نبض أرقام
11:10 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/02
2024/10/01

كيف يتسبب صندوق النقد الدولي في نمو الاقتصاد الموازي حول العالم؟

2019/03/23 أرقام - خاص

كثيرًا ما يثار الجدل حول البرامج الاقتصادية لصندوق النقد الدولي، وما إذا كانت تخدم الدول النامية (المستخدم الرئيس لها) أم تعمل على تحقيق مصالح القوى الاقتصادية الكبرى، قبل أن تثير دراسة حديثة لجامعة "هارفرد" إلى جانب سلبي للصندوق غير مطروق، يتمثل في نمو الاقتصاد الموازي في الدول التي تنفذ برامجه.

 

 

نمو كبير

 

وأجرت الدراسة تحليلا للبيانات الاقتصادية الصادرة عن 145 دولة خلال 42 عامًا كي تصل إلى نتيجة مفادها أن هناك ارتباطًا قويًا للغاية بين تطبيق الدول لبرامج صندوق النقد الدولي، وزيادة حجم الاقتصاد الموازي في تلك الدول.

 

وقامت الدراسة بتحييد العوامل الأخرى المؤثرة على نمو الاقتصاد الموازي، ومنها معدلات النمو والتضخم ودرجة الحكم الديمقراطي وطبيعة هيكل توزيع الدخل وقوانين الاستثمار، ليكون التأثير محصورًا فقط في برامج صندوق النقد وتأثيراتها على الاقتصاد.

 

وقدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (عام 2009) حجم الاقتصاد الموازي حول العالم بنحو 10 تريليونات دولار، ويعمل به 1.8 مليار شخص، قبل أن يتزايد حجمه في عام 2017 ليصل إلى 13.5 تريليون دولار ويعمل به 2.3 مليار شخص.

 

وترتبط تلك الزيادة وفقًا لدراسة "هارفارد" بما يفرضه الصندوق من تقليص لحجم قطاع الأعمال العام، بما يؤدي إلى تسريح نسبة كبيرة من العمالة إلى السوق لتجد القطاع الخاص غير مهيأ لاستقبالها وتضطر إلى الالتحاق بسوق العمل الموازي بما يؤدي إلى نموه، فضلًا على التحاق العمالة التي تنضم للسوق حديثًا للاقتصاد الموازي بطبيعة الحال.

 

توجو وتونس

 

وتقدر الدراسة نسبة مساهمة برامج الصندوق في نمو الاقتصاد الموازي بـ70% من التأثير على الأقل، لتأتي العوامل الأخرى بتأثيرات هامشية، خاصة في الدول التي تشهد تطبيق برامج كاملة من تصميم الصندوق وليس مجرد مساعدات عابرة لمرور الدولة بظروف طارئة.

 

 

وتعد توجو التي خضعت لبرامجه بين عامي (1979-1995) وتونس التي خضعت لبرامج الصندوق بين عامي (1986-1992) مثالين صارخين على تأثير برامج صندوق النقد العالمي والعولمة الاقتصادية على تنمية الاقتصاد الموازي.

 

ففي توجو، الدولة الإفريقية الفقيرة، نما الاقتصاد الموازي بنسبة 18% خلال سنوات خضوعها لبرامج الصندوق، وتزامن ذلك مع تراجع في النمو في القطاعات الرئيسية للاقتصاد (الزراعة والتعدين)، في ظل تطبيق صارم من الدولة لبرامج الصندوق.

 

أما في تونس فقد تراجعت "الوظائف التقليدية" وأصبحت "نادرة" حتى أصبحت نسبة كبيرة (غير محددة بنسبة قاطعة) مضطرة إلى اللجوء إلى الاقتصاد الموازي وبالتالي ازداد حجمه تدريجيًا بالقياس إلى الاقتصاد المشروع أو التقليدي.

 

دولة لا راعية ولا حارسة

 

وهناك بعض الدول التي لم تتبنَّ برامج موسعة لصندوق النقد الدولي، غير إنها أصبحت أكثر انخراطًا في الاقتصاد العالمي، مثل الهند التي ارتفعت درجة اندماجها في الاقتصاد العالمي وفقًا لتقديرات صندوق النقد بين عامي 1995 و2010 بنسبة 62% (ويقاس بالعديد من المؤشرات منها نسبة التجارة مع دول العالم والاستثمارات الأجنبية)، وفي الفترة الزمنية نفسها نما الاقتصاد الموازي بنسبة 27%.

 

وتأتي شيلي لتمثل حالة مشابهة للهند أيضًا، بزيادة الاندماج في الاقتصاد العالمي بنسبة 24% خلال الفترة بين عامي 1995 و2010، ونمو في الاقتصاد الموازي بنسبة 22% في الفترة نفسها، رغم عدم تحقيق الاقتصاد ككل لنسب نمو عالية.

 

وتشير الدراسة إلى أن نمو الاقتصاد الموازي يرجع في كثير من الأحيان إلى عجز الصناعات المحلية عن مواكبة التغير السريع بإلغاء القيود على الاستيراد، وبالتالي تدفق السلع الأجنبية الذي يترافق مع برامج صندوق النقد الدولي.

 

 

وعلى الجانب المقابل، يتمتع الاقتصاد الموازي بميزة عدم التزامه بدفع الضرائب والالتزام بمعايير الأمان وغيرها من القيود التي تكبل الاقتصاد الشرعي فيبقى أقدر على النمو لمحدودية تكلفة مدخلات الإنتاج المختلفة مقارنة بالاقتصاد المشروع.

 

وتقر الدراسة أنه في الوقت الذي تبدو برامج صندوق النقد للإصلاح الهيكلي هادفة لخلق مناخ أفضل لعمل الشركات، إلا إنها في واقع الأمر تسهم في زيادة حجم الاقتصاد الموازي، بما يعني أن الدولة التي تتخلى بالفعل عن قطاعها العام تعاني تراجعاً حاداً في إيراداتها الضريبية أيضًا، بما يجعلها عاجزة في نهاية الأمر عن القيام بدور "الدولة الحارسة"، بدلًا من دورها السابق كـ"الدولة الراعية".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.