لا يبعث أداء بعض أكبر الاقتصادات في إفريقيا خلال 2018 على الثقة خلال العام الجاري، فقد شهدت نيجيريا -حسب شبكة "سي إن إن"- انتعاشًا بطيئًا بعد الركود الذي مرت به بسبب انخفاض أسعار النفط، وهو ما حدث في أنغولا أيضًا، كما شهدت جنوب إفريقيا ركودًا للمرة الأولى منذ عقد من الزمن.
ورغم ذلك وبغض النظر عن الاقتصادات الإفريقية الرئيسية فهناك قوى ناشئة واتجاهات دولية توفر إمكانات كبيرة للنجاح في القارة السمراء.
وقد أصدرت شركة الاستشارات العالمية "ماكينزي آند كومباني" كتابًا جديدًا بعنوان "ثورة الأعمال في إفريقيا"، والذي يُحدد الإمكانات والفرص المحتملة في جميع أنحاء القارة بناءً على أبحاث ومقابلات مع مئات المديرين التنفيذيين لشركات إفريقية رائدة.
ويستدعي مؤلفو الكتاب -من بينهم "آشا ليك"، وهو رئيس مكتب "ماكينزي" في إفريقيا- تجربة الصين قبل نموها الهائل ويشيرون إلى مجالات يمكن أن تسفر عن نمو مماثل في إفريقيا.
ويتوقع الباحثون أن يؤدي التوسع الحضري السريع إلى زيادة كبيرة في أعداد الطبقة الاستهلاكية التي تحصل على دخل كافٍ مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في إنفاق الشركات والمستهلكين، ويتوقع الباحثون زيادة الإنفاق من 4 تريليونات دولار عام 2015 إلى 5.6 تريليون دولار عام 2025.
كما يتوقع الباحثون أيضًا أن يزيد انتشار الإنترنت خلال الفترة نفسها مضيفًا 300 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا.
اتجاهات قطاع الأعمال في إفريقيا الآن |
|
الاتجاه |
التوضيح |
1- نمو القوة المتوسطة |
ومن المثير للاهتمام أن الاقتصادات متوسطة الحجم (وليس القوى الاقتصادية الكبيرة) مثل إثيوبيا وساحل العاج هي التي تقدم أفضل الإمكانات. ويصنف "ليك" ساحل العاج باعتبارها نموذجا "للتقدم المستقر"، إذ سجلت الدولة نموًا ثابتًا بعد أن شهدت حربًا أهلية وأزمة مالية في بداية العقد. ويشير "ليك" إلى وجود عدة عوامل ساهمت في تحسن أداء ساحل العاج من بينها الاستثمارات الحكومية الضخمة وتطوير البنية التحتية بالتعاون مع الشركات الصينية، مؤكدًا أن اهتمام المستثمرين من القطاع الخاص يمكن أن يحافظ على ازدهار الاقتصاد، ويوضح "ليك" أن السنوات القادمة يجب أن تشهد نموًا أكثر شمولية في قطاعات مثل الصحة والتعليم.
