على الرغم من اعتبار زمننا الحالي بمثابة "عصر التكنولوجيا" أو "العصر الرقمي" بسبب ما يشهده من تطورات في هذا المجال، إلا أن العديد من الشركات لم تتبن هذا المفهوم تمامًا، حيث كشفت دراسة لجامعة "هارفارد" نتائج صادمة في هذا الإطار.
زيادة للأرباح
فالدراسة كشفت أن 15% من الشركات حول العالم تتبنى التكنولوجيا بنسبة 50% أو أكثر في مختلف أعمالها، بينما 20% من الشركات لا تستخدم التكنولوجيا تقريبًا في مختلف معاملاتها، بينما تحقق نسبة 65% الباقية من الشركات 10 - 15% من أرباحها عبر القنوات الرقمية.
ووفقًا لدراسة لـ"ماكنزي" شملت 1600 شركة حول العالم فإن 26% من المبيعات حول العالم كانت عبر القنوات الرقمية، و31% فقط من حجم أنشطة الشركات الداخلية يتم تسجيلها رقميًا، بينما 25% فقط من أنشطة سلاسل التوريدات فقط تكون رقمية.
وتقدر دراسة "هارفارد" أن 73% من الشركات حول العالم بوسعها زيادة العائدات بنسبة 0.9%، وإجمالي الأرباح (قبل الضرائب وغيرها) 1.8% إذا تبنت استراتيجيات الرقمنة والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة بشكل ملائم.
وتشير الدراسة إلى أن 20% من الشركات حول العالم تخسر 8% من إجمالي أرباحها بسبب عدم تبنيها للرقمنة، واستمرارها في الاستراتيجيات التقليدية في المبيعات وتسجيل المعلومات والتعامل بين الموظفين وغيرها.
تغير جذري
وتبدو تلك النسبة مروعة إذا ما تم لفت الانتباه إلى أن أكثر من 90% من الشركات التي تحقق تراجعًا بهذه النسبة في إجمالي الأرباح غالبًا ما تغلق أبوابها في غضون 5 - 10 أعوام، بغض النظر حتى عن بعض المؤشرات مثل الرواج والكساد والقطاع الذي تعمل فيه الشركة وغير ذلك.
وفي المقابل فإن 15 % من الشركات القادرة على تبني الرقمنة في أنشطتها تشهد زيادة في أرباحها الإجمالية بحوالي 12 % عن ثلثي الشركات التي لا تتبنى الرقمنة بشكل كامل، بينما تحقق الفئة الأخيرة 15% زيادة عن الـ20% الأقل في الأرباح بين الشركات.
وتشير الدراسة إلى أن 55% من الشركات حول العالم ليس لديها خطط لتطوير أعمالها رقميًا، بينما تبدي الإدارة في 40% من النسبة الباقية، والتي لديها خطط للتطوير، ممانعة وتتراجع بين وقت لآخر عما يمكنها إقراره وسط سيطرة بعض المديرين التقليديين على مقاليد الأمور.
وقدمت الدراسة استشارات فنية لأكثر من 10 شركات في الخُمس الأخير من الشركات في مجال الرقمنة لبيان تأثير ذلك على أرباح الشركات، ومدى قدرتها على الاستمرار.
وبمجرد البدء في تسجيل كافة المعاملات بلا استثناء إلكترونيًا، ازدادت الأرباح الإجمالية 4-6%، وبعد عمل موقع على الإنترنت وصفحات على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ارتفعت 7%، وعندما توغلت بشكل كامل في إجراء التعاملات الرقمية مع الشركات الأخرى والموردين والعملاء ارتفع إجمالي الأرباح 2%.
استراتيجيات التكيف
وتضع الدراسة ثلاث استراتيجيات لكل الشركات وفقًا لدرجة اندماج الشركة في الأنشطة الرقمية، وفي كل الحالات تطالب الشركات بالمزيد من "الاندماج الرقمي":
20 % الأدنى من الشركات: يمكن البدء بمبالغ صغيرة للغاية بأن تجعل الشركة موقعها "قابلًا للعثور عليه" على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى "جوجل" من خلال عمليات البحث وهو ما يجعل موقف الشركة يختلف كثيرًا ويعطيها "أرباحًا سهلة".
65 % الوسطى من الشركات: وغالبًا ما يكون لتلك الشركات مواقع على الشبكة العنكبوتية وصفحات للتواصل الاجتماعي غير أنه ينقصها رفع مرتبة موقعها بين الشركات الأخرى فيما يتعلق بأي الشركات تبرز أولًا، وذلك يستلزم الاستعانة بمتخصصين في مجال "كتابة المحتوى".
ولعل ذلك هو السبب الرئيسي في تحول مهنة كتابة المحتوى إلى أحد أكثر المهن نموًا حول العالم في السنوات الثلاث الأخيرة حيث يزداد الإقبال عليها بدرجة كبيرة، حتى أن 40 % من الشركات الأمريكية لديها من يعملون بدوام دائم في هذه الوظيفة، والنسبة الباقية لدى بعضها تعاقدات خارجية مع بعض المستشارين في هذا المجال.
15 % الأعلى من الشركات: وهؤلاء يحتاجون لزيادة الترابط مع الموردين والعملاء عبر القنوات الرقمية، فعلى الرغم من اندماجهم النسبي عن بقية الشركات، إلا أن المنافسة الضارية في هذه الفئة تجبرهم على المزيد من الاندماج، ولا سيما مع مورديهم وعملائهم.
وفي كل الأحوال تحذر الدراسة من أن عدم الاندماج الرقمي للشركات سيعني إن آجلًا أو عاجلًا سقوطها، وأن هذا الأمر لا يقتصر على الشركات الأدنى، فهذا هو التكيف المستقبلي الذي على الشركات مراعاته باستمرار وإلا ستسقط حتمًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}