في الوقت الذي يُعتقد فيه أن إبحار السفن العملاقة اعتمادًا على الطاقة المولدة من الرياح وحركة المد والجزر، فكرة خيالية، فإن هذا السيناريو "الرؤية الخضراء الكبرى" يمكن تحقيقه قريبًا بفضل التطور التكنولوجي الملحوظ في جزر أوركني الواقعة شمال الأراضي البريطانية، بحسب تقرير لـ"الجارديان".
ويأتي ذلك بعدما اعتمدت أوركني طويلًا على الطاقة المولدة عبر المحطات التي تحرق الفحم والغاز في أسكتلندا ومن ثم تُنقل عبر الكابلات الممتدة أسفل مياه البحر، لكنها اليوم تزخر بتوربينات الرياح التي تولد قدرا كبيرا من الكهرباء الخالية من الانبعاثات يفوق الاستهلاك المحلي.
مثال يُحتذى به
- تعتمد أوركني على محطات طاقة الرياح ذات الملكية العامة في تزويد القرى المحلية بالكهرباء، كما تنتشر بها السيارات الكهربائية غير الملوثة للبيئة، إضافة إلى اختبارها تقنيات لتوليد الطاقة من حركة الأمواج.
- في المستقبل القريب، لن يتم تشغيل أي من السيارات والعبارات في أوركني بوقود الديزل وإنما بواسطة الهيدروجين، الذي يتم توليده عبر إجراء تحليل كهربائي للمياه باستخدم الطاقة المولدة أساسًا من محطات الرياح والأمواج.
- تقول خبيرة الأعراق البشرية "الإثنوغرافيا"، "لورا واتس"، إن المستقبل منخفض الكربون المعتمد على الطاقة المتجددة، والذي يجري التحدث عنه كثيرًا في مناطق أخرى، يصبح حقيقة مبكرة في أوركني.
- تضيف "لورا": عندما يفكر الناس في التكنولوجيات أو الابتكارات المستقبلية، فإنهم يفترضون أن كل شيء يجب أن يحدث في المدن، لكن ثورة الطاقة المتجددة هذه تتم في مكان يقع الهامش -إذا جاز الوصف- بالنسبة للأمة البريطانية.
- تبدو فكرة قيام ثورة كهذه في مكان أقرب إلى الدائرة القطبية من لندن أمرا غير متوقع، لكن تبين أن أوركني كان لها تاريخ طويل في توليد الأفكار وتصديرها جنوبًا إلى قلب الأراضي البريطانية كما كان لها حضارة وثقافة مزدهرة قبل تدشين بعض المعالم البارزة في البلاد.
اكتفاء ذاتي وإنتاج فائض
- تقول "لورا" إن التاريخ يعيد نفسه، حيث تقود "أوركني" بريطانيا نحو مستقبل خال من الكربون، وتشير إلى أن المكون الرئيسي لهذه الثورة هو الطريقة التي استغل بها السكان المحليون الرياح لجعلها مصدرا موثوقا به للطاقة.
- تتعرض أوركني لهبوب الرياح على مدار السنة كما أنها منكشفة على المحيط الأطلسي وبحر الشمال، وتشهد عواصف ممطرة قوية في أوقات كثيرة، والتي يمكنها خلع أسقف بعض المنازل.
- الرياح في أوركني قوية بما يكفي لتشغيل أكثر من 700 توربين صغير، وهو عامل حاسم في تغيير الحياة على سلسلة الجزر، رغم أن طريق هذا التحول لم يكن منتظمًا إلى حد ما.
- كان تأثير تكنولوجيا التوربينات في أوركني عميق للغاية، ووفقًا لـ"لورا"، اعتمدت الجزر طويلًا على استيراد الكهرباء لكنها الآن تولد احتياجها كاملًا، وبلغ إنتاجها السنوي مؤخرًا 120% من الاستهلاك المحلي، وهو ما يطرح تساؤلا جديدا عما ستفعله السلطات بهذه الفوائض.
بدائل لتوظيف الفائض
- يمكن لأوركني مد كابلات جديدة تسمح لها بتصدير فوائض الكهرباء المولدة إلى قلب الأراضي البريطانية، أو توظيفها في استخدامات مستحدثة، وكخيار أخير يمكن للسلطات المحلية استهلاك هذه الكهرباء في إنتاج وقود آخر مثل الهيدروجين، وتصديره أو تخزينه.
- في النهاية سيكون للمسار الذي ستختاره أوركني تأثير على مناطق أخرى تراقبها عن كثب، لا سيما المملكة المتحدة التي تنظر إلى الجزر باعتبارها المثال النموذجي لمستقبل منخفض الانبعاثات الكربونية.
- لكن تظل مسألة تصدير الفوائض عبر الكابلات مستبعدة نظرًا للتكلفة المرتفعة للمشروع والتي لا يمكن للسلطات المحلية في أوركني تحملها وتستدعي تدخل الحكومة، وقد أجريت مناقشات مطولة في هذا الصدد لكنها انتهت إلى لا شيء، ونتيجة لذلك سيكون على السكان المحليين الاعتماد على أنفسهم.
- من ناحية أخرى، من الممكن العثور على استخدامات إضافية للكهرباء، فمثلًا أعداد السيارات الكهربائية التي يقودها سكان الجزر آخذة في التزايد، ويمكن للشخص دفع جنيهين إسترلينيين (2.57 دولار) في الليلة الواحدة لشحن مركبته الكهربائية بدلًا من تحمل نفقات باهظة للغاية لاستخدام محرك بنزين أو ديزل.
- قد يعتقد البعض أن حاجة المركبات الكهربائية لإعادة الشحن بعد السير نحو 150 كيلومترا (أو ما يقرب من ذلك) يشكل عقبة رئيسية أمام انتشارها، لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، كون مساحة الجزر لا تتجاوز بضعة كيلومترات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}