نبض أرقام
02:15
توقيت مكة المكرمة

2024/08/25
2024/08/24

واحدة من أغرب الفقاعات الاستثمارية.. طائر "الإيمو" الذي هزم الجيش الأسترالي

2019/02/23 أرقام

عند تشكل أي فقاعة، فإنها عادة ما تبدأ بحالة من الهوس والمبالغة في تقييم الأصل، وتنتهي إلى انهيار هذه القيمة مع انحسار موجة الطلب الجنوني والارتفاع الصاروخي للقيمة، تمامًا كما حدث من قبل مع فقاعة "التوليب" في منتصف القرن السابع عشر، وحديثًا مع فقاعة "بتكوين"، لكن الفقاعة التي تناولتها "الإيكونوميست" في تقرير لها كانت أكثر غرابة، فقد بدأت بكره الناس للأصل الذي قفز سعره إلى عنان السماء.

الأصل المقصود في هذا الموضوع، لم يكن ماليًا كالعملات الرقمية أو مشروعًا ضخمًا مثل السكك الحديدية التي شكلت فقاعة في القرن التاسع عشر في المملكة المتحدة، كما لم يكن أحد أغراض الزينة النادرة مثل زهور "التوليب"، وإنما ثاني أكبر طائر في العالم "الإيمو"، الذي تعد أستراليا موطنه الأصلي.

 

 

ويحظى هذا الطائر باهتمام كبير في أستراليا مثل الكنغر، إذ يتواجد على معاطف الجنود وطوابع البريد وحتى على إحدى فئات العملة المحلية، ليس ذلك فحسب، فقد كان "الإيمو" سببًا في انتشار الجيش الأسترالي في المنطقة الغربية من البلاد عام 1932، في ما عرف آنذاك بحرب "الإيمو" الكبرى، حيث طلب من الجنود قتل جميع مجموعاته بسبب إتلافها للمحاصيل الزراعية، ومع ذلك لم تتمكن القوات من هزيمة "الإيمو"، وبقول آخر، فقد كان النصر حليف الطائر الضخم.

 

تشكل الفقاعة
 

- في بداية القرن التاسع عشر، أصبح هذا الطائر (غير القادر على التحليق) أحد الكائنات الأكثر شعبية في حدائق الحيوان حول العالم، وبعد قرن من الزمان، نُظر إليه باعتباره مصدرا محتملا للحوم الحمراء الأفضل من اللحم البقري من الناحية الصحية، وبدأت ولاية تكساس الأمريكية استيراده كنوع من الماشية في ثمانينيات القرن الماضي، لكن الأمر لم يمض على خير.
 

- بفضل الحماس المتزايد تجاه هذا النوع من الماشية، واللوائح الصديقة لتجارة "الإيمو"، فإن تكلفة زوجين منه بلغت بضع مئات الدولارات في أواخر الثمانينيات، قبل أن تقفز إلى 28 ألف دولار بحلول عام 1993، وفي العام التالي تضاعف السعر.
 

 

- ارتفع عدد أعضاء الاتحاد الأمريكي لتجارة "الإيمو" بمقدار 27 ضعفًا بين عامي 1988 و1994، ليسجل 5500 عضو، يتركز معظمهم في تكساس، وكان السبب الرئيسي لاستيراد وتربية الطائر في هذه الولاية، هو تاريخها الطويل في رعاية المواشي.
 

- كما كان حال الفقاعات في الماضي والحاضر، فإن الحديث عن "الإيمو" انتشر عبر الشبكات الاجتماعية المتوافرة آنذاك، بداية من تبادل أطراف الحديث بين المواطنين وحتى وسائل الإعلام المحلية، وتم التركيز على فوائد الطائر التي تفوق اللحم.
 

- المروجون لتجارة "الإيمو" أشاروا إلى احتوائه على زيوت تستخدم في مستحضرات التجميل، والجلد والريش الممكن استعماله في صناعة الملابس الفاخرة، علاوة على البيض الشهي والضخم، والأكثر من ذلك أن اقتناء زوج من "الإيمو" يعني الحصول على المزيد منه في المستقبل القريب (التكاثر).
 

