تعاني العديد من الدول في قارة إفريقيا من نقص الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يؤثر سلبياً على الأنشطة اليومية للمواطنين بالإضافة إلى الإضرار باقتصادات تلك الدول، فهي مشكلة حقيقية ربما لا تشعر بها الدول المتقدمة، وفقا لما تناولته "الإيكونوميست" في تقرير.
وبعد ما يقرب من 140 عاماً من بدء المخترع "توماس إديسون" بيع المصابيح الكهربائية، لا يزال ما يقرب من مليار شخص على وجه الأرض يعانون من نقص الطاقة الكهربائية، وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.
ويعيش ثلثا سكان قارة إفريقيا تقريباً في مناطق ريفية، وترى الأمم المتحدة أن جميعهم في حاجة للكهرباء، ومنذ بداية الألفية الثالثة، تراجع عدد الأشخاص الذين يعيشون من دون كهرباء تماماً بنحو 700 مليون نسمة، ولكنّ أبحاثاً اقتصادية حديثة أظهرت أن الكهرباء لم تغير حياة الفقراء كما يظن الكثيرون.
بعيداً عن الطريقة التقليدية
- تعتمد الطريقة القديمة في توفير الطاقة الكهربائية لتكتلات سكنية على بناء محطات للطاقة وخطوط للتوزيع، ولا تزال هذه الطريقة معمولا بها في العديد من الدول على مستوى العالم حتى الآن.
- في عام 2018، زعمت الحكومة الهندية أنها ربطت كل قرية لديها بشبكة الطاقة الوطنية، ورغم أن هذا الأمر لا يعني توصيل الكهرباء لكل أسرة، إلا أنها خطوة على طريق توفير الطاقة على مدار الساعة.
- في السنوات القليلة الماضية، اتجهت الكثير من الحكومات ووكالات المساعدات الدولية نحو الطاقة الشمسية، وتم بناء شبكات مصغرة يمكنها توفير الكهرباء الناتجة من ألواح شمسية إلى قرية أو مدرسة.
- قدمت تلك الحكومات امتيازات وحوافز للشركات التي تبيع ألواح الطاقة الشمسية من أجل نشرها وزيادة الطلب على شرائها، ففي بنجلاديش على سبيل المثال، قفز عدد المنازل التي تثبت ألواحاً شمسية على أسقفها من 16 ألفاً عام 2003 إلى 4.1 مليون بنهاية 2017.
- في إثيوبيا، أطلقت الحكومة برنامجاً قومياً لتوصيل الكهرباء من خلال ربط 35% من السكان بأنظمة طاقة شمسية مصغرة بحلول عام 2025، ولكن هذه النسبة من المتوقع تراجعها بفعل ربط المزيد من المنازل بالشبكة الوطنية.
- بالطبع، توفر أنظمة الطاقة الشمسية المصغرة للمنازل كمية من الكهرباء أقل بكثير مما توفره الشبكات القومية، ولكنها أقل في التكلفة حتى إن هناك أنظمة من الألواح الشمسية المطورة بأسعار في متناول الكثيرين.
- في رواندا، تتم تجربة العديد من الأفكار من بينها تثبيت ألواح شمسية تعمل كأنظمة مصغرة لتوفير الطاقة للمنازل، كما أعلنت الحكومة أنه تم ربط 31% من إجمالي الأسر في البلاد بالشبكة الوطنية من 10% عام 2009.
- وبمساعدات أجنبية، تم توفير أنظمة طاقة شمسية لـ11% من الأسر كما يحاول المسؤولون ربط كل أسرة بالشبكة القومية أو بأنظمة الطاقة الشمسية بحلول عام 2025.
- رغم ذلك، فإن هذه الخطة طموحة وصعبة التنفيذ في نفس الوقت مع الأخذ في الاعتبار أن رواندا دولة صغيرة وكثيفة السكان ومن المتوقع أن تكون التكلفة باهظة للغاية عند المقارنة بأن الموازنة الحكومية الإجمالية هذا العام تقدر بـ2.8 مليار دولار فقط.
القليل يكفيهم
- في القرى والمناطق الريفية برواندا، أعرب الكثيرون عن سعادتهم بالحصول ولو على كميات قليلة من الكهرباء تساعدهم في حياتهم اليومية البسيطة.
- يحاول مواطنو قرى نائية ومناطق بعيدة في رواندا الحصول على كهرباء حتى لإنارة مصابيح – لا لتشغيل أو شحن حواسب أوجوالات – ولكنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة الحصول عليها.
- رغم ذلك، كشفت دراسة رواندية أجرتها جامعة "باساو" أن الغالبية على استعداد لدفع ما بين 38% و55% من الأموال التي تُدفع في متاجر التجزئة على اقتناء أنظمة إضاءة شمسية.
- يتراوح متوسط تكلفة المنظومة الشمسية للحصول على الكهرباء بين 13 دولاراً و182 دولاراً بناءً على مستوى الطاقة الكهربائية الناتجة وجودتها.
- تبيع بعض المحال التجارية في رواندا منظومات للطاقة الشمسية المنزلية لا سيما للأسر من الطبقة المتوسطة التي تم ربطها بالفعل بالشبكة القومية، ويشتري بعضهم هذه المنظومات لذويهم وأقاربهم في مناطق ريفية.
- يأتي ذلك في ظل ارتفاع تكلفة توصيل الأسر بالشبكة القومية في رواندا، حيث تقدر تكلفة ربط الأسرة الواحدة بالشبكة بنحو ألف دولار في المناطق الريفية.
لا تغيير..تقريباً
- أفادت دراسة رواندية بأن فوائد الكهرباء غير بارزة على المواطنين خاصة في المناطق الفقيرة والنائية بشكل كبير، فالعديد من الأسر التي استعانت بالطاقة الشمسية لم تشهد تغيرات جوهرية.
- أسهمت هذه الطاقة الكهربائية القليلة في إضاءة منازل تلك الأسر أغلب ساعات اليوم وقللت من حرق الوقود وأصبح الأطفال لديهم القدرة على مذاكرة دروسهم بشكل أفضل خاصة في الليل، ولكن الحياة العملية للبالغين لم تشهد تغيراً ملحوظاً.
- في ضوء هذه الدراسة، أكد الباحثون أن أنظمة الإضاءة الشمسية لم تنتشل المواطنين في رواندا ودول أخرى من الفقر ولم تظهر أي بوادر رفاهية عليهم.
- بالفعل، لم يخفف عرض ربط الأسر الفقيرة – التي تعيش على أقل من دولارين يومياً – بالشبكات نسبة من يحتاجون للكهرباء سوى من 93% إلى 90% فقط، ولكن حياة الأطفال هي التي تغيرت للأفضل بسبب مشاهدتهم للتلفاز.
- عند ربط المزيد من الأسر بالشبكة الوطنية، فإن ذلك يشكل عبئاً على الموازنة الحكومية وحمل الشبكة نفسها فضلاً عن أن العديد من الأسر في الدول الفقيرة تدفع القليل جداً – وربما لا شيء – مقابل الحصول على الكهرباء نظرا لرفض الدفع أو لأنهم يحصولون على الطاقة بشكل غير قانوني.
- ربما يرى كثيرون أن الكهرباء لم تغير حياة الفقراء كثيراً في إفريقيا، ولكن على المدى الطويل، يظهر هذا التأثير بالفعل، وسوف تضطر الحكومات لتوصيل الطاقة لجميع مواطنيها في نهاية المطاف – لكن بتكلفة ضخمة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}