نبض أرقام
01:07
توقيت مكة المكرمة

2024/08/25
2024/08/24

الأعمال الخيرية في الغرب.. الإدارة بمنطق "البزنس"

2018/12/28 أرقام - خاص

تعد الأعمال الخيرية حجر زاوية في عالمنا للإبقاء على "الوجه الإنساني" للاقتصاد، حيث تعمل على سد حاجة المعوزين غير القادرين على العمل لسبب أو لآخر، غير أن شكل اقتصادات الأعمال الخيرية تغير كثيرًا خلال الأعوام الأخيرة في الغرب، ليصبح أقرب للاستثمارات العادية منها للأعمال الخيرية.

 

فقد انتقل الكثير من الأعمال الخيرية في الغرب من مرحلة الاعتماد على المعونات فحسب إلى تأسيس أعمال تجارية تعمل على إمداد الجمعيات الخيرية بالتمويل الذي تحتاجه، لكي تصبح أقل اعتمادًا على التبرعات التي تزيد وتنقص بطبيعة الحال.

 

 

تنافسية أعلى

 

وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال يبرز متجر "إيماوس ميجاستور" الذي يعين مزيجًا بين المتطوعين الذين يعملون بلا مقابل، وهؤلاء الذين كانوا بلا مأوى، وقام المتجر بتأهيلهم وتوظيفهم وإعطائهم رواتب، فضلًا عن إنفاقه 250 ألف جنيه إسترليني لإعادة تأهيل المشردين.

 

وتؤكد "إيكونوميست" أن المتاجر الخيرية أصبحت تتبنى نفس أساليب تشغيل المتاجر العادية، من عروض وتخفيضات وأشكال جذابة في العرض، بعد أن ظلت لأعوام "غير تنافسية" في أساليب العرض بل وتقدم السلع بأسعار أكثر 10% في المتوسط مما تطرحه المتاجر العادية.

 

وبناء على هذا التوجه نحو عالم الأعمال، ارتفعت نسبة الإيرادات التي تحصدها الأعمال الخيرية في المملكة المتحدة من أعمالها التجارية قياسًا إلى إجمالي إيراداتها من 18% إلى 23% بين عامي 2008 و2013، كما ارتفعت النسبة نفسها في الولايات المتحدة إلى 56% وفقًا لدراسة لجامعة "جورجيا".

 

ويشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الأعمال الخيرية في الولايات المتحدة وبريطانيا تحقق وفورات تفوق 8% نتيجة لاعتمادها في الكثير من المراحل على المتطوعين بما يحد من الإنفاق على الرواتب، وإن جعل عملية التوظيف والتشغيل أكثر تعقيدًا بطبيعة الحال.

 

"بيل آند أماندا"

 

ويحقق الانتقال إلى عالم الأعمال ميزة إضافية للجمعيات الخيرية، حيث يكون بوسعها دعم الفئات المحتاجة مباشرة من خلال التبرعات، وبطريقة أخرى من خلال توظيف هؤلاء المحتاجين للتبرعات بما ينقلهم من خانة المعوزين إلى خانة القادرين ويعطي القدرة للدفع بتمويل إضافي للمزيد من الفقراء.

 

 

ولا شك أن صندوق "بيل آند ميلندا" الذي أقامه المؤسس المشارك في "مايكروسوفت" "بيل جيتس" يعد مثالًا واضحًا على هذا الشكل من الأعمال الخيرية، فبرأس مال يتخطى 50 مليار دولار أصبحت المؤسسة هي الأكبر من نوعها في العالم.

 

وتعمل المؤسسة في العديد من المجالات ذات الربحية العالية، مثل الطاقة المتجددة، والبرمجة، وتستثمر أموالها في شراء الأسهم. ووفقًا للمؤسسة فإنها تستثمر أموالها في "كل ما يسهم من أجل بناء حياة صحية ومُنتجة" وهذه هي الرؤية التي تعمل وفقًا لها.

 

ولم يمنع عملها في المجال الخيري من مراكمة رأس المال، حيث بدأت برأسمال 40 مليار دولار عام 2000 واستمرت في زيادة رأس المال ليصل إلى 50 مليار دولار، بما يعكس توجهًا للتوسع وليس مجرد إبقاء الأعمال الخيرية على حجمها الحالي.

 

"تهديد" التخفيضات الضريبية

 

كما أصبحت الأعمال الخيرية تستفيد من الاتفاقات التي تبرمها مع المتاجر، ولا سيما متاجر التجزئة، حيث يتبرع المشتري بباقي النقود أو "الفكة" لصالح الجمعيات الخيرية، وأعلن "وول مارت" العام الماضي عن وصول رقم التبرعات من خلال هذا الشكل إلى ما يفوق مليار دولار.

 

وتعتبر التخفيضات الضريبية إحدى الوسائل الرئيسية التي تستخدم لتشجيع الأعمال والأفراد على حد سواء للتبرع للأعمال الخيرية، حيث تقدر دراسة لجامعة "يل" إن 40-50% من التبرعات للأعمال الخيرية تستفيد من تخفيضات ضريبية (بانتقال المتبرع إلى شريحة دخل أقل وبالتالي نسبة ضريبة أقل).

 

ولعل ذلك هو ما دفع الكثير لانتقاد قانون الضرائب الجديد في الولايات المتحدة، حيث يقدر موقع "ماركت ووتش" انخفاض تبرعات الأمريكيين 13.1 مليار دولار بسبب القانون الجديد، بما يشكل 4.6% من إجمالي تبرعات الأسر الأمريكية.

 

 

وتشير شبكة "سي.إن.بي.سي" إلى أن القانون الجديد يحد كثيرًا من قدرة الأعمال على التبرع للجمعيات الخيرية للاستفادة من تخفيضات ضريبية، بما يجعل الشركات تمتنع عن التبرع في كثير من الأحيان، وذلك لمواجهة تراجع الإيرادات الضريبية الأمريكية بعد التخفيضات الأخيرة عليها.

 

ويرجح تقرير لـ"الكونجرس" سعي 18 مليون أسرة أمريكية للحصول على تخفيضات ضريبية بسبب تبرعاتها الخيرية هذا العام، في مقابل 46 مليون أسرة العام السابق بما يعكس تراجعًا حادًا في حجم التبرعات بطبيعة الحال، أو على الأقل لتلك التي تدخل تحت بند الإعفاءات الضريبية.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة