يقول المثل الإنجليزي "في قمامة شخص ما قد يوجد كنز بالنسبة لآخر".. ويوضح هذا المثل أهمية اقتصاد السلع المستعملة، فما قد تنتهي حاجتك إليه من أشياء قد تفيد شخصا آخر، وقد تحصل على غايتك في سلعة لم يعد غيرك في حاجة إليها.
ولهذا تنتعش تجارة السلع المستعملة بشدة في مختلف أنحاء العالم، حيث يجد البائع فرصة للحصول على المال مقابل سلعة لم يعد يحتاجها (أو يحتاج لثمنها) ويجد المشتري فرصة للحصول على سلعة بثمن أقل.
اقتصاد تنميه التفاوتات
وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات "فاينانشيال تايمز" إلى أن حجم سوق السلع المستعملة في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا يقدر بـ10-15% من حجم اقتصاد السلع الجديدة، ويزداد حجم هذا الاقتصاد بصورة مضطردة مع نمو الاقتصاد التعاوني ومواقع وتطبيقات الشراء المباشر بين الأشخاص العاديين وليس الشركات.
أما في أستراليا على سبيل المثال، فتشير تقديرات الحكومة إلى أن هناك 25 سلعة في المتوسط في منزل 90 % من الأسر هناك دون أن تكون هناك حاجة فعلية لتلك السلع التي يمكن بيعها، وقد تحقق مبلغًا يزيد على 5 آلاف دولار في المتوسط لتلك الأسر.
ويزداد حجم اقتصاد السلع المستعملة في أستراليا حيث 90% من المواطنين باعوا أو اشتروا منتجًا مستعملًا ولو لمرة واحدة في حياتهم، لذا يصل حجمه إلى 26 مليار دولار على الأقل سنويًا، ويزداد حجمه بالتدريج بسبب تدفق المهاجرين الذين يلجؤون لشراء السلع المستعملة الأرخص ثمنًا.
وفي كثير من الأحيان لا توجد بيانات أو حتى تقديرات حول حجم اقتصاد السلع المستعملة، ولكن المؤكد أنه كلما كانت الدولة أفقر، أو كلما عانت الدولة من تفاوتات كبيرة في الدخل كان حجم اقتصاد السلع المستعملة أكبر، بسبب حاجة الكثيرين إليه.
عوامل تحكم قرار الشراء
وعلى سبيل المثال تشير تقديرات موقع "أولكس" في الهند إلى أنه مقابل كل 100 سيارة جديدة يتم بيعها في السوق الهندي يتم بيع 120 سيارة مستعملة، ومقابل كل 100 دراجة نارية جديدة يتم بيعها جديدة يتم بيع 150 دراجة نارية قديمة.
وبغض النظر عن طبيعة الاقتصاد الذي يتم تداول السلع المستعملة فيه، يبقى التساؤل الأهم: متى يكون شراء السلع المستعملة قرارًا صائبًا ومتى يكون غير ذلك؟ ولا شك أن هناك عدة عوامل تحدد ذلك.
أولها عامل شراء السلعة المستعملة من عدمه يكمن في سعر السلعة، فعلى سبيل المثال ففي حالة السيارات فإن سيارة جديدة تساوي 50 ألف ريال قد يتم بيعها بعد عام بـ40 ألفا وبعد عامين مقابل 35 ألفا وهكذا.
وبعد عام قد يكون سعر السيارة مناسبًا بهذا الشكل، لأن تكلفة صيانتها لا تزال تقريبًا مساوية لما كانت عليه فور شرائها، وإن كانت ستبدأ بالتزايد لاحقًا، ولذلك يخفض البائع من سعرها مقارنة بتلك الجديدة بشكل ملحوظ، ولكن بعد 7 أو 8 أعوام لا يمكن حساب تكلفة الاستهلاك بنفس الشكل، بل يمكن أن يصل ثمن السيارة "العادل" إلى 1/10 من قيمتها جديدة وفقًا لـ"سام دوجين" المحلل الاقتصادي في "سي.إن.بي.سي".
ولكن مثلًا في أوروبا، فإن الضرائب المفروضة على السيارات بعد خمس سنوات في غالبية دول القارة العجوز تفوق القسط الذي يمكن دفعه لشراء نفس السيارة جديدة، بما يجعل قرار شراء سيارة مستعملة في أوروبا -في أي مرحلة- قرارًا خاطئًا بطبيعة الحال.
استثمار جيد
وهناك بعض السلع التي تعتبر بمثابة استثمار جيد للغاية حال شرائها مستعملة، مثل بعض قطع الأثاث المستخدم بشكل جيد والذي يمكن تجديده بالكامل ببعض الطلاء مثلًا، أو بعض الأجهزة الرياضية وغيرها، فهنا يستفيد المشتري من حيث السعر المخفض دون التأثر كثيرًا بتهالك السلعة التي تتميز بعمر طويل وبسهولة ورخص صيانتها.
وهناك بعض السلع الأخرى تحقق فائدة كبيرة في شرائها مستعملة، والاستفادة بالسعر الرخيص دون ضرر، مثل الألعاب الإلكترونية (السيديهات) أو الكتب أو أدوات تصليح السيارات أو الأخشاب.
أما في حالة السلع التكنولوجية مثلًا، فإن الكثير من العيوب لا تظهر، ولا سيما في الـ"هارد ديسك" والـ"بروسيسور"، ولذا لا ينصح أبدًا بشراء الأجهزة التكنولوجية مستعملة دون ضمان واضح، باستثناء بعض الأجهزة الشهيرة بقوة تحملها مثل "أيلين ويير" على سبيل المثال، وذلك بافتراض استمرار ملاءمة تلك المنتجات التكنولوجية للتعامل مع ما استجد من برامج وتطبيقات.
ولذلك مثلًا يقدم موقع "إي. باي" في العديد من الدول ضمانًا على السلع التكنولوجية المستعملة من أجهزة الحاسوب أو الجوالات وغير ذلك، بهدف تشجيع المستهلك على شراء تلك السلع والتغلب على مخاوفه (المنطقية) وعلى الرغم من زيادة سعر المنتج بسبب مثل هذا الضمان إلا أن إقبال المستهلكين عليها يصبح أعلى لأنها تظل أقل سعرًا من الجديد، بجانب أنه يحظى بضمان مثل المنتج الجديد في الوقت نفسه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}