نبض أرقام
08:22 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/28

كيف تؤثر "المشاعر" على اقتصادات الدول والشركات والأفراد؟

2019/03/09 أرقام - خاص

على الرغم من تمحور غالبية الأخبار الاقتصادية حول الأموال، سواء صفقات شراء أو بيع، أو معدلات نمو ناتج محلي، أو تحقيق أرباح، أو أخبار نمو أو تراجع النشاط الاقتصادي، إلا أن عنصرًا هامًا متعلقًا بـ"البشر" يبقى مهملًا في العديد من تلك الأخبار والتقارير.

 

 

تفاؤل ما بعد الحرب

 

وتشير دراسة لجامعة "كارنيجي ميلون" الأمريكية إلى أن "المشاعر" كثيرًا ما تشكل عاملًا حاسمًا في الاقتصاد سواء على المستوى القومي أو حتى على مستوى الشركات، بل وعلى مستوى الأفراد أيضًا، على الرغم من إهمالها في العديد من الدراسات التي تتناول الاقتصاد مجردًا عن العامل البشري.

 

وتضرب الدراسة مثلًا بدولة أنجولا التي شهدت حروبًا أهلية بين عامي 1975 إلى عام 2002، فعلى الرغم من أن الحرب الأهلية لم تكن قد وضعت أوزارها بعد في عام 2001 إلا أن الاقتصاد استعاد نموه في هذا العام (3%) بعد سنوات من الضعف.

 

واستمر الاقتصاد في تحقيق معدلات إيجابية عالية للغاية حتى عام 2012، على الرغم من عدم استقرار الأمن في البلاد لسنوات بعد الحرب الأهلية، إلا أن ارتفاع مستوى "التفاؤل" لدى المواطنين جعل الدولة تصل لصيغة "مثلى" في معادلة الاستهلاك والادخار والإنتاج.

 

فالمستهلكون في البلد الإفريقي زادوا استهلاكهم بنسبة 15% في عام 2001، لتشهد السنوات التالية نسبة زيادة في الاستهلاك تراوحت حول 7% ولا شك أن هذا كان له دور كبير للغاية في دفع حركة الإنتاج والاستثمار بنسب كبيرة وبالتالي الاقتصاد  ككل، والذي تخطى حاجز 10% كنسبة نمو في بعض الأعوام.

 

ثقة المستهلكين

 

وتشير الدراسة إلى أن معاناة إيطاليا واليونان اقتصاديًا ترجع جزئيًا لعدم استقرار الحكومات الائتلافية في البلدين، فبجانب ما يعكسه هذا من قلق للمستثمرين، فإن الموطنين في البلدين هم الأكثر تشاؤمًا في أوروبا من الناحية الاقتصادية (حيث توقع 60% من المواطنين في البلدين أن المستقبل الاقتصادي سيكون أسوأ عام 2015) في مقابل نسبة متوسطة لا تتعدى 35% في بقية دول الاتحاد الأوروبي.

 

 

ولذا تعتبر "ثقة المستهلكين" من بين أهم البيانات الاقتصادية لأي دولة، ويمكن ضرب المثال بما حدث مؤخرًا في ألمانيا باستقرار نسبة "ثقة المستهلكين" عند 10.8 نقطة في فبراير بعد تراجعها لعدة أشهر بسبب تراجع البيانات الصناعية الألمانية، بما دعا الحكومة الألمانية للحديث عن "تجاوز سريع" للتراجع الاقتصادي الألماني "النسبي".

 

ولا يقتصر التأثير على الدول فحسب بل يمتد لعالم الأعمال، حيث مديرو الأعمال "الأكثر تفاؤلًا" هم من يحققون أفضل النتائج بشكل عام، فالدراسة التقت بـ109 مديرين تنفيذيين في مختلف المجالات، واكتشفت أن نسبة 60% منهم أبدت تفاؤلًا بمستقبل الشركات التي يديرونها والمجال الذين يعملون به، وأن هؤلاء هم الأعلى تحقيقا للإيرادات.

 

فالمديرون الأكثر تفاؤلًا يعكسون تلك الحالة على مرؤوسيهم، وغالبًا ما تسود حالة من "الروح الإيجابية" التي تنعكس في مبادرات من العاملين وإنتاجية أعلى بشكل عام، بما يعكس أداءً اقتصاديًا أعلى على مستوى الشركة ككل بطبيعة الحال.

 

إنتاجية أعلى

 

أما على المستوى الفردي، فالتقت دراسة لجامعة "يل" مع أكثر من 3000 عامل في صناعة النسيج في أكثر من دولة، واتضح أن هؤلاء الأكثر "ثقة" و"تفاؤلا" تزيد إنتاجيتهم عن هؤلاء الأقل في الجانبين بنسبة 12-23% مع جعل العوامل الأخرى مثل الرواتب والماكينات المستخدمة ثابتة.

 

وكثيرًا ما ترتبط "الثقة" و"التفاؤل" بتمتع العامل بمهارات عالية في عمله، بما يجعل للأمر تأثيرين إيجابيين، الأول مادي وملموس ومتعلق بالمهارات، والتي عادة ما يسعى هؤلاء "المتفائلون" لتنميتها، والآخر متعلق بما يشعر به العاملون وليس ما يقدمونه بشكل عملي.

 

 

كما أجرت دراسة "كارنيجي ميلون" استبياناً على 400 شركة صغيرة في الولايات المتحدة، وأظهرت زيادة إنتاجية العاملين في 239 مؤسسة عن البقية بسبب وجود نظام واضح للترقي والحصول على الزيادات المادية، سمح لغالبية العاملين في تلك الشركات بالتعبير عن شعورهم بـ"العدالة" في شركتهم.

 

وتؤكد الدراسة هنا ما تصفه بـ"التعامل المزدوج" مع مشاعر العاملين، فلا يقتصر الأمر على وجود لوائح جيدة وعادلة، ولكن يمتد لتطبيقها بشكل جيد من جانب الإدارة مع إتاحة أجواء إيجابية بشكل عام في بيئة العمل.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.