في عام 2013، تشاركت "بيركشاير هاثاواي" بقيادة الملياردير "وارن بافيت"، و"ثري جي كابيتال" بقيادة المستثمر البرازيلي "جورج ليمان" في شراء شركة الأغذية "هاينز" مقابل 23 مليار دولار، وبعد عامين قررا دمج أعمالها مع "كرافت فودز" في صفقة تكلفت 10 مليارات دولار.
أسفرت عملية الدمج عن ميلاد واحدة من أكبر شركات المنتجات الغذائية في العالم، وفي ذلك الوقت كانت حصة "بيركشاير" في الكيان الجديد "كرافت هاينز" تبلغ 325 مليون سهم، لتصبح واحدة من أكبر حيازات الشركة التي يقودها المستثمر الأمريكي.
في البداية، بدت "كرافت هاينز" رهانًا رابحًا وفرصة استثنائية، حيث ارتفع السهم من قرابة 73 دولارًا إلى 97 دولارًا بحلول فبراير عام 2017، لكنه سلك مسارًا هبوطيًا منذ ذلك الحين، ويتم تداوله قرب 35 دولارًا في الوقت الراهن.
ورغم تأكيد "بافيت" نيته عدم بيع حيازته في "كرافت هاينز"، إلا أنه أدلى بتصريحات أثارت جدلًا واسعًا حول مستقبل الشركة، إذ قال إن شركتي "بيركشاير" و"ثري جي" تحملتا تكلفة مبالغ بها لتشكيل شركة الأغذية قبل أربعة أعوام.
نزيف القيمة والأرباح
- جاء هذا الاعتراف على لسان "بافيت" خلال مقابلة مع "سي إن بي سي" عقب الكشف عن مساهمة "كرافت هاينز" بـ2.7 مليار دولار في خسائر "بيركشاير" خلال عام 2018، حيث تمتلك الأخيرة 27% من أسهم شركة الأغذية، تجعلها أكبر مساهميها.
- قبل أسبوع تقريبًا من حديث الرئيس التنفيذي لـ"بيركشاير"، كشفت "كرافت" عن تخفيض قيمة بعض أكبر العلامات التجارية في محفظتها، بأكثر من 15 مليار دولار، بالإضافة إلى تحقيق المنظمين الفيدراليين الأمريكيين في ممارسات الشركة، ومعلنة عن خفض توزيعات الأرباح.
- قال "بافيت" خلال اللقاء: نحن لا ننسحب من "كرافت هاينز"، إذ لا تزال تمثل نشاطًا تجاريًا جيدًا، لكننا بالغنا في تفاؤلنا بشأن قيمة علاماتها التجارية عندما استثمرنا بها عام 2015، فالشركات لا تكسب أكثر لمجرد أنك دفعت أكثر لشرائها.
- مع ذلك أكد الملياردير الأمريكي أنه لا ينوي شراء المزيد من الأسهم التي لا يمتلكها في الشركة، وبدلًا من ذلك يرى أن هناك مجالات أخرى أفضل لاستثمار أمواله، قائلًا إن قدرة العلامات التجارية الاستهلاكية على التسعير تغيرت.
- تقول "وول ستريت جورنال" في تقرير لها إن التراجع الحاد في الأداء العام لـ"كرافت هاينز" سيشكل اختبارًا حقيقيًا لعلاقة "بافيت" بشركة "ثري جي"، خاصة في ظل عدم رضا بعض مساهمي "بيركشاير" عن الشراكة بينهما.
مخاوف من الشراكة مع "ثري جي"
- من جانبه قال المحلل ومقدم البرامج "جيم كريمر" إن "كرافت" قد تخفض توزيعات الأرباح مجددًا، مضيفًا أن المستثمرين في السابق أحبوا إستراتيجيات خفض التكاليف ووجود "وارن بافيت" على رأس المساهمين في الشركة، لكنهم يستنكرون تدهور القيمة وتراجع سعر السهم.
- تُعرف "ثري جي" بميلها القوي لخفض التكاليف وتسريح العمالة، ويقول مدير الأصول "بول لونتزير" (أحد المساهمين في "بيركشاير"): لم أفهم سبب تعاون "بافيت" مع "ثري جي"، لكن أعتقد أن الحل الوحيد الآن هو دعمهم لإجراء التعديلات اللازمة ومساعدة "كرافت".
- في أقل من عامين بعد صفقة الدمج، تم خفض القوى العاملة لدى "كرافت هاينز" بنسبة 20%، وتقليل النفقات بنسبة 40%، لكنّ نقاداً قالوا إن إستراتيجية "ثري جي" حادت بعيدًا عن مسارها وجاءت على حساب النمو، وفقًا لـ"فوربس".
- ليس من المستغرب أن ما تلا ذلك، كان انخفاض مبيعات الشركة على مدار ستة أرباع متتالية، وخلال تداولات الثاني والعشرين من فبراير، هبط سهم "كرافت هاينز" بنحو 30% عند الافتتاح، وفقدت قيمتها السوقية 16 مليار دولار.
التهديد الأكبر: أذواق المستهلكين
- وفقًا لتقرير لـ"جوروفوكاس" للتحليلات وتعقب الأخبار المالية، فإن صفقة الدمج بين "هاينز" و"كرافت"، كانت من المفترض أن تفرز شركة عملاقة للأغذية والمشروبات يمكنها المنافسة في عالم تتغير فيه أذواق المستهلكين، لكنهما تأثرتا بانخفاض الطلب على الأغذية المصنعة.
- منذ ذلك الحين، ورغم أن الشركة الجديدة كبحت النفقات للمساهمة في توليد المزيد من الأرباح وتوزيعها على المساهمين، ظلت المبيعات مستقرة، وتكافح الآن للنمو، ووفقًا للمحللين فإن النمو لشركة بهذا الحجم هو والبقاء على قيد الحياة سواء.
- تمتلك "كرافت هاينز" محفظة واسعة من العلامات التجارية الشهيرة، التي تضمن تواصل التدفقات النقدية إلى خزائنها، لكنها تركز على كفاءة الأرباح بدلًا من تقديم بعض المنتجات الجديدة التي قد تبهج المستهلكين.
- قال "كريمر": هناك فرصة لـ"كرافت" كي تبدأ حياة جديدة، لكنها مكلفة بالنسبة لشركة تميل إلى خفض النفقات، بالإضافة إلى أن العديد من منتجاتها عفا عليها الزمن، والكثير من أبناء جيل الألفية يفضلون شراء المواد الغذائية الطازجة والعضوية.
- لذا فإن الشركة تقف أمام ثالوث عدائي، فهي بحاجة إلى زيادة الإنفاق لدعم علاماتها التجارية، تزامنًا مع ارتفاع تكاليف المواد (أمر أشار إليه المسؤولون مرارًا خلال مؤتمر الإعلان عن نتائج الأعمال)، وأخيرًا فإن المستهلك يتحول بعيدًا عن منتجاتها.
- قال "بافيت" عام 2015 إن صفقة الدمج من الفئة المفضلة بالنسبة له، حيث يتم توحيد مؤسستين عالميتين، وخلق قيمة للمساهمين.. لكن الانخفاض المفاجئ لقيمة الشركة يؤكد أن حتى فلسفة المستثمر البارز قد تكون عرضة للتغيرات المفاجئة في توجهات المستهلك.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}