ذروة الفقاعة
 

- لم يكن التجار ورعاة الماشية هم فقط من غذَّى هذه الفقاعة، فحكومة الولاية ساعدت السوق على التضخم، وخلال الفترة من عام 1992 إلى 1995، قدمت السلطات الزراعية في تكساس 400 ألف دولار من القروض لتشجيع تربية "الإيمو"، ومنحت إعفاءات ضريبية لبعض المزارعين، وبشكل عام فقد كان قانون الولاية متراخيًا للغاية في استيراد الحيوانات الغريبة من الخارج.
 

 

- لم يكن جميع مشتري "الإيمو" من المستثمرين ذوي الخبرة أو مربي الماشية، وكان بينهم الكثير من الهواة والأسر، وبطبيعة الحال كان هؤلاء يجهلون الطبيعة الخاصة للطائر، فمثلًا يحتاج "الإيمو" إلى أرض أكبر قليلًا من تلك التي يتم فيها تربية الأبقار، وكثير من الهدوء، مع العلم أن الأنثى هي من تختار زوجها، وعلى الذكور رعاية البيض وعدم مغادرة العش حتى لتناول الطعام أو الشراب.
 

- على أي حال، من توقع حياة لطيفة مع رعاية "الإيمو" وتحقيق أرباحٍ طائلة وسهلة من تجارته، اصطدموا بالواقع الأليم، فلم يكن الأمر سهلًا قط، من بين التحديات التي واجهت الأسر في تربية هذا الطائر؛ صعوبة التعامل معه بسبب حجمه الكبير، إذ يصل طوله حتى 190 سنتيمتر ومتوسط وزنه إلى 55 كيلوجراماً، كما أن تربيته تطلبت نفقات كبيرة للغاية وصلت إلى عشرات الآلاف من الدولارات.
 

 

- إضافة إلى ذلك، فإنه قادر على الركض بسرعة تصل إلى 50 كيلومترًا في الساعة (ما تسبب في فقدان المربيين للكثير من الطيور) بفضل عضلات الساق القوية، وهو أمر يجعل ركلته عنيفة للغاية وتتسبب في إصابات حادة لمن تطاله.
 

- عدد قليل جدًا من المطاعم أضاف لحم "الإيمو" إلى قوائمه، ورغم الترويج لاحتوائه على نسب منخفضة من الكوليسترول والدهون وارتفاع الحديد، لكنه كان أغلى من لحم البقر وغير مألوف للمستهلكين، حتى مربو هذا النوع من الطيور لم يتناولوا من لحمه، وغاب التنسيق بين صغار المزارعين لضبط شبكة التوزيع والجودة.

 

سقوط مدو
 

- مع الفشل في اجتذاب الطلب المأمول، استمر المعروض في التزايد، حيث كانت أنثى "الإيمو" تضع ما بين 5 إلى 15 بيضة في كل دورة وضع، وهو أمر يمكنها فعله لأكثر من 16 عامًا (يصل عمرها إلى 30 عامًا).
 

 

- وفقًا لمعدل نجاة الفراخ السنوي، فإن كل زوج من "الإيمو" يمكنهما إنتاج 133 زوجًا في غضون 5 سنوات ونحو 36 ألفًا في 10 سنوات (يتزايد العدد بفعل التكاثر فيما بين الفراخ الجديدة).
 

- بالتالي تزايد العدد بشكل هائل في وقت لم يكن فيه الأمريكيون يشتهون أي لحم أحمر مختلف، وكان انفجار الفقاعة مؤلمًا للغاية بحلول عام 1998 حيث لم يعد لطائر "الإيمو" قيمة تذكر في تكساس.
 

- توقف المربون عن إطعام طيورهم، بل إن البعض هدم السياج التي تحيط مزارعهم ليسمح لمجموعات "الإيمو" بالهروب، فيما بدأ آخرون بقتلها، وفي نفس العام عرضت مقاطعة باركر 211 طائرًا من "الإيمو" للبيع في مزاد، ونجح المزاد بالفعل، لكنها حصلت على ما بين دولارين إلى 4 دولارات لكل طائر.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة