لقياس مدى التباطؤ الاقتصادي في الصين، سيكون من الحكمة النظر إلى القطاع الصناعي، حيث يعكس نشاط المصانع التغيرات في الطلب التي يمكنها أن تزيد أو تحد من المخاوف بشأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
ووفقًا لهذا المقياس، فإن صانعة بطاريات الرافعات الشوكية "إنرسيز" الأمريكية، بدأت تواجه بعض المعاناة، حيث تراجعت مبيعاتها في الصين خلال الربع الأخير من 2018 بعدما ارتفعت بنسبة 10%خلال وقت سابق من العام.
ويقول المدير المالي للشركة "مايكل شميدالتين": رأينا تباطؤًا، بالنظر إلى أن الرافعات الشوكية هي مؤشر جيد للنشاط الاقتصادي، فإن اقتصاد الصين تباطأ، وربما أكثر بكثير مما تشير إليه البيانات الرسمية.
مخاوف من تعاظم الأثر السلبي
- تسلط نتائج أعمال الربع الأخير للشركات الأمريكية الضوء على الكثير من الطرق التي يؤثر بها تباطؤ الاقتصاد الصيني على الأعمال الأمريكية، وتقدم أيضًا لمحة عما يحدث داخل الصين.
- بالنسبة للشركات الأمريكية، تمتد التداعيات إلى ما هو أكثر من مجرد تباطؤ المبيعات، كونها مرتبطة بالسوق الصيني بشكل كبير، والآن تعاني مثلًا "إنرسيز" من ضعف طلب المصدرين الصينيين، والذي يتراجع في ظل مخاوف من ازدياد الحرب التجارية حدة.
- يواجه تجار التجزئة والشركات الأخرى التي توفر المستلزمات الأساسية للمستهلكين الصينيين علامات ضعف في طلب الطبقة المتوسطة المتنامية في البلاد، حيث أصبحت هذه الفئة أقل ميلًا لشراء السيارات والجوالات وحتى للسفر إلى الخارج.
- يتوقع محللون أن يؤثر تباطؤ النمو في الصين على الشركات الأمريكية، وأن يزداد الأثر سوءًا خلال الربع الأول من 2019، فيما كشف مسح لـ"أكسفورد إيكونوميكس" عن مخاوف كبيرة للشركات الغربية من تباطؤ عالمي حاد محتمل بسبب الصين.
- تباطأت الصادرات الصينية في ديسمبر، ومن المرجح تباطؤها بشكل أكثر حدة في الربع الأول من هذا العام، خاصة إذا لم يتم تسوية الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة، والسؤال الآن هل تعيد الهدنة التجارية وسياسات التحفيز الاستقرار للاقتصاد الصيني.
اهتمام أمريكي كبير بالصين
- أشار المديرون التنفيذيون الأمريكيون والمحللون في "وول ستريت" إلى الصين في أحاديثهم 255 مرة خلال المؤتمرات والاجتماعات التي عقدتها الشركات المدرجة بمؤشر "إس آند بي 500" في الأسبوع الأول من فبراير، وهو أمر لم يحدث منذ 10 سنوات.
- انخفضت مبيعات "جنرال موتورز" من السيارات في الصين بنسبة 25 % خلال الربع الرابع، وبنسبة 9.8% على مدار 2018 بأكمله، مقارنة بانخفاض مبيعات الصناعة ككل في البلاد بنسبة 20% خلال الربع الأخير و6% على مدار العام.
- أرجعت الشركة ضعف الأداء إلى تأثر علامتيها التجاريتين "ولينغ" و"باوجون" باضطرابات سوق العقارات في المدن الصغيرة، ما انعكس سلبًا على ثقة المستهلك في هذه المناطق التي تستهدفها "جنرال موتورز" بشكل رئيسي.
- مع ذلك، ارتفعت مبيعات العلامة التجارية للسيارات الفاخرة "كاديلاك" بنسبة 17% خلال 2018 مقارنة بما سجلته في 2017، مستفيدة من المبيعات القوية في المدن الصينية الكبرى الأكثر ثراءً.
تباطؤ محدود وانعاكسات عالمية
- في الوقت نفسه، قالت شركة مستحضرات التجميل "إستي لودر" إن مبيعاتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ارتفعت بنسبة 20% خلال النصف الثاني من العام الماضي، بفضل الأداء القوي لأعمالها في الصين وهونغ كونغ.
- فيما قالت "تيفاني آند كو" للمجوهرات، والتي تأتي 30% من مبيعاتها عبر المستهلكين الصينيين، إن مبيعاتها في الصين نمت بأكثر من 10% خلال الشهرين المنتهيين في الحادي والثلاثين من ديسمبر.
- يقول محللون إن معظم مبيعات "تيفاني" للمستهلكين الصينيين، تأتي من السائحين الصينيين الذين يتسوقون في هونغ كونغ وأوروبا وأماكن أخرى، فيما أكدت الشركة أن السائحين الصينيين في هذه المناطق انخفضت مشترياتهم خلال الربع المنتهي في أكتوبر.
- من جانبه قال رئيس الأبحاث الصينية لدى معهد التمويل الدولي في واشنطن، "جين ما"، إن اللوائح الحكومية الصارمة لتقليص تدفقات رأس المال إلى الخارج، بما في ذلك عمليات السحب عبر أجهزة الصراف الآلي، تؤدي إلى انخفاض مشتريات الصينيين في الخارج.
- رغم التباطؤ، استطاعت الصين تحقيق نمو اقتصادي يتجاوز 6% العام الماضي، متخطية الولايات المتحدة وأوروبا بفارق كبير، واشترى المستهلكون الصينيون ما قيمته 52 مليار دولار من جوالات "آيفون" وغيرها من أجهزة "آبل".
- إن حجم الاقتصاد الصيني ونموه السريع خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى توسع الشركات الأمريكية هناك، يعني أنه يمكن ملاحظة انعاكسات أي تباطؤ لاقتصادها (حتى إن كان متواضعًا) عبر سلاسل التوريد العالمية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}