نبض أرقام
07:07 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

كيف تقود "لعنة المؤسسات المالية" إلى عالم أكثر فقرًا؟

2019/02/15 أرقام - خاص

مع كل أزمة مالية أو اقتصادية عالمية تظهر العديد من المطالبات بمراجعة دور المؤسسات المالية، لا سيما البنوك، حيث أثبتت التجربة وجود آثار لممارسات المؤسسات التمويلية السلبي على الاقتصادات.

 

يناقش "نيكولاس شاكسون" في كتابه "اللعنة المالية : كيف يجعلنا التمويل العالمي أكثر فقراً" الخراب الناجم عن تركيز ودمج التمويل العالمي وأيديولوجياته ومؤسساته، مشيراً إلى الحاجة لإجراء إصلاح جذري في مجال الأعمال والمحاسبة والتعليم المالي.

 

 

لعنة قديمة

 

وهناك الملايين من ضحايا التمويل وتعقيداته  فى جميع أنحاء العالم، حيث تتطلب عمليات بسيطة مثل الحصول على قرض صغير أو رهن عقاري أو حتى فتح حساب توفير عدة شروط معقدة ومربكة مصممة لاستغلال الأموال وربما الاستيلاء عليها  دون علم أصحابها.

 

وبالنسبة لـ"شاكسون" فإن التمويل الحديث يعد بمثابة استمرار لـ"لعنة قديمة" مما يدعو إلى ضرورة فهمه جيدا بل والتمرد عليه والتخلص منه إذا لزم الأمر لإنقاذ المجتمع، والمعضلة أن هذه اللعنة تضم بعض أصحاب السلطة، والنافذين في الأسواق والمؤسسات المالية العالمية، بل والكثير من الكيانات الأكاديمية الاقتصادية.

 

وكما يرى "شاكون" فإن هناك مشكلة أخرى تتمثل في سعي الشركات وأسواق المال لإرضاء المساهمين أو حملة الأسهم على حساب الأطراف الأخرى، حتى أن دراسة لجامعة "ويسكنسون" تشير إلى أن 94% من قرارات الشركات تتم لصالح هؤلاء.

 

بينما تتقاسم باقي الأطراف، وهم العاملون والحكومة والمجتمع والمؤسسات الخيرية وجمعيات حماية البيئة وغيرهم من الأطراف المعنية بعمل الشركة الـ6% الباقية لتبدو القسمة غير عادلة بطبيعة الحال، فرغم امتلاك المساهمين للشركة إلا أن تلك الأطراف أيضًا فاعلة فيها.

 

الخدم يصبحون سادة

 

كما أن الطبيعة الحالية لنظم التمويل والتحويلات النقدية سمحت بتفشي ظواهر سلبية مثل الملاذات الضريبية الخارجية، وغسل الأموال، وملاذات لجرائم كبار الموظفين الإداريين من "ذوي الياقات البيضاء"، لينتهي الأمر بـ"شبكة كاملة من الخداع" تستفيد منها قلة من المنتفعين.

 

 

ويمكن القول إن الامتيازات التي يحصل عليها مقدمو الخدمات المالية، حولتهم في واقع الأمر من "خدم" للاقتصاد إلى "سادة" عليه، بأن أصبحت الخدمات التمويلية على قمة هرم الاقتصاد في الربحية، مع درجة أقل من الجهد، وفي بعض الأحيان من المخاطرة.

 

وعلى الرغم من مساندة الكثير من مراكز الأبحاث الاقتصادية -ذات السمعة المرموقة- للنظريات الحالية في الاقتصاد بما فيها آلية عمل المؤسسات التمويلية، إلا أن مراكز الأبحاث هذه كثيرًا ما تتلقى تمويلًا لأبحاثها من المؤسسات التمويلية نفسها، بما يجعل معارضة دورها في تلك الأبحاث أمرًا مستبعدًا بطبيعة الحال.

 

وبناء على ذلك، تواصل تلك المراكز الترويج لما يصفه الكاتب بـ"الأفكار المزيفة" مثل "حرية المنافسة" و"التنظيم الدقيق للسوق" باعتبارها أدوات لتحقيق المصلحة الاجتماعية، وكذلك الخدمات المصرفية أو الأسواق المالية كأسباب لخلق الوظائف والثروة.

 

مخاوف الانهيار

 

ويلفت "شاكسون" إلى حقيقة غياب أي شكل للمحاسبة لهؤلاء العاملين في القطاع التمويلي، بما يجعل الكثير منهم يتمادى في سياسات المخاطرة، وعلى الرغم من أن الأزمة المالية شهدت إفلاس مؤسسات كثيرة وتعرض بعض المدينين للإفلاس بل وبعضهم للسجن، إلا أن مدراء ومشغلي المؤسسات التمويلية لم يكونوا من بين هؤلاء المعاقبين.

 

كما أن طرق تحقيق الشركات للنمو والآثار الاجتماعية والبيئية الأوسع نطاقاً نادراً ما يتم كشفها أو مناقشتها بشكل حاسم، وهناك العديد من قصص الشركات التى مارست سلوكًا عدوانيًا في عمليات الاستحواذ مثلًا ورغم ذلك يتم النظر إليها بوصفها "الشركات الأفضل أداءً" مثل "فيسبوك" و"آبل" و"جوجل" و"أمازون".

 

 

والأزمة الحقيقية أن المؤسسات المالية بوضعها الحالي "تريح" العديد من الأطراف، ومنها الحكومات والأجهزة القضائية وغيرها، فبدلًا من النزاعات المعقدة المتعددة بين الكثير من الشركاء، تصبح النزاعات أقل عددًا، وفيها طرف ضعيف (المقترض) وطرف قوي (المؤسسة المالية) بما يجعل النزاعات أسهل للحل وأسرع ويجنب الكثير من الأطراف "تعقيدات لا لزوم لها".

 

وختامًا يرى "شاكسون" أنه على "العقلاء" مراجعة دور المؤسسات المالية "بينما لا يزال في وسعهم ذلك"، فانهيارات مالية أوسع من الأزمة المالية العالمية هي أمر حتمي في ظل استمرار الممارسات نفسها، وتبقى القدرة على تلافي "توابع" هذا الانهيار المقبل محل شك.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.