|
2- اتحاد أقوى |
في الوقت الذي يشهد فيه الاتحاد الأوروبي ضغوطًا خاصة بالنزعة القومية داخل الدول الأعضاء، تختار الدول الإفريقية أن تتحالف مع بعضها، إذ من المقرر أن تُنشأ منطقة التجارة الحرة القارية لتكون واحدة من أكبر الكتل التجارية في العالم، والتي وقعت عليها حتى الآن 44 دولة إفريقية، بينما امتنعت نيجيريا عن التصويت، ويعتقد "ليك" أنه من المرجح أن يتغير الوضع في المستقبل القريب، وسوف تكتمل الاتفاقية بتقليل قيود السفر بين الدول الإفريقية. وتُظهر أبحاث "ماكينزي" أن 21 دولة من بين 54 دولة إفريقية تسمح بدخول المواطنين من جميع الجنسيات الإفريقية أراضيها دون تأشيرة (كان عدد الدول التي تسمح بذلك ثلاث دول فقط عام 1983)، وقد أدى ذلك إلى زيادة في أعداد زيارات السياحة والأعمال، وتعد رواندا وموريشيوس من أكثر الدول المستفيدة من ذلك. ويرى "ليك" أن هناك عدة أسباب للشعور بالتفاؤل خلال السنوات القادمة من بينها التقدم المستمر والإصلاحات التي تصب في مصلحة الشركات والأعمال، واستخراج التصريحات والتسجيل بسرعة أكبر مما مضى، بالإضافة إلى خفض التعريفات الجمركية، وهي اتجاهات بارزة على مستوى القارة كلها. وقد تضمنت قائمة "البنك الدولي" لأكثر 10 دول شهدت تحسنًا في سهولة ممارسة الأعمال 4 دول إفريقية، ويتوقع "ليك" أن يتم تقليل القيود المفروضة على الأعمال مع وجود أعداد غير مسبوقة من الشركات الكبرى التي تسعى إلى التوسع في العديد من الدول الإفريقية. |
3- طفرة في التصنيع |
ويشير "ليك" إلى أن انخفاض أسعار السلع في بعض الحالات أجبر الحكومات على تنويع اقتصاداتها، مما أدى إلى ترسيخ مفهوم المرونة على المدى الطويل، إذ أدى انخفاض أسعار النفط بدرجة كبيرة في نيجيريا -على سبيل المثال- إلى زيادة تركيزها على التصنيع، مما سوف يؤدي إلى زيادة صادراتها في السنوات القادمة. ووفقًا للأبحاث التي أجرتها "ماكينزي" فإن أكبر المكاسب يمكن تحقيقها من التصنيع المتقدم، واستشهدت الأبحاث بصناعة السيارات المزدهرة في المغرب كمثال على ذلك، كما تدر الحدائق الصناعية في إثيوبيا عوائد ضخمة ويمكن تنفيذها في أماكن أخرى وتحقيق الكثير من الأرباح. ومن المنتظر أن تشكل الشراكات مع الشركات الصينية بالاعتماد على مواردها وخبراتها أصولاً رئيسية للشركات المُصنًعة خلال السنوات القادمة. |
4- التقدم في صناعة الأدوية |
ويتطلب تحقيق هذه المكاسب وجود نظام للملاحة أكثر تنظيمًا وزيادة البنية التحتية التي يعتمد الإنتاج عليها، بالإضافة إلى التخصص. ولا تمتلك جميع الدول الإفريقية الموارد اللازمة للتقدم في هذا القطاع، إلا أن "ماكينزي" ترى أن المراكز الإقليمية في الاقتصادات الأكثر تقدمًا مثل نيجيريا وكينيا يمكن أن تكون قادرة على النمو في هذا القطاع إذا تم تنفيذ متطلبات هذا القطاع جيدًا. وسوف يساعد إنتاج الأدوية محليًا على خفض تكلفتها وتحسين جودتها، بالإضافة إلى المساعدة في تطوير المهارات والتكنولوجيا. |
5- أنظمة الطاقة الشمسية المنفصلة عن الشبكة |
ومن أمثلة ذلك نجاح شركة الطاقة الشمسية الكينية "M-Kopa" في توفير أنظمة الطاقة الشمسية المنفصلة عن الشبكة لنحو 600 ألف أسرة، ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم في العام المقبل بفضل أموال المستثمرين الذين يدعمون المشروع، وتتوقع الشركة أن تحقق إيرادات سنوية تبلغ 100 مليون دولار سنويًا في السنوات القادمة. وليست " M-Kopa" هي الشركة الوحيدة التي حققت نجاحًا في هذا القطاع، فشركة " Fenix" في أوغندا تمكنت من بيع 140 ألف من أنظمة الطاقة الشمسية المنفصلة عن الشبكة خلال 2017، وتمكنت شركة " BBOXX" من توزيع هذه الأنظمة في 10 دول إفريقية، وبدأت الشركات الناشئة تنتشر بسرعة كبيرة لسد احتياجات المناطق الريفية من الطاقة. ويشير "ليك" إلى أن هذه المبادرات لا تخلق فرص عمل وتحفز النشاط الاقتصادي في المناطق الريفية فحسب، لكنها توفر الكثير من الفرص للأشخاص المهمشين بداية من السماح للأطفال بالقيام بواجباتهم المنزلية في الليل إلى إمكانية الاستفادة من إمكانات الإنترنت، وبذلك يمكن أن توفر أنظمة الطاقة الشمسية المنفصلة عن الشبكة إمكانات هائلة في جميع أنحاء القارة الإفريقية.
|
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}