى الألف دولار، وظلت تتزايد بهدوء طيلة 8 أشهر من العام الماضي حتى كادت تتجاوز 5 آلاف دولار، لكن التهديدات التنظيمية في الصين وروسيا وعدد من دول العالم دفعتها إلى تقلبات شديدة في سبتمبر/ أيلول، قبل أن تتخلص من مخاوفها وتقود مساراً صعودياً استمر لأشهر قليلة، دفع القيمة الإجمالية لسوق العملات الرقمية إلى نحو 800 مليار دولار مطلع العام الجاري.
لكن بعد أيام قليلة من بداية عام 2018، سلكت "بتكوين" مساراً هبوطياً بخلاف ما فعلته العام الماضي، وهبطت قيمتها إلى قرابة 3500 دولار حالياً، وكونها صاحبة نصيب الأسد (55%) من سوق العملات الرقمية المكون مما يزيد على ألفي عملة، فقد هبطت القيمة الإجمالية للسوق إلى نحو 115 مليار دولار، فهل يعني ذلك أن "بتكوين" لم تكن سوى ظاهرة أو موضة وانتهت وليست ابتكاراً كما ردد البعض؟ أم هي كبوة وستستفيق منها مجدداً كما فعلت من قبل؟
خسائر كبيرة ولكن..
- صحيح أن "بتكوين" هبطت إلى مستويات ما قبل طفرة العام الماضي، وصحيح أيضاً أنها فقدت 70% من قيمتها هذا العام، لكن البعض يرى أنها تتطور منذ إطلاقها قبل 8 أعوام، عندما أنفق أحد المطورين 10 آلاف وحدة منها لشراء البيتزا، وهو ثمن كان ليمكنه من شراء سلسلة من محال البيتزا وفقاً لقيمة العملة الرقمية في الوقت الراهن.
- البعض يرى أن طفرة عام 2017، ما هي إلا فقاعة، تم نفخها من قبل المضاربين ومطاردي الثراء السريع بجانب أفراد من عالم الجريمة المنظمة، من تجار مخدرات وقتلة مأجورين وغاسلي الأموال، لكن بعيداً عن أسباب الصحوة المفاجئة، فإن هبوط العملة الرقمية من 19780 دولاراً قبل عام، يعني بما لا يدع مجالاً للشك أنه كانت هناك فقاعة وانفجرت بالفعل.
- في أوائل هذا الشهر، أفادت تقارير إعلامية بأن عدداً من الشركات الناشئة العاملة في مجال العملات الرقمية اضطرت للإفلاس مع الهبوط الحاد لـ"بتكوين"، من بينها "إي تي سي ديف"، فيما قررت شركات مثل "كونسين-سيز" تخفيض الطاقة العاملة بنسبة 13%، بحسب "بلومبرج".
- لكن بالنظر إلى تاريخ "بتكوين" يبدو الأمر مختلفاً تماماً عما يظنه البعض، ويظهر كنمط مألوف بالنسبة للعملة الرقمية الأعلى قيمة في سوق الأموال الافتراضية، حيث اتسم مسارها بالتعرج الشديد صعوداً وهبوطاً، ووفقاً لمحللين فإن "بتكوين" لم تمت بعد وما زال أمامها مستقبل أكثر إشراقاً.
- على سبيل المثال، ارتفعت "بتكوين" إلى ما يزيد على ألف دولار في أواخر عام 2013، قبل أن تتراجع إلى قرابة 200 دولار في أوائل عام 2015، بانخفاض وصلت نسبته نحو 83%، ومقارنة بهبوط نسبته 82% تقريباً خلال فترة الاثني عشر شهراً منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفقاً لبيانات "كوين ماركيت كاب".
- وفقاً لموقع "كريبتو كارنسيز نيوز"، فإن "بتكوين" استغرقت في المتوسط، 67 أسبوعاً للتعافي من حالات التصحيح الخمس الرئيسية التي مرت بها خلال تاريخها لتلامس مستوى غير مسبوق بعد كل مرة، وهو ما يعني أن الانتعاش القادم سيبدأ خلال الربع الثاني من عام 2019.
إذن، ما التالي؟
- وفقاً لموقع "ذا موتلي فوول" البريطاني للاستشارات المالية، فإن المحللين متمسكون بتوقعاتهم المتفائلة إزاء مستقبل "بتكوين"، ويرى البعض منهم أن العملة الرقمية ستجتذب المزيد من الأموال، التي سترفع قيمتها إلى مستوى 100 ألف دولار خلال بضع سنوات.
- هناك أيضاً من يرى أن التقلبات الحادة في سوق العملات الرقمية هي أمر طبيعي، وأنه ينبغي على مستثمر هذا المجال أن يتوقع انخفاض أو ارتفاع قيمة استثماره بقيم تصل إلى 70% و80%.
- رغم أن العديد من المحللين يؤمنون بضرورة تجاهل التقلبات قصيرة المدى في أي استثمار والتركيز على القيمة المحققة خلال المدى البعيد، يختلف آخرون مع اعتبار "بتكوين" استثماراً حقيقياً له قيمة حقيقية من الأساس.
- يقول "بوبي لي" المؤسس المشارك لـ"بي تي سي سي" للأصول الرقمية في تغريدة له عبر "تويتر": إذا كان التاريخ مؤشراً للمستقبل، فسنرى تعافياً قوياً في قيمة "بتكوين"، ولو أن الأيام تكرر نفسها، سينتهي السوق الهابط للعملة الرقمية عند سعر 2500 دولار بحلول الشهر الأول من عام 2019.
- يضيف "لي"، أنه عقب وصول "بتكوين" إلى نهاية المسار الهابط، ستبدأ رحلة صعودية جديدة في أواخر عام 2020، تصل ذروتها بحلول ديسمبر/ كانون الأول من عام 2021 عند 333 ألف دولار، ومن ثم ستنهار إلى 41 ألف دولار في يناير/ كانون الثاني من عام 2023.
- بعد انفجار فقاعة "دوت كوم" التي محت 8 تريليونات دولار من الاستثمارات، اختفت 75% من الشركات التي تأسست خلال الفقاعة، لكن من رحم هذا الانهيار ظهرت شركات أكثر تنظيماً وقوة مثل "أمازون" و"جوجل" و"إيباي"، وقياساً على هذه التجربة، فمن المتوقع أن تبقى الشركات القوية والمنظمة فقط في سوق العملات الرقمية وتكنولوجيا "بلوك شين"، بحسب موقع "سكينغ ألفا".
- على أي حال، ما زال هناك من أصحاب الآراء المؤثرة في أسواق المال العالمية، (أمثال المستثمر المخضرم "وارن بافيت" والاقتصادي الحائز جائزة نوبل "إيوجين فاما")، من يعتقدون أن "بتكوين" لا تساوى شيئاً مهما ارتفع سعرها، فيما وصفها بنك التسويات الدولية بأنها "مزيج يجمع بين الفقاعة ومخطط بونزي الاحتيالي والكارثة"، حسبما جاء في تقرير لموقع "ذا كونفرزشن".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}